اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / تنافس الصدارة بين مفاوضات الدوحة وقمة الرياض

تنافس الصدارة بين مفاوضات الدوحة وقمة الرياض

29-06-2022 | 00:25 المصدر: “النهار”

روزانا بومنصف

الرئيس الأميركي جو بايدن.

الاجتماع غير المباشر بين #الولايات المتحدة وايران في الدوحة بدا كأنه يسابق زيارة الرئيس الاميركي #جو بايدن الى اسرائيل والمملكة السعودية حيث يلتقي دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن والعراق. اذ انه سرق الاضواء المركزة راهنا على الاجتماعات المرتقبة ونتائجها المحتملة التي يتم تكبيرها ربما اكثر مما هو متوقع منها وفق معطيات مصادر ديبلوماسية . تنافس ايران في مواقفها المرن للتفاوض مع الولايات المتحدة على موقع جديد لها في المنطقة في ظل الحاجة الى نفطها في المرحلة القريبة المقبلة بديلا او تعويضا عن النفط الروسي الذي يتم التخلي عنه او تفرض عقوبات عليه. تخشى هذه المصادر ان الولايات المتحدة واوروبا اللتين تدعمان التحالف في ما بينهما ومع اليابان بفعل الازمة الاوكرانية تميلان الى الضغط بقوة اكبر على دول المنطقة من اجل الحصول على دعم الاخيرة لها في المشاكل التي تواجهها مع روسيا والصين في الوقت الذي لا يقدم هذا التحالف امورا ايجابية كثيرة في المقابل لدول المنطقة لقاء ذلك. لا بل ان هذا الضغط يرافقه احتمال الاضرار بالاستقرار في حال لم يتم التجاوب مع هذه الضغوط. فالية عمل الغربيين اقله وفقا ما تراه هذه المصادر مبني على التهديد الضمني بضرورة تنفيذ ما نطلب تحت طائل عدم اثارة غضبنا ولا يجب ان تدفعونا الى هذا الغضب لئلا ينعكس سلبا عليكم . هذه المعادلة من غير المرجح ان تؤدي الى النتائج المتضخمة لزيارة الرئيس الاميركي الى المنطقة ولقائه زعمائها . فجزء كبير من الازمة مع المملكة السعودية ودول الخليج مبني على تراجع الثقة بين الحلفاء التاريخيين فيما لم تر الدول الخليجية في ادارة الرئيس بايدن سوى نسخة غير مطورة لادارة الرئيس السابق باراك اوباما التي حفلت بعلاقات فاترة مع الحلفاء من دول المنطقة . فالمعاناة في التواصل وان كانت استفحلت مع مواقف مسبقة للرئيس الاميركي ربطا بجملة امور من بينها موضوع قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، فانها تبدو على صلة اكبر بالمقاربة التي تعيد تكرارها الادارة الديموقراطية ازاء المنطقة مضافا اليها الاعلان عن الانسحاب الاميركي من المنطقة والتركيز على دول اسيا .

يبحث الرئيس الاميركي عن مكاسب واضحة من زيارته الى المنطقة في مقابل رفع ورقة العودة الى العمل بالاتفاق النووي مع ايران ورفع العقوبات عنها تماما كما اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن رؤيته بضرورة عودة نفط فنزويلا وايران الى الاسواق العالمية . اذ ان اوروبا التي باتت معتمدة بقوة على الولايات المتحدة في حاجة ماسة الى الطاقة من مصادر متعددة باعتبار ان مصدرا واحدا او اثنين لن يكونا قادرين على تعويض مقدار الطاقة المعتمد عليه من روسيا فيما ان دول الخليج تملك قدرات محدودة وغير كافية وحدها للتعويض عن الطاقة من روسيا . وهناك مخاوف لدى الاوروبيين من احتمال التنازل في علاقتهم مع روسيا بعد ان يتعبوا في سعيهم الى ابقاء مجتمعاتهم قادرة على الصمود فيما ان روسيا لا تبدو كثيرة التعب على رغم العقوبات المتزايدة عليها . كما ان القلق الاوروبي نابع من مدى الاعتماد على الولايات المتحدة التي تركز في شكل اكبر على ما يجري مع روسيا والصين . وهذا لا يعني ان هناك رؤية استراتيجية واضحة لدى الدول الغربية ازاء المرحلة المقبلة بل ان جل اهتمامها وتركيزها يتصل باعادة العلاقة مع المملكة السعودية لان هذه الدول تشعر ان المملكة ربما بدأت تخرج من دائرة الحاجة الماسة الى التحالف معها فضلا عن الحاجة اليها من اجل رفع الانتاج النفطي في سبيل خفض اسعار الطاقة لعدم قدرة الدول الغربية على احتمال التضخم على هذا الصعيد . ولكن ليس واضحا في المقابل بالنسبة الى هذه المصادر ماذا يمكن ان تقدم الولايات المتحدة في المقابل لا سيما ان فكرة الاعتماد على الولايات المتحدة بالنسبة الى دول المنطقة لم تعد مطمئنة كثيرا اولا لعدم رغبة الولايات المتحدة في المزيد من الانخراط في المنطقة لا بل الاعلان على نحو واضح التراجع في نسبة الانخراط ومداه . وينسحب ذلك على مؤشرات قدمتها واشنطن من حرب اليمن التي تعني المملكة ودول الخليج في شكل خاص وما استدرج الموقف الاميركي المراعي للحوثيين من زيادة التباعد الى الانسحاب العشوائي من افغانستان كذلك . اذ تواجه الدول العربية وضعا حيث يتعين عليها ان تأخذ مصيرها بيدها من خلال تنويع العلاقات الدولية ومصادر القوة لديها ولو انها لا تتعمد الفكاك عن العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة . والاشكالية الاهم الا يصار الى اعادة العلاقة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة الى حرارتها السابقة في هذا السياق في ظل تحديات غير مسبوقة للزعامة الاميركية على مستوى العالم والتي كانت محسومة خلال الاعوام الماضية باقرار كل من روسيا والصين في حين ان هناك تحفظات كبيرة من انحاء عدة في العالم لدعم الولايات المتحدة من دون تحفظ في ازمة اوكرانيا في حين تتجدد زعامة الولايات المتحدة في العالم الغربي والدول الاوروبية وحدها على نحو غير مسبوق . والنظام الدولي يتغير على وقع كل هذه التطورات وتداعيات التحالفات الجارية في العالم كما في المنطقة .

rosana.boumonsef@annahar.com.lb