الرئيسية / home slide / تبادل رسائل أم مفاوضات العودة الى الاتفاق النووي؟

تبادل رسائل أم مفاوضات العودة الى الاتفاق النووي؟

02-03-2021 | 00:24 المصدر: النهارالدكتور ناصيف حتي

تبادل رسائل أم مفاوضات العودة الى الاتفاق النووي؟ 

لم يكن مفاجئا لا بل كان متوقعا ان سياسة #الادارة الاميركية الجديدة في #الشرق الاوسط، وبالاخص في “الملف” الاميركي الأهم، لانعكاساته الاقليمية المتعددة، وهو الملف ال#ايراني، لن تأتي كاستمرار لسياسة ادارة ترامب التي قامت على المواجهة والتصعيد، خصوصا على مستوى الخطاب، من دون ان تأتي بالنتائج التي تمناها او انتظرها المؤيدون لتلك السياسة، “سياسة الضغوط القصوى”. كما ان من المنتظر، وهناك الكثير من المؤشرات الى ذلك، ألّا تكون هنالك عودة الى السياسة “الاوبامية” التي اعتبرها منتقدوها سياسة تقوم على التكيف غير المشروط او السهل الشروط تجاه النووي الايراني، فيما رأى مهندسوها انها تقوم على استراتيجية الانخراط الديبلوماسي مع الخصم. جملة من التطورات والمتغيرات الشرق الاوسطية والاميركية والدولية دفعت الادارة الجديدة الى الحديث عن اهمية الاستفادة من دروس استخلصتها من السنوات الماضية منذ توقيع #الاتفاق النووي “لتعزيز” هذا الاتفاق. كما تهدف الى إدراج ملفين آخرين الى جانب الملف النووي يحظيان بدعم اصدقاء واشنطن وحلفائها على الصعيدين الدولي والاقليمي، وهما ملف الصواريخ البالستية الايرانية والدور الايراني في المنطقة. ولا يعني ذلك وجود قرار اميركي يتضمن خطة حول كيفية إحداث هذا الربط، وتالياً لا توجد استراتيجية اميركية غربية مشتركة حتى الآن (الاطراف الغربية الثلاثة: فرنسا بريطانيا المانيا، والاتحاد الاوروبي ايضا) حول هذا الامر. في لعبة العصا والجزرة المستمرة، تقوم ايران بتخصيب اليورانيوم الى مستوى العشرين في المئة، واذا لم يحصل اي تطور ايجابي من وجهة نظرها -الامر الذي يعني عودة الولايات المتحدة الى الاتفاق- “قد” تستمر ايران في التخصيب الى المستوى الذي يسمح بعد ذلك بالوصول الى “عتبة الدخول الى النادي النووي”. وخلال فترة قد تستمر عاما، اذا شاءت ذلك، تكون قادرة على انتاج رؤوس نووية (ما يُعرف بالخيار الياباني).  الاطراف الاوروبية المعنية تحاول التوسط بين الطرفين ولو عبر اجتماع غير رسمي يعقد لهذا الهدف. كما تدفع نحو القيام باجراءات بناء ثقة متوازنة ومتبادلة وتدريجية بين الطرفين (على سبيل المثال، خفض تدريجي للعقوبات مقابل عودة ايران الى وقف التخصيب فوق السقف المسموح به في الاتفاق وهو ما رفضته طهران). ولكن مقابل اعلان واشنطن الرغبة في العودة الى الاتفاق، وافقت طهران على تمديد نشاطات التحقيق والمراقبة التي كانت قد اوقفتها، لفترة ثلاثة اشهر، والتي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاجراء بناء ثقة تعتبره واشنطن غير كاف.  في موازاة الرسائل الديبلوماسية المتبادلة بواسطة التصريحات او عبر اطراف ثالثة بشأن احياء الاتفاق النووي والاصرار الغربي مقابل الرفض الايراني، من دون اي تحديد اميركي غربي لصيغة الربط بين هذه الملفات الثلاثة التي اشرنا اليها سابقا (النووي، الباليستي والنفوذ الايراني) وكيفية تحقيق ذلك، يبقى السؤال حول مستقبل الاتفاق النووي في ما لو رفضت ايران ادراج هذين الملفين الاخرين على طاولة المفاوضات ايا كانت الصيغة المقترحة لإحداث هذا الربط ، وهو الامر الذي اعلنت ايران رفضه مرارا. وعلى صعيد آخر، يمتد “مسرح المفاوضات على الارض” بين الطرفين، تلك المباشرة وبالوكالة، من اليمن الى لبنان وهو ككل مسرح مفاوضات في العالم، يتأثر ويؤثر بالمفاوضات الجارية حول الطاولة ايا كانت الصيغة التي تتخذها هذه المفاوضات . في اليمن جاء القرار الاميركي برفع الطرف الحوثي عن لائحة الارهاب والذي كان منتظرا من طرف الادارة الحالية بغية الدفع والتسريع بالحل السياسي وكأنه انتصار وتغيير في موازين القوى لمصلحة هذا الطرف وحلفائه. وجاء القصف الحوثي لأهداف على الاراضي السعودية كرسالة في هذا السياق. وفي العراق، مع التغيرات السياسية التي قامت وتقوم بها السلطات الحالية التي تعمل على بلورة سياسة خارجية ناشطة ومتوازنة، خارج لعبة المحاور المكلفة للعراق – من خلال الانفتاح على الدول العربية وتوثيق العلاقات معها والعمل على الحفاظ على العلاقات مع واشنطن والحوار مع حلف الاطلسي- تأتي عمليات القصف لاهداف اميركية في بغداد الى جانب القصف في اربيل كرسالة واضحة الى واشنطن. ويأتي الرد الاميركي “المعلن عنه” رسميا، في شرق سوريا، مسرح الحرب الرئيسي في الاقليم، على الحدود مع العراق ضد ميليشيات عراقية حليفة لايران. وفي لبنان تبقى ازمة تشكيل الحكومة في جزء منها، وهو ما تستفيد منه بعض الاطراف، اسيرا لرهانات خارجية حول نتائج المواجهة الايرانية – الاميركية الراهنة، واعتماد كل مكون سياسي لبناني على انتصار حليفه بالتفاهم مع الآخر او بانكسار وتراجع الآخر.   فهل يبقى الشرق الاوسط اسير هذه المواجهات/المفاوضات المباشرة وتلك التي تجري بالوكالة، للتوصل الى اجراءات بناء ثقة بالتوازي والتوصل الى اعلان نيات بغية الذهاب الى ما سمّاه وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن “تعزيز الاتفاق ومد فترته الزمنية” وموضوع الصواريخ الباليستية والنشاطات الايرانية “المزعزعة للاستقرار” بحسب الوزير بلينكن. اخيرا يبقى السؤال قائما وبرسم الجميع: اليس اهل الاقليم من دول عربية معنيين بشكل اساسي، الى جانب القوى الدولية، بصياغة العلاقات في الاقليم والتوصل الى بلورة “مدونة سلوك” تنظم العلاقات بين الدول وتحكمها بغية بناء نظام اقليمي “دولتي” طبيعي كبديل من نظام الفوضى الاقليمية القائم حاليا؟ ام يبقى العالم العربي مسرحا استراتيجيا لصراعات الآخرين بشعارات مختلفة؟!