مروان اسكندر
النهار
02032018
أفضل تلخيص لارقام موازنة 2018 قدمه الدكتور غازي وزني في مقابلة مع “النهار” نشرت في عدد يوم الجمعة 23 شباط 2018.
يقدر عجز الموازنة العامة ب7565 مليار ل.ل يضاف اليها نحو 500 مليار ل.ل. نفقات اضافية لهيئة الاغاثة وحاجات امنية ما يجعل العجز يفوق 8000 مليار ل.ل، وهو يبين ان الحكومة ميزت بين أرقام الموازنة العامة واموال الخزينة وفصلت عجز الكهرباء عن ارقام الموازنة، وهذا العجز يقدر بـ2100 مليار ل.ل يرجح ان يرتفع الى اكثر من 3000 مليار ل.ل بسبب ارتفاع اسعار النفط والمشتقات التي تستعمل كلقيم. ويستنتج ان أرقام الموازنة العامة والخزينة ستزيد عن ارقام السنة المنصرمة 3700 مليار ل.ل بما فيها زيادة خدمة الدين العام1328 مليار ل.ل.
من المؤكد، استنادًا الى هذه الارقام وخصوصاً عجز الكهرباء الذي يمكن بالفعل اطفاؤه من طريق اعتماد سياسات عملية وشفافة، أن لبنان لن يحصل على معونات بل قد يحصل على ارتباط باستثمارات مفيدة.
بداية لا بد من التشديد على معطيات رقمية لقطاع الكهرباء حاليًا وما يمكن ان يصير في حال استئجار باخرة أو بواخر بطاقة 800 ميغاوات.
الكهرباء اليوم متوافرة لـ92 في المئة من العائلات اللبنانية و91 في المئة من المؤسسات العاملة، ذلك ان الطاقة العاملة لدى مصلحة كهرباء لبنان توازي 1600 ميغاوات يقابلها طاقة 1500 ميغاوات يشغّلها القطاع الخاص مقابل رسوم على المستهلكين توازي للقطاع الخاص ثلاثة الى أربعة اضعاف المستحقات لمصلحة كهرباء لبنان التي تتقاضى رسوماً متدنية لاستهلاك الكهرباء.
ماليًا، تحصل مصلحة كهرباء لبنان على 650 مليون دولار من عائدات الجباية سنويًا مقابل تكاليف تبلغ 2.8 ملياري دولار.
والمولدات الخاصة تؤدي الى تحصيل 1.6 مليار دولار سنويًا.
أما خسائر تأمين الكهرباء من مصلحة كهرباء لبنان للمستهلكين، حسب تأكيد وزير الطاقة في تاريخ 17/2/2018، فتوازي نسبة 48 في المئة من الانتاج سواء لتغطية الخسارة التقنية في الانتاج وغير التقنية (أي السرقات) والعجز عن تحصيل عائدات فوترة متكاملة.
بينما لا تتجاوز خسائر المولدات الخاصة المشبوكة مباشرة بمناطق الاستهلاك نسبة 4 في المئة من انتاجها.
وتوازي تكاليف انتاج الكهرباء لمصلحة كهرباء لبنان بما فيها تكاليف الباخرتين المستأجرتين 23.7 سنتاً للكيلووات/ ساعة حسب دراسة الاستاذ منصور بطيش عن قطاع الكهرباء المنشورة في كتيب عام 2015 ولو أحسن قراءته لما وصلنا الى ما نحن عليه.
الكيلووات/ في ساعة المتوافر للمستهلك من مصلحة كهرباء لبنان تبلغ كلفته الحقيقية 33 سنتًا للكيلووات/ ساعة بعد احتساب نسبة الخسارة على الشبكات لاسباب متنوعة أشرنا الى بنودها.
ان هذه الكلفة ستستمر ما دامت معالجة اسباب الهدر غير محققة وهذا الامر يعني ان عجز الكهرباء من مصلحة كهرباء لبنان، وخصوصاً مع ارتفاع اسعار النفط عن مستواها عامي 2015- 2016، سيتجاوز ثلاثة مليارات دولار.
هذه النتيجة الحتمية لاستئجار بواخر اضافية ستحول دون اقدام عدد من الدول المدعوة لمساندة حاجات لبنان في مؤتمر باريس عن الاسهام – إلا بالنزر اليسير – في تغطية حاجات بلد يبدد ثلاثة مليارات دولار ودينه العام تجاوز 80 مليار دولار، وموازنته التي اعتبرت انجازًا عام 2017 لم تحقق أي وفورات، علمًا ان لجنة المال والموازنة ورئيسها ابراهيم كنعان كانت توقعت وفرًا على مستوى 1080 مليار ل. ل. ما يوازي 760 مليون دولار ولم تتمكن من تحقيق وفر بعشرات ملايين الدولارات.
