اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / اليوم التالي ما بعد تقديم الاستقالة

اليوم التالي ما بعد تقديم الاستقالة

روزانا بومنصف
النهار
18112017

الإستقالة
يروي احد السياسيين المطلعين انه في سياق الكلام والنقاشات التي حصلت فور اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض في الرابع من الجاري بحثا عن مخرج سريع للازمة تطرق الحديث الى حكومة تكنوقراط تحتوي الوضع المتردي مع المملكة السعودية وذلك من اجل تفادي تمثيل “حزب الله” في الحكومة على اثر تغريدات سعودية تفترض او تطلب ذلك. وابلغ الحزب من يجب ابلاغه بمعادلة مفادها ان وجودنا في الحكومة يساوي وجود السلاح بين ايدينا، ما ادى الى سحب هذا الاقتراح سريعا. ومع تسليط رئيس الجمهورية الانظار بقوة في الايام الماضية على وضع الرئيس الحريري في الرياض ورفض استقالته حتى تقديمها من بيروت، فان اليوم التالي لهذه الاستقالة بات يطرح نفسه بحيث تنتهي مرحلة كسب الوقت التي مورست في الاسبوعين الماضيين من اجل ان تبدأ مرحلة اخرى. اذ ان لبنان تجاهل حتى الان ادخاله في الصراع السعودي الايراني على نحو مباشر ولم يقارب اسباب الاستقالة او مضمونها خصوصا ان زوار رئيس الجمهورية في الايام الاخيرة نقلوا عنه تفاؤلا غير مفهوم بالنسبة الى غالبيتهم. فمن حيث المبدأ فان رئيس الجمهورية استقوى بوجود تلاق دولي في المصالح على ابقاء لبنان بعيدا من الاهتزاز ومحافظا على الاستقرار فيه بالحد الادنى الذي لا يسمح بان يشكل مشكلة اضافية للخارج بما يعني ان المظلة الخارجية لهذا الاستقرار لا تزال قائمة على رغم الترويج الواسع لاحتمال حرب قريبة مع اسرائيل. واستقوى رئيس الجمهورية ايضا بالموقف الدولي الداعم لعودة الحريري الى بيروت من ضمن قواعد الاستقرار وتقديم استقالته منها في حال شاء ذلك وهو الامر الذي قوّى شكيمة الرئيس عون في الهجوم على المملكة السعودية علما انه برر ذلك بعدم تلقيه اجوبة عن طلبات طرحها في الوقت الذي يقول سياسيون معنيون ان رد فعله لم يساعد منذ البدء لا في استدعاء القائم بالاعمال السعودي على اثر اعلان الرئيس الحريري استقالته ولا في تلبية طلب الاخير ان يزور وزير الخارجية الحريري في الرياض. والسبب الثالث وراء موقف الرئيس هو اصرار الدول الغربية على استمرار عمل المؤسسات وتأكيد اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. يضاف الى ذلك طبعا ان هناك اجماعا حصل لاسباب واعتبارات مختلفة من اجل ازالة الغموض عن موقع الرئيس الحريري ادى الى دعم موقع رئيس الجمهورية ومواقفه.

لكن غداة عودة الرئيس الحريري وتقديمه استقالته وفق المتوقع باعتبار ان عودته لن تغير هذا المعطى ويراد له العودة من اجل الرد على ربط استقالته بالعودة، فان الموقف مع رئيس الجمهورية سيختلف. اولا لان الانقسام الداخلي لا بد ان يتظهر على وقع وجود مشكلة سلاح “حزب الله” وتدخلاته في اليمن والدول العربية على طاولة البحث خصوصا ان الطائفة السنية على الاقل ستجد نفسها شاءت ام ابت تحت هذا السقف من دون قدرة على المساومة في شأنه في المرحلة الراهنة. اذ ان السيناريو الذي يتحدث عن اعادة تكليف الرئيس الحريري بعد استقالته لا ينفي اصحابه انه يدخل في لعبة كسب الوقت ليس الا حتى لو ان الحريري سيعتذر على الارجح فور تكليفه مجددا في حال حصول ذلك ما لم يكن هناك تنازل جوهري وجدي يضمنه عون والحزب وهذا ليس مرجحا على الاطلاق. فالرئيس عون اعطى اشارة لاعتماد لبنان النأي بالنفس في اول مؤشر له على تخفيف التشنج لكن هذا لن يكون كافيا في المرحلة المقبلة. فهذا الكلام ورد في خطاب القسم ولم يلتزم بعد في حين ان الاختبار الاول لهذا الموقف سيكون في الاجتماع المرتقب لوزراء الخارجية العرب وموقف لبنان من الموضوع المطروح اي تدخل ايران في الدول العربية. وليس صحيحا ان الدول التي زارها الوزير باسيل دعمت موقفه من حتمية عودة الحريري فحسب بل انها تعتبر ان لبنان صار امام تحدي ايجاد حل لمسألة تدخل الحزب وسلاحه بغض النظر عما يستطيع رئيس الجمهورية ان يتولاه بنفسه في السعي الى حماية لبنان من تبعات كلفة تدخل الحزب في دول المنطقة علما ان هناك اقتناعا بان الحزب سيقدم اكثر ولن يتراجع او ما يمكن ان تتولاه الدول الاوروبية مثلا مع ايران بالذات. وتفيد بعض المعلومات ان هناك نية خارجية بالضغط فعليا على ايران للحصول منها على ما قد يجنب لبنان ليس ازمة سياسية فحسب باعتبار ان حماية الحزب ترتكز ايضا على حماية الحكومة له ومن هنا ربط وجوده فيها بمقدار استمرار سلاحه في يده، اضافة الى تجنيب لبنان ازمة اقتصادية ومالية لا بد ان يتضرر الجميع منها بما فيها الحزب وبيئته وحتى كل من يستفيد من استقرار لبنان طيلة الحرب السورية المستمرة منذ ست سنوات. ومع ان اطمئنان الرئاسة الاولى يتصل ايضا بالتزام اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ايار المقبل كما تضغط بعض الدول الخارجية فان ثمة مصالح معروفة لبعض الجهات وربما الدول بعدم اجراء هذه الانتخابات انطلاقا من اعتقاد بوجوب وقف انزلاق لبنان ربطا بما اريد من استقالة الحريري ان تحدثه لان الصدمة التي احدثتها الاستقالة قد تخلط الاوراق وتوقظ اللبنانيين الى وجوب تحديد الاتجاهات السياسية التي يجب ان يذهب اليها البلد وفق ما يعتقد ربما بعض السفراء الغربيين، لكن الرهان في هذا الاطار قد لا يبدو في محله نظرا للطائفية والمذهبية اللتين تغلبان كل الاعتبارات في الانتخابات من حيث المبدأ.

rosana.boumounsef@annahar@.com.lb

اضف رد