
عاد أمين نخلة من مصر وفي جيبه قصيدة أخرى يزعُم أن أحمد شوقي وضعها قبل وفاته يورِّثُ الأمين فيها إمارة الشعر ويعلنه ولياً لعهده، ولم يتردد الأمين في نشرها والقسم على صحتها، وما التفت إلى شكوك النقّاد وسخرية الساخرين. تقول القصيدة:
هذا ولي لعهدي
وقيّم الشعر بعدي
فكل من قال شعراً
في الناس عبدٌ لعبدي
كأن شعر أمينٍ من نفح بانٍ ورند
أو من عناق التصابي
وقرع خدٍ بخد
أو من حديث ابن هاني
يعيدُ فيه ويبدي
والعصر عصر أمينٍخيرٌ ومطلع سعد.
ثارت ضجة كبرى بين أهل الأدب حول «الشوقية» التي هي أيضاً وصية نافذة. البعض كذّب الأمين والبعض سخر منه والبعض الأخير رأى في الوصية كذبة مفضوحة لا تستحق الرد. ولم يهتم الأمين لشيء من ذلك. فكل ما يقال عنه إضافة إلى الشهرة التي هام بها حتى اليوم الأخير. وكان كبير نقّاد لبنان مارون عبود (أبو محمد) من المعجبين بأعمال الأمين وقدرته اللغوية الهائلة إلا أنه يشبهه بـ«الأميركان» في حبهم للدعاية وإتقان الترويج، وخصوصاً الترويج للنفس. وقد شبّه «الوصية» بـ«الفرمان» الذي يصدره الوالي في تعيين الموظفين أو نقلهم من مكان إلى آخر.
إلى اللقاء…
أمين نخلة
كان أمين نخلة من كبار شعراء لبنان، بل امتدت شهرته إلى العرب، وخصوصاً مصر. فالنصف الأول من القرن العشرين كان العرب لا يزالون عرب الشعر، لم تخترق أسواره فنون الأدب الأخرى، كالرواية والمقالة والمطالعة والبحث. فالرواية لم تبلغ عزّها إلا مع بداية النصف الثاني من القرن، يساعد في انتشارها وانصراف الكتّاب إليها، انتشار الأفلام السينمائية وازدهار المسرح.