06072017
bintjbeil
بدأ أكثر الإنجازات التي حققها الإنسان، في سيرورة حياته وتطور أنماطها، بحلم وتبلور فكرةً لامست صميم إحتياجاته، فحولها لاحقاً، بإصراره وعزيمته إلى واقع. فماذا لو كانت الفكرة تمثل حلاً لمعظم مشاكلنا الحياتية؟ أكثر الإنجازات التي حققها الإنسان في سيرورة حياته وتطور أنماطها، بدأت بحلم، وتبلورت فكرةً لامست صميم احتياجاته فحولها لاحقا، بإصراره وعزيمته الى واقع، فماذا لو كانت الفكرة تمثل حلا لمعظم مشاكلنا الحياتية؟
إنها فكرة ثورية لو عممت وتم تنفيذها وتطويرها وتعميمها لن تفيدنا في ما نواجه من موجات حر غير معهودة وظواهر مناخية متطرفة فحسب، بل قد تساهم بشكل كبير في إنقاذ الأرض وهي تئن تحت وطأة تغير المناخ وتفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، وما يرافقهما من نتائج تطاول الانسان وتبقيه رازحا تحت عبء الأمراض التي تتكاثر يوما بعد يوم. في ما نشهد من تطور دراماتيكي على مستوى المناخ والصحة، بدأنا نتوق للعودة الى الطبيعة، إلى حياة أجدادنا، إلا أن متطلبات الحياة أصبحت أكبر، لكن تخيل لو كنت تعيش في منزل يغنيك عن تكاليف الخدمات الأساسية التي تثقل كاهلك وتستنزفك للأبد، تأكل مما تزرع فتضمن جودة ونوعية وسلامة غذائك، تولد الطاقة بنفسك وتستغني عن فاتورة المولد والاشتراك الرسمي، وتبعد عنك مصادر التلوث الذي يقتلك، تخيل لو أنك تستفيد من مصدر متجدد للمياه تستهلك جميع الموارد بشكل أقل وبطريقة لا تؤثر على حياتك في أي بقعة من بقاع الأرض. هذا المنزل الثائر على التمدن الملوث هو حتما يلبي كل احتياجات سكانه المتناسبة مع هذا العصر ومع احتياجات اللبناني خصوصا في ظل أزمات المياه والكهرباء والنفايات.
أول نموذج في لبنان
سينفذ أول نموذج لمنزل ذات اكتفاء ذاتي في بسكنتا (قضاء المتن) ، وسيكون الأول من نوعه في لبنان والشرق الأوسط، فبحسب مهندس المشروع وصاحب الفكرة المهندس نزار حداد “يمكننا استخدام الموارد من حولنا في بنائه، ويمكن أن تكون هذه الموارد طبيعية المتوفرة في موقع البناء من التربة والصخر والقش والنفايات التي نراها ذهبا ان تم اعادة تدويرها، ويمكننا ايضا توفير الراحة الحرارية من خلال تقنية تخزين الطاقة الموسمية ، وتخزين الامطار واعادة استعمالها بالاضافة الى اكتفاء ذاتي نباتا”. وقال: “لاحظنا تجاوبا كبيرا من الشباب فور عرضنا فكرة المشروع عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ما يؤكد على حاجة الشباب وتطلعاتهم لهكذا بيت، أو ملاذ مريح يوفر احتياجاتهم، وإن تطلب بعض التكاليف عند التنفيذ، ولكنهم سيستفيدون أكثر بكثير لاحقا”، وأشار إلى أن “الفكرة منذ البدء يجب ان تكون بمتناول الجميع لأنها حق كل انسان”.
وأضاف حداد: “اقتبسنا فكرتنا من تقنية استعملت في سبعينيات القرن الماضي بهدف الاستغناء عن النفط في تبريد وتدفئة البيوت بواسطة مواد صديقة للبيئة، كما يمكننا استخدام الموارد من حولنا في بنائه”. وبحسب بول بارودي الشريك في المشروع، فإن “هذا المنزل يهتم بنفسه إنه آلة حيوية مستمرة فتحول كافة استعمالاتك لمصدر منتج في مكان آخر”، وقال: “زرنا اندونيسيا وتطوعنا في بناء منزل مشابه في فترة ثلاثين يوما”، ويضيف بارودي “ان بناء هكذا منزل يستنفذ وقتك ومالك، لكنه بالنتيجة مفيد ومستدام، وسنثبت من خلال تنفيذه انه باستطاعتنا العيش في منزل فاخر قائم على اعادة التدوير وعلى مواد طبيعية بالكامل”.
المشروع من النواحي التقنية
نادين مظلوم وهي شريكة في هذا المشروع، قالت : “في العام 2014 ولدت فكرة مشروع بناء بيت مستدام حين رأى المهندس نزار حداد فيها حلا كاملا ومتكالما لمختلف الأزمات التي نعيشها في بلدنا، ومع تطور الفكرة انضممت أنا وبول بارودي الى حداد لنصبح فريق عمل من ثلاثة أشخاص نعمل سويا على التنفيذ، إيمانا منا وليقيننا ان التلويث يبدأ من بيوتنا من استعمال الاسمنت الى التجهيزات التي تستنفد الطاقة من المازوت والتدفئة والتبريد والكهرباء، وهذا السبب الذي دفعنا نحو تبني الفكرة وتطويرها للحد من التلويث الحاصل”.