محمد حجيري|الأحد24/09/2017
المدن

مسلة السفارة(من ارشيف ديوان الذاكرة اللبنانية)

فمن بعد تمثال باسل الأسد، كرّت سبحت التماثيل والانصاب واللافتات واللوحات التذكارية بإسم الاسد (الاب) وابنه “القتيل”، بين اسم مدرسة من هنا وحديقة من هناك، وقاعة في تلك البلدة ومنصة أو مكتبة في هاتيك المدينة. كانت الشطارة على قدم وساق في حب الأسد والبعث وشبيحته، ففي 12 أيار عام 2000 رفعت الستارة عن تمثال الاسد(الأب) عن بوابة بعلبك بعدما انجزته هيئة انماء بعلبك (يا عين على الانماء) على نفقتها بالتعاون مع بلديتي بعلبك ودورس وأحزب وتنظيمات وطنية وإسلامية. وبلغت كلفته الاجمالية 75 ألف دولار وهو الأول للأسد في لبنان من البرونز وطوله أكثر من ثلاثة أمتار، لنتأمل جيداً من كان يبني التماثيل ومن كان يدفع ثمنها؟! وفي 15 تشرين الأول 2000 شيّد تمثال الأسد في حلبا وسط كلمات زعيم المردة سليمان فرنجية والملياردير عصام فارس وغيرهما، وكلها تتحدث عن “سوريا الأسد” وروح “القائد الخالد” وتضحيات الجيش العربي السوري لاجل لبنان ودولة المؤسسات ودور اميل لحود في بناء الدولة وسوريا الأسد و”البشار”. بدا أن أتباع الأسد في لبنان يقلدون جماعة عبد الناصر في السبعينات، مات الأخير فنصبت تماثيله في بعلبك وقب الياس وبيروت، ومات الأسد فأذعن بعض الممولين لتمويل تماثيله في بعلبك وحلبا وصور وقانا وبلدات لبنانية عدة. كان “انبعاث” النصب الأسدية إشارة إلى موته الجسدي وبقاء اشباحه فوق لبنان، من دون شك أن عهده الطويل “والأبدي” كان مبعث خوف وقسوة ووحشية وصلافة، وهذا لا يعني ان اسلافه بدلوا هذا المسار، بل، كانوا اكثر وحشية في التعاطي الأمني وأقل خبرة في السياسة واستيعاب لبنان ومجرياته وجماعته، وكانت بشائر التمرد على الاسدية في لبنان بدأت في المقالات الصحافية وبعض الأصوات السياسية، وفي العام 2002 وضعت عبوة لتمثال الأسد في حلبا فتضررت قاعدته اضراراً طفيفة، وعثر في مكان الحادث على ورقة تحذر السكان من الوجود قرب مراكز التجمع للقوات السورية.
على أن الحريري (الأب) الذي شُيّدت مسلّة السفارة الكويتية في زمنه، كان اغتياله عام 2005 بداية لاقتلاع تماثيل الأسد من لبنان قبل انسحاب جيشه، ففي 1 آذار 2005، صدرت ردود فعل مستنكرة على الاعتداء على تمثال الاسد في قانا، قال النائب علي خريس “ان الرئيس الاسد يمثل القومية العربية الشريفة والقيادة الرائدة في تاريخ امتنا الناصع”. وفي 15 نيسان 2005، ازال الجيش اللبناني التماثيل والنصب التذكارية لحافظ وباسل الاسد من ساحات ومدن الجنوب. “ففي مدينة صور اقتلع النصب التذكاري للأسد الاب الراحل، وهو لوحة رخامية حفرت على أحد جوانبها صورة الرئيس الراحل… وكانت “الاحزاب والقوى الوطنية اللبنانية قد رفعته في الساحة، وكذلك رُفع تمثال اخر لباسل الاسد من امام مركز باسل الاسل الذي بناه السوريون “عربون وفاء لأهالي الجنوب”… وفي 16 نيسان 2005، وبحسب ما رصدت جريدة النهار، بعيد منتصف الليل باشرت عناصر المخابرات السورية نزع تمثال باسل الأسد في شتورة من قاعدته وسط انتشار كثيف في محيطه متسلحة برشاشاتها ومستنفرة بحيث لم يسمح للسيارات العابرة بالتباطؤ للنظر. اما الصحافيون فجرى ابعادهم من المكان. وفي اليوم نفسه، ازيل تمثال الاسد من بوابة بعلبك وقيل إنه نُقل الى جديدة يابوس… يكتب خالد حمود، وهو مهندس معماري، عن خطورة تغيير معالم الامكنة بطريقة تمحو الذاكرة الجماعية، لارتباط الذاكرة بالامكنة وصوغها للهوية المشتركة للمجتمعات. معالجاً من الناحيتين الاجتماعية والجمالية، اقامة مجسم “ساحة الوطن” في المكان عينه الذي كان ينتصب فيه
