عقل العويط
المصدر : النهار
02112017
أكتب هذا المقال لمناسبة مرور مئة عام بالتمام والكمال على “وعد بلفور “في 2 تشرين الثاني من العام 1917.
وأنا أكتبه عمداً، لا للتحدث عن المؤامرة الدولية ضد فلسطين والفلسطينيين. ولا لإطلاق الشتائم في حقّ البرطانيين والغربيين عموماً. ولا للرثاء. ولا أيضاً للبكاء على الأطلال.
أكتبه عمداً، لهدفٍ واحد، هو توجيه الجهود والضغوط اللبنانية والعربية والإنسانوية في العالم، كلها، بلا استثناء، لفرض إقامة الدولة الفلسطينية، باعتراف دولي كامل، لا نقصان فيه.
هل ثمة جهودٌ وضغوط فعلية، لا كلامية، تصبّ في هذا الاتجاه؟
لا أعتقد أن ثمة شيئاً رصيناً من ذلك، يجري العمل عليه، سرّاً أو علنا.
الصهيونية تريد فلسطين كلّها.
هذه الصهيونية الكريهة والمقيتة، طالِع بإيديها. لأن لا أحد يقف في وجه مشاريعها التوسعية والاستيطانية.
هذا العالم الجبان المتواطئ، لا يفعل شيئاً ضدّ الاغتصاب الصهيوني الإسرائيلي المتواصل كلّ يوم، شبراً وراء شبر، زيتونةً بعد زيتونة، وبيتاً في إثر بيت.
هل يجب أن أتحدث عن “الجهد” العربي في هذا الشأن؟
الأفضل أن لا. خلّيها مستورة.
مثل هذا “الجهد” غير موجود البتة. وهو، على كل حال، ليس في حساب أحد من العرب. ولا من غير العرب.
ماذا أقترح؟
أن يدعو الرئيس اللبناني فوراً على عقد قمة عربية طارئة، مخصصة لأجل هذا الغرض، وفي هذه المناسبة بالذات.
جدول الأعمال: إقرار خطة عمل ديبلوماسية (هل يجب الاكتفاء بالعمل الديبلوماسي، أم يجب إعداد “خطة ب”… حربية، غير انفعالية وغير عشوائية؟)، منهجية، عقلانية، مدروسة بتأنٍ وهدوء وروية وبعد نظر؛ خطة ضاغطة تصاعدياً، بالوسائل وبالإمكانات الفكرية والثقافية والمعنوية والسياسية والاقتصادية والمالية المتاحة، لإجبار المجتمع الدولي على وضع حدّ لهذه الدعارة العالمية المنظّمة، ولانتزاع الاعتراف باستقلال فلسطين، وبإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي العام 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ودفع التعويضات الناجمة عن عمليات التهجير والتجريف والاحتلال.
الأنظمة العربية، والقادة العرب، مشغولون بأمور أخرى. “أتفهّم” انشغالاتهم البالغة الأهمية، إلى الحدّ الذي يجعلهم ينسون فلسطين وقضيتها.
هم، في حقيقتهم المخزية، لا يريدون سوى نسيان هذه القضية. ودفنها تحت سابع أرض. والاكتفاء بإطلاق الشتائم والتنديد بالمؤامرة الصهيونية – الأميركية – الدولية.
دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، بحدود العام 1967: هذا هو الحلّ الوحيد المشرّف للجميع.
بدون هذا الحل، وبدون إعداد خطة “يا قاتل يا مقتول” لإجبار المجتمع الدولي برمته على الاعتراف بدولة فلسطين، أياً تكن النتائج المترتبة على ذلك، ستضيع فلسطين كلها، ولن يبقى فلسطيني واحد في فلسطين، بل ستُجرى لهم عمليات “ترانسفير” بالقوة، عاجلاً أم آجلاً.
مرةً ثانية، أسأل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية أن يدعو إلى عقد مثل هذه القمة.
للتذكير، “وعد بلفور” هو الاسم الشائع الذي أُطلق على رسالة وجّهها آرثر جيمس بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917، أي في مثل هذا اليوم، قبل مئة عام، إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد وُجِّهت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين.
يُشار أخيراً إلى أن الإحصاءات والمعلومات التاريخية المعروفة والمنشورة أينما كان، تؤكد أن تعداد اليهود في فلسطين عند صدور “وعد بلفور” كان لا يزيد على خمسة في المئة من مجموع عدد السكان.
فاعتبِروا!
akl.awit@annahar.com.lb