الرئيسية / home slide / تحديات أمنية بعد انتهاء مفعول ضخ الدولار!

تحديات أمنية بعد انتهاء مفعول ضخ الدولار!

يحاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استباق نهاية مفاعيل اجراءات ضخ الدولار من المصرف المركزي في السوق اللبنانية خلال ايام او اسبوعين على الاكثر وفق ما يرتقب الجميع قبل ان يعود سعر الدولار الى التحليق مع ما يمكن ان يرافقه من ردود فعل غاضبة لدى اللبنانيين قد تنفجر في اعمال تخريبية اذا دخل على خطها تخريبيون كما في 6 حزيران. هناك مسؤولية يتردد انها رميت في خانة قوى امنية لبطئها في قمع عمليات التخريب وترك الامور تأخذ مجراها على نحو ترك مفاعيل سلبية وان هناك عتبا تبادله قادة امنيون على هذا الصعيد، وذلك في الوقت الذي باتت الامور رهنا في المرحلة المقبلة بأمرين: احدهما احتمال ابداء القوى الامنية رد الفعل المطلوب من اجل ردع اي تكرار لانتفاضة 17 تشرين الاول اذا انهارت قيمة الليرة اللبنانية على نحو كبير ومتزايد. والاخر احتمال تغاضيها عما يمكن ان يحصل اللهم باستثناء اعمال تخريبية ضخمة وذلك نتيجة ان الانهيار المالي لا يعفي القوى الامنية على اختلافها من الانعكاسات والتداعيات بحيث يصعب على العناصر الامنية عدم الشعور بالغضب والثورة كما اللبنانيين جميعا بعدما تضاءلت رواتبهم الى اقل من ثلث رواتبهم الاصلية. وهذا هو التحدي الذي يواجه رئيس الجمهورية نتيجة ان الاستقرار الامني مهدد بالتراجع بعدما كان يعتبره انجازا مثبتا ومؤكدا في عهده فيما انهار الاستقرار السياسي في موازاة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والحسابات السياسية طغت على الرؤية الابعد المتعلقة بمصير البلد وابنائه. ولا يعتقد سياسيون ان انعقاد اجتماع وطني في بعبدا سيكون هو الدواء للمسار الانحداري الذي تسلكه الامور لانه لم يتم دق ناقوس الخطر على قاعدة ان ما يواجهه البلد يتطلب مقاربات مختلفة. هذه المقاربات قد تحتمل مجموعة اجراءات على قاعدة البحث عن افضل السبل التي يمكن ان توحي للناس الثقة وتعيد ترتيب البيت الداخلي. ففي ازمات مصيرية من هذا النوع يقارب المسؤولون الوضع ربما باجتماع وطني شامل انما على قاعدة ان يكون مؤتمرا يتم التفاهم فيه على بنود ونقاط يتم تنفيذها وتعطي املا للناس ان هناك من يضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة سيتم متابعتها تحت طائل تحمل مسؤولية الانهيار كاملة في عدم التنفيذ. ولم يتم التحضير لهذا النوع من المؤتمرات لان اجتماعا يصنف وطنيا لساعات محدودة قد يتاح للبعض فيه الادلاء برأيه او لا سيعطي مفعولا عكسيا على قاعدة ان الطبقة السياسية تعود للتوافق على حساب الناس وليس من اجلهم سيما في ظل انهيار يصعب الحؤول دون حصوله. وهذه هو الحد الادنى الممكن ما لم تقارب الامور على قاعدة اجراء تعديلات وزارية مهمة او تغيير الحكومة لا سيما وان واقع الحكومة الحالية اسفر عن عجز كلي لا يتصل بكفايات وزراء بل بعدم اتاحة القوى السياسية التي تقف وراء الحكومة ان تتخذ اي اجراء اصلاحي ومواجهة هذه الاخيرة حائطا مسدودا خلاصته ان الخطة الانقاذية التي اعتبرها رئيس الحكومة ابرز انجازاته تنسف ارقامها من مجلس النواب وتوضع ضوابط جدية للمفاوضات التي تنوي القيام بها مع صندوق النقد الدولي في ابرز مؤشر على التشكيك والطعن فيها.

