فيما التفاوض يمضي بجدية تامة بين مختلف الأطراف، بدأت الماكينات الانتخابية عمليات الضرب والجمع والطرح والقسمة التي تفرضها النسبية مع الصوت التفضيلي، والتي تفرض أيضاً تحالفات جديدة تتبدل من منطقة الى أخرى. ويمارس العاملون على انضاج طبخة قانون الانتخاب صمت التفاوض خوفاً من الشياطين الكامنة في تفاصيل الاتفاق. الا أن ثمة تاكيداً من معظم القوى أنه قبل الجلسة النيابية في 12 حزيران تكون الحكومة قد أقرّت مشروع القانون وأحالته على مجلس النواب، وقبل 20 حزيران يكون المجلس قد أقرّ المشروع ومدّد لنفسه تحت العنوان التقني أقلّه حتى آذار 2018.
وأمس عقد اجتماع في “بيت الوسط” ضم الوزير علي حسن خليل والنائب جورج عدوان ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، سبقه في معراب لقاء للدكتور سمير جعجع والوزير غطاس خوري موفداً من الرئيس سعد الحريري حضره الوزير ملحم رياشي. وأشار المتابعون الى اجتماع ليلي في منزل الوزير جبران باسيل يضم النائبين عدوان وابرهيم كنعان ونادر الحريري.
وفي المعطيات المتوافرة ان الاتفاق على قانون الانتخاب لم يتحوّل بعد الى مشروع قانون جاهز. واستبعدت مصادر وزارية أن يطرح على طاولة مجلس الوزراء بعد غد الاربعاء، خصوصاً ان جدول الاعمال لم يوزع ولم يتضح بعد ما اذا كان سيشمله. لكنها لم تستبعد ان يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية اذا تأخر انجاز الاتفاق أياماً.
وأفادت المصادر المتابعة لمسار التفاوض، ان ما اتفق عليه حتى الآن، اضافة الى مبدأ النسبية في 15 دائرة:
– عدم نقل المقاعد باستثناء واحد هو الانجيلي من بيروت الثالثة الى بيروت الأولى.
– عدم خفض عدد مقاعد المجلس من 128 الى 108.
– لا مقاعد للاغتراب.
أما النقاط الأخرى، فلا خلاف عليها، لكنها تحتاج الى بحث في التفاصيل نظراً الى دقتها وهي: طريقة احتساب الصوت التفضيلي، كيفية احتساب النسب والكسور، بتّ مدة التمديد التي يقترحها وزير الداخلية حتى آذار 2018.
وأوضحت المصادر أن ثمة بنوداً غير خلافية تحتاج الى صياغة دستورية لا تزال تخضع لأخذ وردّ وهي بنود الاعلان السياسي الذي يفترض أن يصدر عن بعبدا بالترابط وبالتزامن مع قانون الانتخاب: انشاء مجلس الشيوخ، تثبيت المناصفة في مجلس النواب بعد انشاء مجلس الشيوخ (أي بتجاوز الغاء الطائفية السياسية)، ضبط عملية نقل النفوس الجماعية، واللامركزية الادارية.
ويبقى أن الاتفاق الانتخابي لن يقتصر مفعوله على النيابة، بل سيتمدد إلى أماكن أخرى من طريق تفعيل عمل الحكومة بعد ترطيب الاجواء بين أكثر الافرقاء بغية توفير مزيد من الاستقرار في البلد وجبه المخاطر الخارجية. والثمار التي ستجنى لن تقتصر على ولادة قانون الانتخاب بعد طول انتظار للتسوية التي جاءت متأخرة على حد قول رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط لـ”النهار”، لكنها “كانت مرضية للجميع. خلصنا وتأخرنا، وتطلبت ثلاثة أشهر من تضييع الوقت كنا في غنى عنها”. ولا يخوض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في طريقة احتساب الاصوات، ويتركها للمختصين في فريقه “وأنا لا أتدخل. وفي المحصلة أصبحنا في تفاصيل التسوية التي تمت”.