الرئيسية / home slide / “برج بابل” تأليف الحكومة

“برج بابل” تأليف الحكومة

17-06-2021 | 00:08 المصدر: النهار

غسان حجار 
@ghassanhajjar

قطع الطرقات بالاطارات المشتعلة

 قد لا يكون الوقت مناسباً للبحث في اعادة النظر في اتفاق الطائف لانقطاع التواصل بين المعنيين، في الداخل اللبناني، وايضا مع القوى التي رعت اقراره، وتالياً يعتبر الوقت غير مناسب للاتفاق على مشروع بديل في ظل ربط الوضع اللبناني بوضع المنطقة المتأزم، ولو تجري مفاوضات علنية وغير علنية. لكن الوقت ايضاً قد يكون الأنسب لأن الحلول في لبنان لا تاتي الا على “الساخن”، وبالتالي فان سخونة الوضع التي قد تتحوّل حماوة تساهم في الدفع باتجاه البحث عن بدائل باتت ضرورية. وباتت الشكوك كبيرة بان ثمة من يدفع باتجاه الانهيار الكلي لاعادة رسم خريطة لبنان السياسية بعد مئة سنة على ولادة لبنان الكبير، الذي ولد بنكهة مارونية، انضمت اليها ارادة سنّية لاحقاً زمن الاستقلال، وابقت الشيعة على هامش المعادلة قبل ان يتحولوا كرة ثلج تتدحرج انتقاماً للماضي .  الحملة على الرئيس ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل وفريقهما السياسي، وهي محقّة في بعض جوانبها، لا تدع مجالاً للتفكير المنطقي، علماً ان عناد الرجلين، ومن دون وجه حق احياناً كثيرة، يساهم في تأزيم الاوضاع وتعطيل الحلول ومحاولة ابتداع أعراف جديدة يعلم القاصي والداني انها غير ممكنة الا باتفاق مع قوى الامر الواقع في البلد، ومن بيده الحل والربط بعد زوال الوصاية السورية المباشرة، وخلاف ذلك ينقلب ازمات ساهم عون وباسيل في انتاجها من خلال ورقة التفاهم التي انتهت مفاعيلها، وتظهّر ذلك اخيراً بالتوكيل الشرعي من نصرالله لبري الخصم الاول للرئيس وصهره  وما تبعه من تصريحات ومواقف للطرفين. لكن الحقيقة ان بيان بعبدا (اول من امس) الذي خاطب رئيس مجلس النواب من دون ان يسميه مباشرة، فيه نوع من المنطق والقانون، لان مبادرة الرئيس نبيه بري، ليست قانونية، ولا صلاحية له في التأليف، الذي يجب ان يحصل باتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بموجب استشارات نيابية، يتبلغ نتائجها رئيس المجلس، ولا يحق له الاشتراط في عملية التأليف ولا ابلاغ المعنيين بحجز حقيبة المال للطائفة الشيعية. وبالتالي فان الرئيس بري غير ذي صفة في التاليف، ويحمل توكيلاً وتكليفاً ايضا من شخص غير ذي صفة، هو الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي اوكل اليه المهمة، وصار بري ايضاً متحدثاً باسم الرئيس المكلف ألذي الغى دوره في هذا الشأن.  وعلى بيان بعبدا، جاء الجواب سريعاً من عين التينة، فشهر الرئيس بري سيفه، مذكراً رئيس البلاد بانه يخالف القوانين ايضاً بمطالبته بحصة وزارية لا تجوز له، وان كان واقعاً ممثلاً للطوائف المسيحية في معادلة صارت مثالثة مع الثمانيات الثلاثة، ويحق له الاشتراط، كما يحق للحريري ايضا اكثر منهما لانه دستورياً المسؤول الاول عن الحكومة، وهو ينجح بها، ويسقط معها. علماً ان التركيبات الحكومية “التوافقية” لا تمهّد له طريق النجاح.  النظريات شيء، والواقعية، خصوصاً اللبنانية، شيء اخر. والجميع يخالف القوانين، وان كانوا يتمسكون ببعضها ظاهراً، وفقاً لأجندات ظرفية. من هنا تبرز الحاجة الملحة لتسوية تتيح لاحقاً الشروع في درس تعديل دستور طواه الزمن، قبل ان يطوي الاخير الجمهورية اللبنانية التي تغرق كالتيتانيك ولكن من دون موسيقى كما صرح وزير الخارجية الفرنسي قبل مدة. الكلمات الدالةبرج بابل