الرئيسية / مقالات / بين كلام الرئيس على الإفلاس والتطمينات هزّ الاستقرار لإضعاف “حزب الله”؟

بين كلام الرئيس على الإفلاس والتطمينات هزّ الاستقرار لإضعاف “حزب الله”؟

سابين عويس
النهار
26032018


لا تقلل الحمى المستعرة عشية حسم اللوائح الانتخابية في السباق الى استحقاق السادس من أيار، خطورة ما نقله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عن ان البلد مفلس وفي حاجة الى الجميع لضبط المال والفساد. وخطورة الكلام انه يأتي في أعقاب كلام مماثل لرئيس الجمهورية غداة اقرار مشروع موازنة السنة الجارية، عندما اعتبر انه لولا الإجراءات المقترحة في المشروع – وهي لم تتحول الى قانون نافذ بعد – لكان لبنان سبق اليونان (بالإفلاس).

والواقع ان كلام رئيسي الجمهورية والحكومة على الافلاس يدحض تطمينات يجهد حاكم مصرف لبنان على اطلاقها، ويلتقي مع حملة تهويل داخلية بإمتدادات خارجية تستهدف الاستقرار النقدي والمالي في البلاد، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول ما يحمله كلام الرئيسين، وهل هو في سياق استسهال توصيف الوضع المالي والاقتصادي من دون الأخذ في الاعتبار ما يرتبه مثل هكذا استسهال على ثقة اللبنانيين عموماً والمودعين والمستثمرين في شكل خاص، او انه يأتي في سياق رفع المسؤولية على طريقة “اللهم اشهد انني بلغت”، او في سياق الضغط للدفع نحو اتخاذ إجراءات من شأنها ان تطلق رسائل إيجابية نحو الخارج على أبواب انعقاد مؤتمر الدعم الدولي في باريس في ٦ نيسان المقبل؟

أياً تكن الأسباب الكامنة وراء كلام رئيسي الجمهورية والحكومة، فهو لا يساعد على احتواء مشاعر القلق المتنامية في الاوساط الداخلية، بما انه يقتصر على توصيف وضع ولا يعطي بدائل أو خيارات بإستثناء التعويل على مؤتمر “سيدر” لتوفير تمويل خارجي جديد كفيل بضخ سيولة “طازجة” في السوق عبر تنفيذ مشاريع بنى تحتية. كما ان اخطر ما في الكلام، انه يخالف تطمينات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الذي انتقل الى استراتيجية جديدة في مواجهة حملات التشكيك بالوضع المالي والنقدي، حرصاً منه على توفير كل عناصر الاطمئنان التي يحتاج اليها اللبنانيون وسط موجة التخبط في تحليلات وتقارير وكتابات صحافية تنبئ بقرب الانهيار.

ففي آخر اطلالة إعلامية له في منتدى “كونفيكس” الاقتصادي وفي حضور رئيس الحكومة، ادلى الحاكم بمجموعة من المؤشرات والمعطيات مستنداً الى آراء وتقارير مؤسسات دولية، فضلاً عن تصنيف مؤسسات التصنيف الدولية للبنان وآخرها “ستاندرد اند بورز” التي ابقت على نظرتها المستقرة.

وفي اعتقاد الحاكم، ان تعداد المؤشرات الدولية تجاه لبنان تضفي المزيد من الصدقية والشفافية على واقع الوضع اللبناني بحيث يأتي التوصيف والتصنيف على لسان المؤسسات الدولية التي تتحمل مسؤولية حيال تقويمها وتوصياتها.

وفي هذا السياق، لا تخفي مراجع نقدية قلقها من استمرار الاستهداف الممنهج للاستقرار النقدي والمالي، كاشفة عن وجود جهات خارجية تعمل على هذا الامر ولديها أدواتها في الداخل.

اما السبب فتعزوه الى اقتناع هذه الجهات بأن أي خضّة نقدية ستؤدي الى إضعاف “حزب الله”. وهي نظرية تنقلها المراجع، مشيرة الى ان السلطات النقدية تقوم بحملة معاكسة هدفها دحض هذه النظرية والتأكيد على ان نتائج أي خضّة مماثلة لن تكون إضعاف الحزب بل تقويته، مع تأكيدها أن الحزب لا يريد هذا الامر ويعمل على تحييد القطاع المالي اللبناني عنه، للحؤول دون أي محاولات لربط الجهاز المصرفي او المالي بعملياته المالية.

وتعود المراجع بالذاكرة الى ما قبل ثلاثة أعوام، تاريخ بدء هذه الحملات، لتكشف ان المصرف المركزي ادرك ان ما يحصل ليس ظرفياً بل يدخل ضمن سياق ممنهج للنيل من الثقة ومن الاستقرار، الامر الذي دفعه الى اتخاذ احتياطاته واللجوء الى هندسات مالية تعزز قدرته على الصمود والمواجهة. وتذهب المراجع ابعد عندما تقول انه لولا تلك السياسات لما كان لبنان نجح في تجاوز أزمة استقالة الحريري قبل اشهر قليلة، مشيرة الى ان القطوع انقضى بكلفة بلغت ملياري دولار!

ولم تستبعد المراجع استمرار الحملات الرامية الى تحطيم معنويات الناس، لكنها تستدرك بالقول ان ردة فعل السوق تكذّب هذه الحملات، ما يؤكد ان المناعة لا تُكتسب بفعل الاداء السياسي المحلي، وإنما نتيجة تقويم دولي مقبول ما زالت عليه المؤسسات الدولية ولا سيما وكالات التصنيف، مدعوماً بمظلة دولية داعمة للاستقرار… حتى الآن.

sabine.oueiss@annahar.com.lb

اضف رد