واقعيا، أبرز الاعتراضات جاءت من مواطن لبناني مغترب في المملكة العربية السعودية، ايلي عبيد، الذي وجه رسالة مفتوحة الى المدير العام لطيران الشرق الأوسط محمد الحوت والحكومة اللبنانية، معمماً اياها على الصحافة. وجاء في الرسالة تساؤلٌ صريح من قبل عبيد قال فيه: “هل من المعقول أيها السادة، وأنتم حريصون على تنشيط السياحة الاغترابية أن يكون سعر تذكرة ذهاب وعودة (رياض ـ بيروت) درجة سياحية على متن خطوط طيران الميدل ايست 681 دولاراًللشخص الواحد خلال فترة الميلاد رأس السنة القادمة 2017 ـ 2018 أي بعد حوالى 7 أشهر من تاريخ الحجز في أيار 2017، اي ما يعادل 2414 دولاراً لعائلة مكونة من راشدين وولدين دون 12 سنة؟”. وقارن عبيد بين كلفة السفر عبر “الميدل ايست” والكلفة المترتبة على متن خطوط شركة منافسة، مردفاً أن “تذكرة ذهاب وعودة (رياض ـ باريس) في الفترة نفسها تبلغ 655 دولاراًللشخص الواحد أي 2374 دولاراً لعائلة مماثلة، علماً أن مدة الرحلة الى باريس تبلغ قرابة الـ7 ساعات، فيما لا تستغرق أكثر من ساعتين ونصف الساعة الى بيروت”. وختم عبيد رسالته متسائلاً: “هل هكذا تشجعون المغتربين لزيارة بلدهم الأم؟”.
وعلى عكس وجهة النظر التي يعبر عنها عبيد،والتي قد تكون فردية، فإن آراء مغايرة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي انشغلت في الأسابيع الأخيرة في امكانية حجز تذاكر الطيران بأسعارٍ أقل عبر شركة طيران الشرق الأوسط عبر الانترنت، اذ تتوافر “أفضل العروض والتخفيضات في حجز طيران الشرق الأوسط عبر الإنترنت. ولحجز سهل وبسيط وسريع وآمن، قد يحتاج المسافر إلى بوابة حجز توفر راحة كاملة وثقة في متناول يديه. وتقدّم المواقع الالكترونية “جميع المعلومات عن عروض رحلات طيران الشرق الأوسط، ومساراته الشهيرة، والخدمات الترفيهية على متن الطائرة، ومعلومات الأمتعة المسموح بها، والتحقق من حالة رحلات الطيران”. بدورها، نالت اتفاقية المشاركة بالرمز اهتمام اللبنانيين، والتي وقعتها شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية مع الخطوط الجوية التركية. وسرت الاتفاقية اعتباراً من 15 أيار الجاري، وغايتها توسيع فرص السفر أمام رواد الطائرات على متن كلا الناقلتين. وتعني المشاركة بالرمز “أن تتقاسم شركتان حصة في نفس الرحلة المخصصة لإحدى الشركتين. وهي تسمح لشركات النقل الجوي الوصول إلى أكبر قدر من المدن من خلال شبكة شركات طيران أخرى يتفق معها دون الحاجة لتقديم رحلات اضافية أو تشغيل خط طيران جديد”. وعملياً، تساهم الاتفاقية في توسيع نطاق الشراكات التجارية بين الشركتين وبين لبنان وتركيا وما سيسمح بتسيير ثلاث رحلات يومياً على مسار اسطنبول – بيروت، للخطوط الجوية التركية ورحلتين لطيران الشرق الأوسط.