وفي مؤشرات اخرى قد يكون تغييرا كبيرا يلحق بدائرة مستشاري رئيس الجمهورية نتيجة مقاربات ضيقة الافق وشخصية دليلا على رغبة في نسف المسار الذي تم اعتماده في الاعوام الاربعة الاولى من ولايته والتي تقترب من نهايتها معطوفة على مواقف حاسمة تعطي مؤشرات للداخل والخارج بما يطمئنهما معا الى ان ما تبقى من ولايته لن يكون على غرار ما انتهى منها. لا يمكن رئيس الجمهورية التفرج على المزيد من التدهور خلال هاتين السنتين. واذا كان التغيير كتغيير جوهري ليس مقبولا او متاحا فان بقاء العناوين نفسها ومنها ما تم التأكيد عليه خلال الاشهر الاولى من عمر “حكومة العهد الاولى” التي يرأسها حسان دياب على صعيد رفض الاصلاحات وتعزيز المواقع لن يتيح تعاونا وطنيا في اجتماع قد يحصل او لا يحصل لان المشكلة ابعد من ذلك. ثمة خطابان اساسيان ينتظر الاستماع اليهما احدهما لرئيس الجمهورية يقوض الكثير مما دفعه اليه محيطه او يصححه عبر خطوات رمزية قوية كتوقيع التشكيلات القضائية ووضع ملف الكهرباء قيد عنايته المباشرة للاصلاح بسرعة واحداث تمايز فشل في تأمينه بين الدولة و”حزب الله” رغبة منه في تأمين الرئاسة لصهره من بعده على ذمة كل السياسيين وزوار قصر بعبدا الذين يفاتح رئيس الجمهورية غالبيتهم بمدى الدينامية التي يتمتع بها الوزير جبران باسيل وقدراته جنبا الى جنب مع اعتباره انه يتعرض لانتقادات غير منصفة بحسب رأيه. وما لم يستدركه رئيس الجمهورية هو الانذار الذي حملته انتفاضة 17 تشرين الاول والغضب الذي عبرت عنه فتمت مواصلة المحاصصة ووضع اليد على مقدرات البلد كما لو ان شيئا لم يحصل فعلا بخطاب يرمي المسؤوليات على الاخرين فيما المنتظر خطاب مسؤول برسائل قوية للداخل والخارج لاستعادة الثقة. والاخر من الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لان الجزء الاهم مما يواجهه لبنان يرتبط بما يدفع لبنان اليه سواء كان يعتبر ان الامر يخدم مصالحه وايران معه على المدى البعيد او لان لبنان يدفع ثمن سيطرة الحزب وابعاده عن محيطه اضافة الى حاجته الى تغطية طائفية ورسمية لم تنته حتى الان الا الى تقويض البلد وفتحه على احتمالات خطيرة بحيث ستعاني بيئة الحزب كما سيعاني اللبنانيون من جميع الطوائف والاحزاب حتى لو اعتبر الحزب انه يواجه حملة اميركية وعقوبات تستهدفه فتصيب اللبنانيين مع فارق ان بيئته من اللبنانيين واميركا كدولة لا تهمها سوى مصالحها ولا ينتظر ان ترعى مصالح اللبنانيين على عكس ما يفترض بالحزب القيام به.

يجب الاقرار بان اجتماع بعبدا لن يكون كافيا باي معايير للايحاء بالثقة للناس فيما المطلوب وعلى مقياس ما يمكن القيام به داخليا، وهو كثير نسبيا، التنازل جوهريا على مستويات اهم واكثر فعالية لمصلحة انقاذ ما تبقى.

rosana.boumonsef@annahar.com.lb