الرئيسية / مقالات / مقالات مختارة / تذمُّر “الحزب” من باسيل وَعَدَ عون بإنهائه بعد الانتخابات

تذمُّر “الحزب” من باسيل وَعَدَ عون بإنهائه بعد الانتخابات


سركيس نعوم
النهار
23062018

محرّكات تأليف الحكومة متوقفة في رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد أعلن ذلك أمام عدد من الاعلاميين فنقلوه الى الشعوب اللبنانية بحرفيته. وامتناع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عن التحرّك بنشاط لتذليل العقبات التي تحول دون تأليف الحكومة، التي ستسمح للرئيس ميشال عون ببدء عهده رغم أنه بدأ رسمياً قبل نحو سنتين، لا يدلّ على عدم استعماله ولأسباب متنوعة ولكنه يدل على صعوبة العقبات وعلى العجز عن تذليلها جرّاء صراعات الداخل والتناقض الفاضح بين باطن مواقف الأطراف السياسيين وظاهرها. هذا فضلاً عن الصراع بين القوى الاقليمية المتصارعة في المنطقة وفي لبنان وعليه وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، وعن عجز الحلفاء اللبنانيين للأولى عن التحلّل من ارتباطاتهم بها لأسباب معروفة وعن عدم رغبة الحلفاء اللبنانيين للثانية في التخلي عن تحالف معها جعلهم الأقوى في لبنان وحوّلهم قوة عسكرية إقليمية يُحسب لها ألف حساب. أما امتناع رئيس الجمهورية عن المبادرة الى حل العقد المعروفة رغم رغبته المعلنة في قيام حكومة جديدة يعتمد عليها لتنفيذ مشروعاته التي ستجعل من عهده انموذجاً للعهود الرئاسية الناجحة، فناجم عن أمور عدة منها كون فريقه السياسي أو بالأحرى حزبه “التيار الوطني الحر” إحدى هذه العُقد وبموافقته. ومنها أيضاً أن الدستور والقوانين والأنظمة لا تسمح له بالتصرف كما يريد وأن منعاً لأزمة حكومية قد تتحول سياسية ثم وطنية فمذهبية وطائفية. فرئيس الحكومة المكلف ليس مقيّداً بمهلة دستورية لتأليف حكومته. ومن شأن ذلك تمكينه من الانتظار ضاغطاً أو مضغوطاً عليه شهوراً وربما سنوات. ورئيس الدولة لا يستطيع إعفاءه من التكليف، وفي ظل ذلك كله يعيد الأفرقاء السياسيون في البلاد وخصوصاً الأقوياء منهم حساباتهم. ومن هؤلاء الفريق الأقوى لاستئثاره وحليفه الثابت لأسباب متنوعة لا محال لزوالها في هذه المرحلة من تاريخ لبنان والمنطقة بتمثيل طائفته، وبحلفاء ثابتين من طوائف ومذاهب أخرى يؤمنون له ثلثاً ضامناً أو بالأحرى معطلاً في مجلس النواب. هذا فضلاً عن حليف مسيحي له قوي داخل شعبه لا يستطيع في رأي المطلعين الخروج من فلكه لأسباب عدة، أبرزها المكافآت السياسية وغير السياسية التي أعطاه إياها وكان آخرها رئاسة الجمهورية، وذلك تقديراً منه للدعم الذي وفّره له منذ عام 2006، والذي أعطاه توازناً سياسياً في الداخل مكّنه من تعزيز تفوقه الأمني والعسكري على الجميع. طبعاً أثار تصريح قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الحاج قاسم سليماني عن امتلاك “حزب الله”، وهو الفريق الأقوى المقصود أعلاه، أكثرية مطلقة في مجلس النواب من 74 نائباً امتعاض الكثيرين ومنهم الحليف المسيحي الأقوى للحزب. ودفع نواباً فيه وأقطاباً الى التأكيد على استقلالية حزبهم الذي قد يكون رئيسه يحاول نسج تحالفات جديدة “تناقض” حلفه التاريخي مع “الحزب” تداركاً لتطورات إقليمية قد تحصل. وربما يحمل ذلك قادة “حزب الله” الى عدم النوم على حرير تحالفهم مع “التيار الوطني الحر”. ورغم ذلك فإن قدرته الآن على الابتعاد عن صاحب الأفضال عليه ليست كبيرة، ولذلك فإن الأكثرية المطلقة للثنائية الشيعية قد “تكون على القطعة” كما يُقال. أي تتأمن عندما تتفق مع “التيار الحر” على مشروع قانون ما أو موقف ما، وتنحسر الى ثلث ضامن أو معطّل عند الاختلاف على أي منهما.

في أي حال يبدو استناداً الى العارفين المتابعين تحرّك “حزب الله” أن قيادته تراجع مرحلة “التحالف” مع العونيين ومرحلة وصول زعيمهم الى قصر بعبدا بكل ما تخللها من تطورات وأحداث، وتحاول انطلاقاً من ذلك معرفة الموقف الفعلي لهؤلاء إذا كان ذلك ممكناً، من أمور عدة وداخلية وإقليمية ودولية تلافياً لمفاجآت غير سارة. كما أنها تضع لكلّ احتمال خطة معالجة وطريقة للدفاع عن النفس والمكتسبات التي لا تستطيع بل لا تريد التفريط فيها.

هل من معلومات عن المراجعة التقويمية التي يجريها “حزب الله”؟

المعلومات المتوافرة عند هؤلاء العارفين تشير الى أن مواقف رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل باستفزازاتها وصلت في أثناء الحملة الانتخابية الى حد لا يُصدّق. فكلامه كان مسيحياً صرفاً بل طائفياً صرفاً. وبدا من خلاله أنه يستعدي اللبنانيين كلهم بل الطوائف اللبنانية كلها من اسلامية ومسيحية على الشيعة وخطاباته كانت مُهيّجة. والتعليمات التي أعطاها الى مسؤولين في حزبه طلبت منهم استعمال لغة طائفية استفزازية في خطاباتهم ومواقفهم في حملتهم الانتخابية أي قبل موعد الانتخابات في 6 أيار الماضي. وتشير المعلومات إياها الى نسج “التيار الحر” تحالفات هجينة من أجل الاستئثار بالتمثيل المسيحي. وكان الهدف ضرب حليف “الحزب” النائب سليمان فرنجيه. علماً أن لولا غيابه عن جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية بناء لطلب من قيادة “الحزب” لكان هو رئيساً اليوم لا عون في جلسة انتخاب مكتملة النصاب.

وكان الهدف الثاني ضرب الدكتور سمير جعجع رئيس “حزب القوات اللبنانية” عدو “حزب الله” أو خصمه وعدو باسيل أيضاً و”تياره” أو خصمهما. والغاية النهائية كانت الاستئثار بالساحة المسيحية زعامةً وقيادة وجمهوراً، والانطلاق من ذلك لفرض نفسه رئيساً للجمهورية ليس على “شعبه” فقط بل على “شعوب” لبنان كلها.

في هذه المرحلة أوصل أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله الى عون تذمّره من كلام باسيل وأعماله وطلب منه التدخل. فكان الجواب: “هناك مشكلة داخل “التيار”، ومشكلة داخل “العائلة”. خلّيها لبعد الانتخابات منحلّها”.

هل حُلّت؟

sarkis.naoum@annahar.com.lb

اضف رد