إن امكان توفير الكهرباء للبنانيين بتكاليف تزيل العجز كليًا – وهذا الامتحان المطلوب للحصول على مساعدات – متوافر لدى شركة تأجير مولدات نقالة تملكها شركة تابعة لشركة “جنرال الكتريك” العملاقة، وهي متوافرة من قدرات شركة الكهرباء الفرنسية، التي في المناسبة يملك 45 في المئة من اسهمها مساهمون من القطاع الخاص، والشركة البريطانية التي توفر الطاقة في زحلة وجوارها مقابل 16 سنتًا للكيلووات/ ساعة، الامر الذي يؤمن للمستهلكين كلفة اقل بنسبة 30 في المئة من الدفع لمصلحة كهرباء لبنان والمولدات الخاصة.
في إمكان الشركات الثلاث تأمين كامل حاجات اللبنانيين، مواطنين عاديين او اصحاب مؤسسات صناعية وتربوية واستشفائية وسياحية الخ، مقابل 12-13 سنتًا للكيلووات/ ساعة، ويمكن تحقيق هذه النتيجة خلال ثلاثة أشهر اذا عقدت الحكومة العزم على تحقيق الوفورات بدل التوجه الى خيار البواخر ذات الكلفة المرتفعة.
ان الفاتورة الحالية لتأمين الكهرباء – وهي متوافرة لـ92 في المئة من اللبنانيين – توازي قبل اي تعاقد على بواخر اضافية 2.8 ملياري دولار تكاليف مصلحة كهرباء لبنان التي يتحمل نسبة 75 في المئة منها الشعب بزيادة الدين العام، و1.5 مليار دولار اشتراكات المولدات الخاصة.
وتوازي كلفة الطاقة الكهربائية حاليًا 4.3 مليارات دولار وفي حال تعاقدنا على استئجار بواخر بطاقة 800 ميغاوات تصبح الكلفة أكثر من 5.3 مليارات دولار سنويًا، ناهيك بالتأثير البيئي المضر. ومعلوم ان المولدات النقالة الحديثة لا تنتج منها نسبة تلوث مقارنة بالمعامل المتقادمة القائمة، والبواخر المستأجرة، كما ان المولدات النقالة يمكن توزيعها على مناطق عدة فيكون التلوث بنسب أدنى وغير مركز في مناطق تعاني كثافة دخان المعامل.
ان الوفر الممكن تحقيقه من تكليف أي من الشركات الثلاث المشار اليها تأمين الكهرباء من مولدات نقالة يؤدي الى اختصار تكاليف تأمين الكهرباء بما يوازي ملياري دولار على الاقل سنويًا، ونصف هذا المبلغ يمكن تحقيقه هذه السنة اذا عالجنا الموضوع بالسرعة المطلوبة وحينئذٍ يتوافر البرهان لمن قد يريدون مساعدتنا على ان نبدأ بمساعدة انفسنا.
من المؤكد أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تتشجع على مساندة حاجات لبنان اذا اخترنا ان ننتج حاجاتنا من الكهرباء بواسطة شركات خاصة. والكويت التي كانت عرضت عبر صناديقها تمويل حاجات تجهيز مصانع الكهرباء في لبنان عام 2011 وواجهت الرفض لان لدينا مخصصات بـ1.2 مليار دولار انفقناها على زيادة تجهيز معمل الزوق بـ170 ميغاوات واستئجار الباخرتين، قد تعود الى الاهتمام بتمويل انشاء معامل حديثة في لبنان خلال السنوات المقبلة.
لقد تجمد انجاز معمل دير عمار الذي تم التعاقد في شأنه منذ عام 2013 وتوقف العمل عليه بسبب اختلاف على استحقاق الضريبة على القيمة المضافة – التي تزيد الكلفة 50 مليون دولار تذهب من وزارة الطاقة الى وزارة المال. هذا العذر السخيف الذي عبرنا عن سخافته كتابة وفي مقابلات تلفزيونية منذ عام 2015، حاز التصنيف ذاته من وزير الطاقة الحالي في مؤتمر عقده الحزب التقدمي الاشتراكي يوم السبت 17/2/2018، اذ قال ان هذا التبرير السخيف للتأخير غير مقبول.
نرجو ان تكون هنالك شجاعة قرار لاصلاح وضع الكهرباء بالمولدات النقالة بداية وخلال سنتين الى ثلاث سنوات انجاز معامل جديدة بتكاليف مقبولة وتمويل كويتي وعربي ودولي واستعمال الغاز لقيماً.