ردّ الميدل ايست
من جهتها، ترفض شركة طيران الشرق الأوسط جميع الاتهامات التي تطاردها، وتقول لـ”النهار”على لسان مصدرٍ في الشركة، فضّل عدم ذكر اسمه، أنه منذ نحو عامين شهدت الميدل إيست حملة مماثلة ما دفعنا الى تخفيض أسعارنا بنسبة 39%، وتالياً لا يمكن توجيه الاتهامات العشوائية العارية من الصحة. وفي رأي المصدر، “لا يجب أن يغيب عن ظننا أن أسعار البطاقات تراوح ما بين 300 و800 دولار أميركي بحسب المقعد الذي اختاره الزبون والتوقيت الذي حجز فيه، ما يعني أنه من الطبيعي زيادة التعرفة في حال شاء المسافر حجز المقعد متأخراً بعد تقلّص عدد المقاعد المتاحة في الرحلة”. وترلميدل إيست فض الشركة المقارنة بينها وبين شركاتٍ قد لا تؤمن نوعية الخدميات ذاتها التي توفرها الميدل إيست ا، ويقول المصدر في هذا الاطار أن أسطول الشركة حديث جداً وعمره 5 سنوات، وجودة الخدمات استثنائية، ومواقيت السفر مريحة وتناسب الراكب، اذ اننا نسير 3 رحلات يومياً الى القاهرة ودبي في الصبح والمساء، فضلاً عن رحلاتنا الى جدة والرياض ولندن وباريس”. ويتابع المصدر: “نحن لا نجبر الزبون على الاقلاع في أوقاتٍ متأخرة من الليل، كالساعة الرابعة فجراً على سبيل المثال، كما غيرنا من الشركات، وهذا كلّه ما يجب أخذه في الاعتبار عند المقارنة بيننا وبين الخدمات التي تقدمها بعض الشركات المنافسة”. وعن الضرائب التي تفرضها الدول على شركة طيران الشرق الأوسط، يجيب المصدر: “كيف يمكن القول أن التسعيرة باهظة الثمن في حين ان الضرائب التي تفرضها العواصم الغربية منها والعربية مرتفعة جداً كما هي الحال مع لارنكا وعمان والقاهرة وباريس ولندن”.
مكونات سعر التذكرة
اقتصادياً، سعر التذكرة مؤلف من أربعة مكونات، يشرحها لـ”النهار” الخبير الاقتصادي والاستراتيجي جاسم عجاقة. المكون الأول يتمثل في كلفة النقل من بلدٍ الى آخر، الى جانب هامش الربحية التي تتخذه الشركة لها. المكون الثاني له علاقة بالضرائب التي تفرضها الدول والضريبة التي يقتطعها المطار مقابل هبوط الطائرة في مدرجه. فيما يتمثل المكون الثالث، ودائماً وفق عجاقة، في بدل التأمين، اذ أن كلّ طائرة تؤمن على ركابها وعلى هيكلها، وفي حال استجد طارئ تعوّض شركة التأمين على أهالي الضحايا. والمكون الرابع عنوانه العمولة التي تقتطعها مكاتب السفر. وتتمثل القطبة المخفية، كما يقول عجاقة، في أن كلفة المكونات الأربعة مرتفعة في لبنان. ويختصرها بالآتي: “كلفة النقل عالية. الضرائب مرتفعة وستزيد في موازنة 2017. أسعار التأمين الى بيروت مرتفعة لاعتبارها مدينة محفوفة بالمخاطر الأمنية. غياب الرقابة الصارمة من الدولة على أسعار مكاتب السفر”. وعن الخدمات التي تقدّمها شركة طيران الشرق الأوسط مقارنةً بمنافسيها، يقول: “الخدمة تختلف بحسب وجهة السفر، اذ ان رحلة (باريس ـ بيروت) تتوخى شروطاً ملزمة الشركة اللبنانية على احترامها، فيما الخدمات لا تتوافر نفسها في الوجهة الافريقية على سبيل المثال”. واذا كانت الاشكاليات الأربعة التي لخّصت خبايا سعر التذكرة الى لبنان، قد فتحت باب الحل لتساؤلاتٍ تخرج عن عاتق شركة الطيران بذاتها، متى يأتي اعتبار بيروت وجهة آمنة اذاً؟ .