اخبار عاجلة
الرئيسية / أضواء على / بخور”سيدة يانوح” يرتفع غدا مستعيدا ذكرى من “اعطوا مجد لبنان”

بخور”سيدة يانوح” يرتفع غدا مستعيدا ذكرى من “اعطوا مجد لبنان”

دنيز عطالله حداد
2017 Sep 08
نقلا عن ليبنيز كورا

ارتفعت كنيسة يانوح من جديد لتعود الى ما كانت عليه منذ 1350 سنة.

حجارتها، مذبحها، مقاعدها المخصصة للمرضى والاطفال، الصليب الماروني المحفور على الصخر، كلها عادت الى مكانها الاول.

وها هي اول كنيسة بطريركية مارونية على اسم “سيدتنا مريم ام الله” تتحضر غدا ليعاد تكريسها على يد البطريرك الماروني بشارة الراعي. في هذه الكنيسة أقام البطريرك  الماروني الرابع يوحنا مارون الثاني وتلاه 20 بطريركا آخر. اسماؤهم ومدافنهم ترقد تحت تلك الكنيسة وفي جوارها. وعلى رغم غياب الوثائق التاريخية المفصلة عن تلك المرحلة، ما خلا بعض البرآت البابوية، الا ان الاكيد ان عن مثل هؤلاء قيل “عصيهم من خشب وقلوبهم من ذهب”. والبطاركة هم على التوالي: يوحنا الدملصي، غريغوريوس الاول، اسطفانوس، مرقص، اسابيوس، يوحنا الرابع، يشوع الاول، داوود، غريغوريوس الثاني، تافيليوس، يشوع الثاني، دوميطيوس، اسحق، يوحنا الخامس، سمعان، ارميا الاول، يوحنا السادس، شمعون الاول، شمعون الثاني ويوسف الجرجسي.

قبل سنة، وتحديدا في 10 ايلول 2016 واثناء زيارة البطريرك الراعي الى جبة المنيطرة تمنى المونسنيور عبدو يعقوب على البطريرك ان يلقي نظرة على تلك الكنيسة المدمرة والمخفية تحت اكوام من الاتربة وسنين الاضطهاد والنسيان. لبى البطريرك ونظر الى ما أمكن مشاهدته وعند القائه عظته  كلف المونسنيور عبدو يعقوب بترميم الكنيسة. يتذكر المونسنيور يعقوب ذلك قائلا ل “ليبانيز كورا” انه “ما  ان انهى البطريرك كلمته حتى بدأ الناس يتوافدون عليّ. هذا يعرض بحصا وآخر يتبرع بعمله وثالث يقدم كذا ورابع يقدم كذا وكذا.  ولم يتأخر رئيس البلدية ملكان قزحيا البعيني بملاقاة طلب البطريرك هو الذي يؤكد ل “ليبانيز كورا” ان “الاضاءة على يانوح وتراثها كان حلمالدي اعمل على تحقيقه منذ انتخابي رئيسا للبلدية عام 2004. هي خطوة اولى اتمنى ان تستتبعها خطوات اخرى، وان تعود يانوح مقرا بطريركيا ، ولو صيفيا”.

في 20 ايلول توجه المونسنيور يعقوب برفقة البعيني الى بكركي الذي سلم البطريرك رخصة الترميم فبادر الاخير باصدار مرسوم الترميم فورا وتكليف يعقوب بالمتابعة والاشراف.

لم تكن مهمة المونسنيور سهلة. واذا كانت الصعوبات المادية تكفل بحلها مؤمنون بلغ عدددهم 23 شخصا سيكرمون غدا في الاحتفال، فان تحديات وعراقيل غير متوقعة كادت ان توقف استكمال الترميم، ابرزها كما يشير يعقوب “من مديرية الآثار التي حاول مديرها ايقاف المشروع تحت اعذار واهية واضاليل”. يضيف “لكن مقابل ذلك، كانت العناية الالهية تتدخل في كل المراحل. فاخي المهندس الذي تبرع بعمله وجد بالصدفة 25 عاملا سوريا يعملون في ترميم الآثار وقد تدربوا مع بعثات اجنبية وسبق ان رمموا كنيسة في طرابلس ودير مار روكز في الدكوانة. معظمهم من براد وكفرنابو وعائلاتهم سريانية الاصل، لكنهم مسلمون”. يتحدث بايمان عميق معددا عشرات المرات التي تدخلت فيها العناية الالهية “حتى في المنام”.

ونهضت الكنيسة من تحت الانقاض. لم يستخدم في اعادة بنائها اي حجر جديد. جميع حجارتها كانت مدفونة تحت اطنان من تراكمات السنين. حتى المذبح اعاد العمال المهرة ايجاد اجزائه وجمعها.

وجد المونسنيور يعقوب بين كتبه كتابا للبطريرك الرحماني عنوانه “هندسة الكنائس المارونية قبل الجيل العاشر”. منه تعلم الكثير. وفيه ان “الكنائس القديمة كانوا يجرون لها الماء بساقية. بحثنا ووجدنا الساقية التي تصل الى باب الكنيسة. هناك كان الناس يغسلون وجوههم وايديهم قبل الدخول الى الصلاة، وهناك كانوا يعمدون ابناءهم”. يضيف” لم يتغير شيء في الكنيسة. فالناس كانت تصلي وقوفا. اما المقاعد في داخلها على الجانبين فمخصصة للمرضى والشيوخ والاطفال موجودة كما كانت.كذلك كرسي البطريرك الحجري، والعتبة المزدانة بالصليب الماروني. وحده القرميد كان مكسرا. وجد منه اربع قرميدات فقط. ارسلنا واحدة الى توسكانا فاعادوا صبّ قرميدات متطابقة، تزين اليوم سطح الكنيسة”.

ترافقت مراحل الترميم مع مشاركة خبراء كانوا يدققون بعمر الحجار والتربة والقرميد وسائر التفاصيل. من بين هؤلاء خبير الماني، لشدة اعجابه بالكنيسة وتاريخها، قدم لها كأس قربان  يعود للقرن التاسع عشر،عليه الصليب السرياني سيرفع غدا على مذبح الكنيسة المتجددة.

 غدا سترتفع الصلوات مجددا من على مذبح “سيدتنا مريم ام الله” في يانوح ، بعد ان يعيد البطريرك تكريس مذبحها. وسيلاقي خيالة العاقورة البطريرك، كما كانوا يفعلون مع اسلافه ليرافقوه الى مدخلها. وبعد ان يبارك ماء الورد تقوم سيدات بغسل الكنيسة بهذا الماء والجوقة تنشد ترنيمة “اليك الورد يا مريم يهدى من ايادينا”. وبعد ترحيب مطران الابرشية ميشال عون، يتحدث رئيس البلدية البعيني ، ويلقي بعدها القائم باعمال السفارة البابوية سانتوس ايفان البركة البابوية، تليها كلمة المونسنيور يعقوب، فعظة البطريرك ورتبة التكريس، قبل ان يتوجه الجميع الى الكنيسة وتقدم الهدايا التذكارية لكل من ساهم بأعمال الترميم وتزاح الستارة عن اللوحة التذكارية.

 غدا يتنشق جبل المنيطرة من جديد عبق البخور المتصاعد من سيدة يانوح، راويا حكايات ايمان يُترجم فعل صمود وتجذر في التاريخ والجغرافيا.

اضف رد