وعلى خطٍ موازٍ، ومع “تفقيس” القوانين الانتخابية بالجملة والمفرق، وآخرها القانون الذي أعلنه الحزب التقدمي الاشتراكي، يقول الوزير السابق زياد بارود لـ”النهار” إن ذلك دليل عافية ومنحى ديموقراطي.
أما عن موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وطرحه إعادة إحياء قانون الستين، فيقول بارود: “أشك جدا في ذلك. غبطة البطريرك لم ولا يرغب في الحلول محل القوى السياسية والمؤسسات الدستورية. هو يتخذ مواقف مبدئية ويطرح أحيانا أسئلة برسم المعنيين كما فعل بالنسبة الى قانون الانتخاب. ولا ننسى أن البطريرك ثمّن قرار رئيس الجمهورية تأجيل انعقاد مجلس النواب شهرا واحدا، مستخدمًا صلاحياته المنصوص عليها في المادة 59 من الدستور. في أي حال، صحيح أن ما يُعرف بقانون الستين لم يُلغَ بقانون، ولكن نفاذه لا يعني أنه قابل للتطبيق. فالمهل التي نصّ عليها سقطت كلها ولم يتم تعيين رئيس وأعضاء لهيئة الإشراف على الحملة الانتخابية التي يعطيها القانون صلاحيات جوهرية. وبالتالي، فإن العودة إلى قانون الستين ليست بهذه البساطة”.
وعن موقف رئيس الجمهورية واستعماله المادة 59 من الدستور، يقول: “حسنًا فعل الرئيس بلجوئه إلى المادة 59 من الدستور التي تجيز له أن يقرّر تأجيل انعقاد المجلس. في السياسة، هذه الخطوة أنقذت البلد من كارثة التمديد الذي كان حتميًا، وأنقذت الحكومة من تداعيات هذا التمديد على تضامنها، والشارع من التشنّج. أما دستوريًا، وعلى رغم الجدل الذي تبع قرار الرئيس، وما إذا كان تم اللجوء إلى المادة 59 سابقة أم لا، فإن المؤكد أن أيّ رئيس لم يستخدم هذه الصلاحية منذ الاستقلال عام 1943، إنما حصل في ظل دستور معلّق. فكيف يكون قد استند إلى مادة دستورية معلّقة؟ ثم ان صلاحية رئيس الجمهورية هنا لصيقة بشخصه ولا يشاركه فيها أحد. النصّ واضح ولا يحتمل الاجتهاد”.
وهل يعتبر أن ما حصل أجّل المشكلة أم ماذا؟ يجيب: “قد يقول قائل إن استخدام الرئيس لعصا المادة 59، إذا صح التعبير، هو مجرّد تأجيل للأزمة. لا بأس. تأجيل الأزمة قد يسمح بمعالجات وحلول، وإذا لم يحصل ذلك نعود إلى المربع الأول. الأمور أصلاً معقّدة، وقرار الرئيس سحب فتيل التفجير وأنقذ الموقف”.
ولكن من يعرقل إقرار قانون جديد للانتخاب؟ يقول: “اللائحة تطول وتكثر المواقف المتضاربة منذ سنوات. من يصدّق أن العجز في إقرار قانون انتخاب منذ عام 2009 هو فقط تقني؟ المسألة سياسية بامتياز بعدما أشبع الموضوع درسًا. العرقلة مكمنها عدم الرغبة في تمثيل صحيح، وخصوصًا في فاعلية هذا التمثيل لكل فئات الشعب كما يقول اتفاق الطائف. وهذا يشمل المسيحيين، كما يشمل أقليات سياسية. التنوّع في البلد يحتاج إلى قانون يعبّر عنه، فيما بعض القوى التي تضخّم تمثيلها سابقًا تصرّ على الاحتفاظ بما ليس لها أصلاً”.
وعندما نقول لبارود إن البعض يرى التمديد للمجلس أفضل من الفراغ وربما البطريرك يسير بالستين لهذا السبب، يجزم بشدة: “إطلاقًا. التمديد فراغ أيضًا. الوكالة الشعبية سقطت في حزيران 2013، والتمديد الثالث غير الدستوري سيؤدي، لو حصل، إلى أزمة سياسية كبيرة وإلى شارع ملتهب. يقيني أن أحدًا لا يحتمل الفراغ، ولذلك فهو لن يحصل. القانون الجديد لا يزال ممكنًا، والجهد يجب أن ينصبّ في اتجاهه بدل تسويق التمديد”.
وأخيرًا، يتساءل “لماذا توالت مشاريع القوانين الانتخابية من معظم الأفرقاء السياسيين اليوم في اللحظات الأخيرة ولم تطرح عام 2009، بل عام 2013؟ ربما ذلك اليوم هروب إلى الأمام”.