29-06-2021 | 00:49 المصدر: النهار


الدولار (مارك فياض).
حتى في امسيات الاحد، وهو يوم عطلة في لبنان، لا يتوقف العمل في #منصّات تسعير الدولار في #السوق السوداء. اسمها يدل عليها، سوق سوداء، تعمل في الخفية، وفي ظلام الليل تحيك المؤامرات وتنفذ سياسات لا تخلو من اجندات خارجية، وان طغى عليها طابع الاطماع الداخلية والمتاجرة بالوطن.
قبل سنة تماماً، كتبنا في “النهار” عن تلك المنصات المجهولة الهوية، والتي تتحكم بكل الرقاب، وتعمل لمصلحة نافذين، هم غالباً ما يشكلون المافيا الحاكمة، اذ يحوطون، بل يحاصرون اصحاب القرار لتحقيق الارباح الخيالية، وهو تماماً ما يحصل في لبنان حالياً.
لكن المؤسف انه رغم تحري اجهزة امنية متعددة عن الامر، وفق تصريحات سابقة، وتكليفات رسمية، ورغم تباهي الامن بالقدرة على تتبع المكالمات والرسائل المتناقلة عبر الهواتف الذكية ورصد التحركات، ونجاحه في تعقب الارهابيين والمهربين، وقيام مكتب جرائم المعلوماتية بالتلهي باستدعاء ناشطين معروفي الهوية والعنوان، لا يعلن اي جهاز امني عن خبر تعطيل عمل المنصات، بل وتوقيف اصحابها، الا، اللهم، اذا كان يتوافر لهؤلاء المضاربين على العملة الوطنية، غطاء سياسي – امني مشترك، اذ صار تداخل كبير ما بين السياسة والامن، وهو مرجح لكفّة الامنيين الذين يتعاطون في السياسة في مختلف وجوهها.
قبل عام، اعلن عن اقفال عدد من المنصات الالكترونية، لكنها ما لبثت ان اعادت اطلاق عملها من مواقع اخرى، وعبر حسابات جديدة، لم يعمل اي جهاز على اعادة توقيفها، ما يوحي بانها مافيا كبيرة تعمد الى غض النظر، والضغط على الاجهزة الامنية او استرضائها بطريقة او بأخرى.
امس خرج رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب عن صمته، ليعرّي عمل الامن والقضاء معاً، معلناً عجزه وحكومته التي تصرّف الاعمال عن ابتداع حلول طالما ان الاجهزة المعنية لا تقوم بواجبها في هذا المجال، خصوصاً انها لا تخضع له، ولمن سبقه، ولمن سيخلفه، اذ يتلطى بعض الاجهزة بالمظلة السياسية التي تحولها جزيرة وسط جزر دولة لبنان.
ماذا قال دياب: أن البلد كله، الدولة ومؤسساتها، مصرف لبنان و 64 مصرفا، وشركات ومحلات و6 ملايين نسمة، تتحكم بهم منصة أو منصات تحدد سعر الدولار وترفعه وتخفضه، ولا أحد يعرف المعايير لارتفاع أو انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء. كيف نقبل على أنفسنا أن منصة مجهولة، لا نعرف من يديرها، ولا نعرف من وراءها وما هي أهدافه، أن تتحكم بمصير دولة وشعب؟ إنه لشيئ غريب”.
وتابع: “هل يعقل من سنة ونصف السنة إلى اليوم لم نستطع أن نعرف شيئا عن هذه المنصات، ولم نستطع إيقافها، ولم نقم بشيء لمواجهتها؟ هل يعقل أن هذه المنصات أقوى من القضاء والأجهزة الأمنية والمعلوماتية؟ هل يعقل أن هذه المنصات أقوى من الدولة؟ هل يعقل أنه ليس لدينا قدرة على تعطيل هذه المنصات؟ ما يحصل هو خارج حدود المنطق. منذ سنة ونصف سنة ونحن أسرى منصات تحدد مصير ومستقبل وطن وشعب. لذلك، اليوم أردت أن أعقد هذا الاجتماع لكي نضع حدا لهذا الفلتان الذي يحصل بتسعير الدولار من منصات سوداء لديها أهداف مشبوهة وتدفع البلد نحو الإنفجار”.
رئيس حكومة تصريف الاعمال حدد هدفاً قد يساعده في التهرب من المسؤولية، خصوصا اذا ما تم تقاذف المسؤوليات، كما حصل في جريمة المرفأ. لكنه في الوقت عينه اسير مافيا اكبر منه بكثير، ويديرها من بيدهم السلطة الفعلية لا حكومة حسان دياب. الكلمات الدالة