النهار
21092018
نصرالله في خطاب أمام الحشود في الضاحية الجنوبية لبيروت لمناسبة ذكرى عاشوراء (ا ف ب).
ارتسمت معالم ملبدة اضافية فوق المشهد اللبناني المأزوم حكوميا وسياسيا من شأنها ان تحاصر الواقع اللبناني بمزيد من التحديات الشديدة الخطورة حتى لو كانت معظم المؤشرات الواقعية لا تزال تستبعد حتى الآن مواجهة اقليمية عسكرية كبيرة على ارض لبنان. ذلك ان تبادل الرسائل المتفجرة والحارة والتهديدات ذات الأفق الاستراتيجي بين الامين العام ل”حزب الله “ السيد حسن نصرالله ومسؤولين وقادة عسكريين اسرائيلين في يوم ذكرى عاشوراء اكتسب طابعا استثنائيا لجهة نقل التوتر المتصاعد في الميدان السوري عسكريا الى الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية ولو من باب فتح علني للاحتمالات الصدامية المخيفة.
ولعلها المرة الاولى بهذا الوضوح تنتقل ابعاد الضربات العسكرية الإسرائيلية المتعاقبة على مناطق سورية كانت تعزوها الدولة العبرية دوما الى اجهاض عمليات تجهيز ايرانية ل”حزب الله “ باسلحة كاسرة للتوازن فجاءت مواقف السيد نصرالله امس لترد مباشرة على الضربات الإسرائيلية بإعلانه بوضوح ان محاولات اسرائيل اقفال الطريق على هذا التسليح للحزب فشلت وان “ الامر تم وانتهى “ بامتلاك الحزب ما وصفه ب”الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة “ مهددا اسرائيل برد لم تعرف مثله قبلا في حال فرضت حربا على لبنان . هذا التطور الذي ردت عليه اسرائيل بالسنة رئيس وزرائها بنيامين نتياهو وقادة عسكريين محذرة من تجاوز ما سمته “ الخطوط الحمر “ ومتوعدة الحزب برد غير متوقع أضفى على المشهد الداخلي بعدا جديدا يتصل بالإطار الاقليمي الاوسع لازمة تأليف الحكومة ولكنه يستبعد راهنا ان يتسبب بمزيد من تباينات داخلية لان مسالة الصراع مع اسرائيل ومواجه موضوع سلاح الحزب متروكة مبدئيا للحل الوحيد المتاح والقادر على منع التسبب بانقسامات اضافية من خلال الحوار الذي تعهد رئيس الجمهورية مرات عدة رعايته للتوصل الى انجاز استراتيجية دفاعية بعد تأليف الحكومة الجديدة .
في اي حال بدا الواقع السياسي الداخلي مشلولا ومتروكا للمواقف الكلامية من هنا وهناك ولكن من دون اي مؤشرات حيال اي حركة جدية ومجدية في دفع الجمود الذي يحكم مأزق تأليف الحكومة . ويمكن القول ان ابرز المواقف التي تناولت هذا المأزق تكرارا ورسمت علامات قلقة حول مآل الوضع الداخلي في ظل القصور السياسي عن التوصل الى حكومة صدر عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال انتقاله من الديمان الى بكركي امس منهيا اقامته الصيفية في الديمان . اذ ان البطريرك عاود المطالبة بتشكيل حكومة طوارئ حيادية لا تضم ممثلين للافرقاء او وزراء مرتبطين بتكتلات انتخابية بل شخصيات مستقلة . وهي المرة الثالثة على الاقل التي تصدر دعوته هذه منذ جولته الاخيرة في اقليم الخروب قبل ايام ولكنها أكتسبت امس طابعا اكثر الحاحا نظرا الى تذكيره بان ازمة تأليف الحكومة تقف عند مشارف شهرها الخامس من دون حل . واما مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فابرز ما فيها انها راوحت بين نفي ما نشر في حديث صحافي له عن موافقته على زيارات وزراء حزبه لدمشق وتشديده على رفض اي تواصل مع النظام السوري وبين إعلانه تشكيل لجنة برئاسة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لتنسيق الامور بين الحزب والتيار الوطني الحر في الجبل الامر الذي ابرز قلق جنبلاط من الافتعالات الامنية وانفتاحه على التنسيق الأمني مع التيار استكمالا للتهدئة التي شرع فيها الحزب والتيار قبل ايام . وليس واضحا بعد الى اي حد يمكن ان يذهب جنبلاط والتيار في انفتاح سياسي مواز يترجم بدفع عملية تأليف الحكومة علما ان كثرا يرصدون مواقف جنبلاط لهذه الناحية تحسبا لإمكان اتساع رقعة هذا الانفتاح الناشئ حديثا .