هل يمكن للثقافة أن تعود بمردود بعدما اعتادت أجيال من اللبنانيين على ترداد قول شهير “ما بتطعمي خبز “، للقول إن الثقافة تورث أهل الثقافة الفقر الذي لا يرحم. فهل من جديد يمكن أن يغيّر هذه القناعة؟
في 29 حزيران الحالي سيرعى رئيس مجلس الوزراء #سعد_الحريري في السرايا الحكومية احتفال إطلاق الخطة الخمسية للنهوض الثقافي الذي يقول عنها وزير الثقافة غطاس خوري لـ “النهار” بأنها “ستحقق مردوداً اقتصادياً واجتماعياً، وتطلق دينامية في القطاع السياحي بما يوفر فرص عمل واعدة”. فكيف سيكون ذلك؟
بداية يشير الوزير خوري الى الثروة التي يتمتع بها لبنان على مستوى المناطق الاثرية على مختلف الاراضي اللبنانية، والتي يتوافر في عدد منها الشروط اللازمة لإدراجها على لائحة التراث العالمي. لكن هذه الثروة يجب أن تترافق مع جهد رسمي يتمثل بإنشاء مسارح ومراكز فنية ومكتبات عامة مما يولّد فرص عمل وسيكون التمويل على عاتق الدولة والهيئات الدولية المعنية.
ويكشف وزير الثقافة النقاب عن مشروع طموح في مدينة بيروت بدأت تباشيره باستملاك الدولة عقار الـ “لاند مارك” في ساحة رياض الصلح حيث تشير الدراسات الى ان مدرسة الحقوق الرومانية الشهيرة تقع في قطعة الارض هذه، فإذا ما تبيّنت معالم هذه المدرسة بعد الحفريات يجري تحويلها الى معلم سياحي على خريطة العاصمة. وعلى مقربة من هذا المكان تقع “حديقة سماح” المجاورة لكاتدرائية مار جرجس المارونية والممتدة حتى ساحة النجمة. وستوجه الوزارة طلباً الى شركة سوليدير كي يتم تحضير الحديقة لتصبح جزءاً من المشروع الثقافي الذي يطمح الى تحويل بيروت عاصمة عالمية للثقافة، على أن يترافق ذلك مع إنشاء متحف بيروت المؤلف من أربع طبقات مع حديقة أركيولوجية تتيح للزائر أن يتعرّف إلى مختلف الحقب التاريخية التي عاشتها المدينة منذ فجر التاريخ.
هل ستنجح خطة النهوض المنوي إطلاقها؟ يجيب وزير الثقافة بثقة أن لبنان يتمتع بمؤهلات توفر له إمكانات استقطاب وجذب الى مثل هذه المشاريع. وسيحظى زائر المدينة بسياحة ثقافية مرموقة تضاف الى امكانات العاصمة السياحية على صعد أخرى. ويعطي الوزير خوري مثلاً على تعطش البلاد الى البعد الثقافي ما حصل مع المتاحف التابعة للدولة. فتبيّن ان المتحف الوطني الشهير الذي يقع في المنطقة التي تحمل اسمه أي منطقة المتحف ببيروت مع غيره من المتاحف يستقبل على مدار السنة خمسة آلاف زائر، لكنها إستقبلت فور الاعلان عن فتح متاحف لبنان بالمجان أمام الجهور 12 الف زائر، لا سيما تلامذة المدارس في رحلات نظمتها إداراتهم للتعرف إلى تاريخ وطنهم.
يعتقد الخبراء أنه بالامكان تسويق لبنان بالابعاد الثقافية كما يحصل في أقطار عدة في العالم. ومن شأن هذا التسويق إذا ما جاء في إطار سياسة متكاملة أن يحقق مبتغاه في تطوير البنى الثقافية عموماً التي تعود بالنفع على لبنان، وخصوصاً النفع المادي.
في سياق متصل، علمت “النهار” ان المكتبة الوطنية التي أصبحت في الصنائع مكان كلية الحقوق اكتملت بمساعدة قطرية. لكن المسؤولين قرروا تأجيل افتتاحها حتى يتم ذلك في حضور رسمي قطري، الأمر الذي يحتاج الى بعض الوقت كي تعبر الازمة الناشئة بين قطر وعدد من الدول الخليج ومعها مصر. ان عشاق المعرفة يأملون ان يكون موعد انفراج هذه الازمة قريباً.
ahmad.ayash@annahar.com.lb