روزيت فاضل
النهار
22022018
حرق النفايات خطر ينذر بحالات سرطانية في السنوات المقبلة. (“النهار”)
إذا كانت معالجة بعض المواضيع البيئية تناولت آراء معمقة لبعض الخبراء المحليين، فمن الطبيعي أن يتهم البعض أن ما قالوه له أبعاده السياسية والحزبية أو لديهم طموح ما في عمل ما.
لكن مقاربة الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط لـ”النهار” لا غبار عليها، فالرجل علمي يعطي للمقاربة الطبية إستحقاقها، كل استحقاقها. في عيادته، تناول مخباط أثر النفايات والتلوث في البيئة اللبنانية مشيراً الى أننا “ندفع اليوم ضريبة عدم إكثراث اللبنانيين لصحة بيئتهم”.
بين الجراثيم والكيميائي
“للنفايات تأثيرات عدة”، وفقاً لمخباط. انطلق بمقاربته “من الإزعاج النظري الجمالي للنفايات، التي تصدر منها روائح كريهة تؤثر سلباً على نفسية الانسان”. لكنه نبه من التلوث الجرثومي “ومصدره المياه الجوفية أي مياه الشرب أو من خلال الجراثيم المنتقلة من الذباب والبعوض، التي تغط على النفايات، وتنقلها الى الإنسان أو الى طاولة الطعام”. ولم يستثن مخباط الجراثيم، “التي تنقلها الجرذان والفئران والحيوانات غير الأليفة على غرار القطط والكلاب الشاردة، من النفايات الى بيوت الناس”.
ولكنه شدد أيضاً على “مخاطر التلوث الكيميائي الموجود في مساحيق الغسيل والتنظيف والأدوية الطبية والمواد البلاستيكية في النفايات” مشيراً الى أنها “تتفاعل مع بعضها البعض لتصدر غازات سامة، وهي تتسرب غالباً الى المياه الجوفية وتؤدي الى امراض عدة أبرزها الأمراض الجرثومية”. قال: “يرمي المواطنون بقايا الطعام في النفايات منها بقايا الدجاج، أو لحم الخروف، او قد يلجأون الى وضع حفاضات الصغار أو كبار السن في القمامة، ما يؤدي الى تفاقم الجرائيم في داخلها وتسربها الى المياه الجوفية المهددة لسلامة المواطن”. توقف عند “الالتهابات الجلدية، التي تظهر من هذه البيئة الملوثة”، مشيراً الى أنه يمكن معالجتها ، وهي أمراض لا تقتل الإنسان”.
بخار النفايات.. وقصور الكلى!
توقف مخباط عند “المواد الكيماوية المنبعثة في الهواء ومصدرها بخار النفايات أو غبار الدخان خلال الحرائق أو النفايات الكيماوية” .لافتاً الى أنها “تؤثر سلباً على الفشل (القصور) التنفسي او تزيد من نوبات الربو”. عن تأثير هذه المواد الكيماوية قال: “مما لا شك فيه أن تأثيراتها السلبية تظهر على المدى البعيد، اي في الـ10 سنوات المقبلة”.
وتوقف مخباط عند “مخاطر المعادن النفطية ومنها الزئبق والكوبالت والرصاص، وهي مواد تتسرب من المياه الجوفية وتؤثر سلباً في المدى البعيد على صحة الانسان ومنها ضعف الكلى، ومشكلات حادة في فقر الدم وسواها”.
ونبه من مواد كيمائية أخرى قد تتكون خاصة مع المواد الكلاسيكية والكيماوية المستخرجة من البترول” . منبهاً الى” مخاطر التلوث الصادرة عن مواد “آرموتانية” ستنذر في السنوات المقبلة بالإصابات بحالات سرطانية”. وعما إذا كان للنفايات تأثير مباشر على زيادة مرض السرطان في لبنان قال: “إن تراكم المواد الشعاعية والمواد الكيماوية ستؤدي مع تراكم الوقت ومرور السنوات الى حالات سرطانية”.
هيدي أكبر غلطة!
وخص مخباط جزءاً من المقابلة لمساوئ تنشق دخان المولدات الكهربائية “على الإنسان مباشرة وتأثيرها على جهاز المناعة”. وانتقد “تقصير الجهات المعنية في قياس مستوى كل من الغاز المنبعث من السيارات على صحة المواطنين خلال قيادتهم مركباتهم في عجقة السير في لبنان”. مشيراً الى ان “المسؤولين لا يراقبون مستوى الغازات في كل من معامل شكا او الذوق او الجية، لأن من الضروري قياس مدى تطابقها مع المواصفات العامة لسلامة المواطن”.
عن رأيه في اعتماد خيار المحارق المتداول اليوم من السلطة قال: “هذا القرار هو خطأ فادح تتخذه الدولة في حق المواطن. هيدي أكبر غلطة لأن المحارق تؤذي حياة الانسان وتؤدي الى إصابات بسرطانات عدة في السنوات المقبلة”.
كيف “راح نبلط البحر”!
وأبدى مخباط إستغرابه من التصريحات، التي تطالب بتنظيف نهر الليطاني الملوث، وقال: “هل سنلجأ الى تنظيف النهر من خلال رمي المواد الكيماوية لتنقيته من الجراثيم؟”. ونبه من اعتماد اي نوع من الكيماويات لأنه سيؤدي الى نتائج سلبية على النهر عموماً وعلى البيئة الاجتماعية المحيطة به خصوصاً”. وتساءل عن النهج المتبع لتنظيف البحر من النفايات متسائلاً عما إذا كنا سنبلط البحر أو نعتمد آلية أخرى؟”.