اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / جمال خاشقجي.. العين السعودية التي تقاوم مخرز السلطة

جمال خاشقجي.. العين السعودية التي تقاوم مخرز السلطة

المدن – ميديا|الأربعاء03/10/2018

Almodon.com

بعد نحو عام على اختياره الرحيل إلى المنفى في الولايات المتحدة، بات مصير الصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي، غامضاً، منذ اختفائه ظهر الثلاثاء بعد دخوله إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، وسط أنباء تحدثت عن اختطافه ونقله إلى السعودية.

ورغم أن خاشقجي (59 عاماً) لا يصنف كمعارض للعائلة الحاكمة في السعودية، إلا أنه يعتبر واحداً من أبرز الأصوات السعودية المنتقدة لسياسات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبات اسماً معروفاً في الإعلام العالمي، مع اتجاهه إلى نشر مقالات دورية في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، وصحف أخرى، انتقد فيها السياسات السعودية تجاه قطر وكندا والحرب في اليمن والحملة السعودية على الإعلام والناشطين المطالبين بمزيد من الحريات.

مشاكل خاشقجي مع السلطات السعودية قديمة. ففي تشرين الثاني/نوفمبر2016، صدر قرار رسمي بمنعه من الكتابة في صحيفة “الحياة” ومنعه من التغريد في “تويتر” والظهور في المحطات التلفزيونية العربية والأجنبية، وفي الندوات والمؤتمرات السياسية، وجرى تعميم هذا المنع على محطتي “العربية” و”الحدث” السعوديتين.

وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية في بيان حينها، أن الكاتب لا يمثل المملكة بأي صفة، وما يعبر عنه من آراء تعد شخصية ولا تمثل مواقف حكومة السعودية بأي شكل من الأشكال. وذلك بعد آرائه السلبية تجاه انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، في حين كانت الرياض تحاول إصلاح علاقتها مع واشنطن، بعد سنوات من الجفاء النسبي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

وبعد 9 أشهر كاملة، أعلن خاشقجي عودته للكتابة من الولايات المتحدة، بعدما اختار الرحيل إلى المنفى بسبب “الأجواء المحتقنة” في منطقة الخليج، لينشر في “الحياة” 4 مقالات فقط قبل أن تصدر الصحيفة، في آب/أغسطس العام الماضي، قراراً بوقف مقالات خاشقجي، نهائياً، على خلفية تغريداته “المتعاطفة مع جماعة الإخوان المسلمين”، والتي تصنفها السعودية جماعة إرهابية. كما انتقد خاشقجي اعتقال الشيخين البارزين، سلمان العودة وعوض القرني، على خلفية اتهامهما بـ”التعاطف مع قطر”.

ولما استأنف خاشقجي نشاطه، عبر “واشنطن بوست”، دعا سلطات بلاده إلى وقف العمل بعقوبة منع الكاتب من ممارسة حقه في الكتابة، كون ذلك يمثّل “تعدياً على الحقوق الأساسية للمواطن”، وقال حينها في تصريحات صحافية: “اخترت الابتعاد من وجه الحكومة حتى لا تضيق بي وأضيق بها”. ورغم ذلك، لم يكن خاشقجي يعرّف عن نفسه كمعارض للنظام السعودي، على غرار شخصيات أخرى، فقال أنه لا يفكر إطلاقاَ بالانضمام إلى المعارضة، وأن “طبيعة الحكم في بلادي لا تسمح بهذه الفكرة، وبالتالي لن أفعلها، المعارض هنا هو معارض للنظام، ومخالف للفهم الشرعي السائد في بلادي، وأنا ولائي للدولة وحكامها”.

موقف خاشقجي من السلطات بات أكثر حدة، في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، عندما نشر مقالاً مفاجئاً في “واشنطن بوست” باللغتين العربية والانجليزية، تحدث فيه عن التطورات التي شهدتها المملكة حينها من حملات اعتقالات شملت عشرات الدعاة والمفكرين والاقتصاديين. وقال إنه كان يلتزم الصمت خلال السنوات الماضية، عند اعتقال “أصدقائه”، خوفاً على حريّته، وعائلته، ووظيفته، لكنه قرر الكلام الآن بعد تركه بيته وعمله في السعودية، وانتقاله للإقامة في واشنطن، حيث بات عليه رفع صوته من الآن فصاعداً في وجه حملة الاعتقالات والقمع في السعودية معتبراً أن “القيام بغير ذلك خيانة لأولئك الذين تم رميهم في السجن”.

بعد ذلك شن الإعلام السعودي حملة شرسة على خاشقجي، الذي وصف بالمعارض الأسود وبصاحب التاريخ الأسود، كما اتهم بـ”بيع الوطن” و”الخيانة” و”تشويه الوطن” و”دعم جماعة الأخوان المسلمين”، و”التآمر” و”الإرهاب”. وغيرها. وازدادت شدة الحملة ضده بعد تعليقاته على القرارات الملكية التي شهدتها السعودية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والمتعلقة باعتقال عدد من أبرز الشخصيات في البلاد، في فندق “ريتز كارلتون”.

خاشقجي المولود في المدينة المنورة، بدأ مسيرته الصحافية مراسلاً لصحيفة “جازيت”، وفي الفترة بين 1987 إلى 1990 عمل مراسلاً لصحف يومية وأسبوعية، حيث قدّم تغطيات نوعية لأحداث أفغانستان والجزائر والكويت والسودان والشرق الأوسط. ونتيجة نجاحاته في تغطية هذه الأحداث، عيّن نائباً لرئيس تحرير صحيفة “أراب نيوز” العام 1999 واستمر في منصبه ذاك حتى العام 2003.

وتنظر وسائل إعلام، آراء خاشقجي، باعتبارها قريبة من دوائر صنّاع القرار في المملكة. ففي العام 2004، تقلد رئاسة تحرير صحيفة “الوطن” اليومية، لكنه أقيل من منصبه بعد 52 يوماً من تعيينه، ليعمل مستشاراً إعلامياً لرئيس الاستخبارات العامة المتقاعد، الأمير تركي الفيصل. وفي العام 2007، عيِّن رئيساً لتحرير جريدة “الوطن” للمرة الثانية، ليُرغَم على الاستقالة العام 2010 من دون الكشف عن الأسباب رسمياً، رغم أن تقارير ذات صلة، فسرت ذلك بنشر الصحيفة بعض المواد التي عارضت فكرة السلفية الدينية.

ولعل أبرز محطات خاشقجي الإعلامية، كانت اللقاءات الحصرية التي أجراها مع زعيم تنظيم “القاعدة” السابق أسامة بن لادن، قبل أحداث أيلول/سبتمبر2001، علماً أنه عيّن العام 2010 مديراً عاماً لقناة “العرب” الإخبارية التي امتلكها الأمير الوليد بن طلال، لكن انطلاقة بثها العام 2015 توقفت بعد يوم واحد فقط.

إلى ذلك، اشتهر خاشقجي أيضاً كمعلق سياسي أساسي في القناة السعودية المحلية، وشبكة “إم بي سي”، وهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، وقناة “الجزيرة”. وأصدر كتباً عديدة، أبرزها “علاقات حرجة – السعودية بعد 11 سبتمبر” و”ربيع العرب زمن الأخوان المسلمين” و”احتلال السوق السعودي”.

اضف رد