صحف عبرية
القدس العربي نقلا عن إسرائيل اليوم
Dec 14, 2017

الربيع العربي الذي بدأ قبل سبع سنوات مع موجة الثورات التي غيرت وجه الشرق الأوسط، لم يشبه ربيع الشعوب في براغ الذي أدخل الرياح الليبرالية إلى تشيكوسلوفاكيا في الستينيات. عمليا، الربيع العربي لم يأت بالديمقراطية للعالم العربي برغم الجماهير التي خرجت إلى الشوارع وطالبت بالتغيير على أمل أن يضع حدا للأنظمة الطاغية التي حكمت عشرات السنين بقبضة من حديد. في معظم الدول الوضع الآن أسوأ مما كان عليه قبل اندلاع المظاهرات. الربيع العربي زاد الشرخ في المجتمع العربي، زاد الشرخ بين المتدينين والعلمانيين، بين الرسميين والوطنيين، وبيقين بين السنّة والشيعة. كثيرون في العالم العربي، ومنهم صحافيون ومحللون كبار، يتهمون إسرائيل بإفشال الربيع العربي بشكل متعمد، وذلك من أجل عقد تحالفات مع الزعماء العرب ضد إرادة الشعوب.
بدل «الربيع العربي» انتشر مؤخرا مفهوم جديد في وسائل الإعلام العربية وهو «الربيع العبري» ـ التقارب بين الدول العربية وإسرائيل ودفع القضية الفلسطينية إلى الهامش.
هناك إشارات كثيرة على الربيع العبري: قبل بضعة أشهر عبر وزير الاستثمارات الأجنبية في السودان، فاضل المهدي، عن دعمه لإنشاء علاقات والتطبيع مع إسرائيل. كما أن أمير البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة أدان المقاطعة العربية لإسرائيل وقال إن المواطنين في دولته يمكنهم زيارة إسرائيل (هناك بعثة من 24 شخصية دينية جاءت في هذه الأيام لزيارة تأريخية في إسرائيل)، وهناك تقارير علنية عن لقاء بين ولي العهد السعودي ورئيس الحكومة الإسرائيلية، وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي بشكل علني رئيس الحكومة الإسرائيلية وأن مفتي السعودية ينشر فتوى تمنع قتل الإسرائيليين. أيضا رئيس الأركان الإسرائيلي يتم إجراء مقابلة معه في موقع سعودي في الإنترنت.
في الوقت الذي تزدهر فيه إسرائيل وتخترق أسواقا كثيرة في أفريقيا، فإن الدول العربية تتفكك نتيجة الحروب بينها. حسب العرب، معنى ذلك هو أن إسرائيل دولة قوية متنورة، وأساسا لديها ما تقدمه لهم. لهذا هم يلاحقونها.
خلف تصريحات الزعماء، ما يثير الانطباع هو أن العالم العربي لم يخرج عن أطواره عند سماع تصريح ترامب واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل. الفلسطينيون حاولوا بكل قوتهم إيقاظ العالم العربي وتحريض الشعوب، لكن من الواضح أن هذه الجهود فشلت. القضية الفلسطينية لا تهم أحدا تقريبا. كل زعيم عربي منشغل بمشاكله.
عرب المنطقة والزعماء فيها ينظرون في معظمهم للقضية الفلسطينية على أنها عبء. والسؤال هو ماذا جلبت القضية الفلسطينية سوى الحروب والدمار للدول العربية؟ هكذا كان الأمر في الأربعينيات عندما أيد المفتي الحاج أمين الحسيني هتلر وتعاون مع النازيين، وهكذا كان الأمر في 1970 في «أيلول الأسود» في الأردن، وفي لبنان أيضا حيث كان الوجود الفلسطيني هو السبب الرئيسي لاندلاع الحرب الأهلية في الأعوام 1975 ـ 1991، وهكذا حدث على الصعيد السياسي عندما أيد ياسر عرفات صدام حسين عند غزوه للكويت في بداية التسعينيات، وأثار غضب دول الخليج. هذا التوجه يتواصل إلى الآن، عندما يقوم الفلسطينيون بإهانة السعوديين ويفتحون قنوات اتصال مع إيران، وبهذا هم يثيرون ضدهم الكثيرين في المجتمع العربي، لا سيما السعوديين.
عامل مهم ساعد الربيع العبري على الازدهار هو تهديد إيران للدول العربية واستقرارها، ليس حبا لليهود بل بسبب كراهية إيران. دول الخليج تشعر بأنها مهددة من الإيرانيين الذين سبق لهم وحققوا سيطرة في أربع دول عربية هي لبنان وسوريا والعراق واليمن.
الزعماء العرب يعرفون جيدا أن الإيرانيين وضعوا لأنفسهم هدفا هو تصدير الثورة الشيعية إلى العالم العربي، ولا سيما الدول الإسلامية التي توجد فيها طوائف شيعية.
التدخل العسكري والاقتصادي والديني لإيران يعتبر تهديدا استراتيجيا ومسا شديدا بالأمن الوطني لتلك الدول.
كل ذلك وغيره أدى إلى وضع جديد، اعتبر حتى وقت قريب أمرا خياليا. نحن نشهد تسخينا واضحا للعلاقات بيننا وبين الدول العربية المعتدلة، ولا سيما دول الخليج، التي تشكل معنا كتلة واحدة ضد إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.
د. ايدي كوهين
اسرائيل اليوم ـ 13/12/2017