يستعد الوفد البرلماني اللبناني لجولة جديدة من المحادثات مع المسؤولين الأميركيين، بعد عطلة نهاية أسبوع انشغل فيها بمتابعة الأجواء الأميركية ونتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية التي استأثرت بحيز من اهتمام الصحافة الأميركية، وان كان الموضوع الإعلامي الابرز يبقى منصباً على التحقيقات الجارية في ما يسمّى بأزمة البيت الأبيض.
من مقر الكونغرس يستهل الوفد اليوم اجتماعاته بعدد من أعضائه، في إطار اللوبي الذي يمارسه الوفد لشرح وجهة النظر اللبنانية من اي توجه أميركي جديد نحو إستصدار قانون جديد ضد “حزب الله”، في ظل ما تمّ تسريبه عن نسخ اكثر تشدداً من قانون العقوبات على الحزب.
وعلى جدول الاعمال اليوم، لقاءان يتسمان بالأهمية، وكانا قد تأجلا من يوم الجمعة الماضي الى اليوم مع كل من فريق الخبراء لدى السيناتور ماركو روبيو، الذي أعد النسخة المسربة من مشروع القانون، ومع مساعدة وزير الخزانة لشؤون تمويل الاٍرهاب جنيفر فولر. وكان الاجتماع بفولر قد تأجل لأسباب عائلية خاصة بها.
اللافت ان الأجواء في واشنطن تناقض تماماً المناخ السائد في بيروت، في ظل الكثير من الشائعات التي تضرب مواعيد قريبة جداً لصدور قانون العقوبات الجديد، معطوفة على توقعات حيال تسمية مصارف لبنانية ضمن لائحة العقوبات.
وقد اثارت هذه التسريبات انزعاجاً وإستياء في أوساط الوفد الذي لم يلمس أي مؤشر يشي بمثل هذا المناخ. وقد اجمع أعضاؤه على تأكيد نقطتين أساسيتين: الاولى ان لا قانون سيصدر في المدى القريب، نظراً الى عدم وجود اي نسخة مطروحة للنقاش في الكونغرس الآن، بعدما تم سحب مسودة السيناتور روبيو من التداول، على ما ابلغ معظم المسؤولين الذين التقاهم الوفد حتى الآن، من دون ان يلغي ذلك التوجه الأميركي الصارم بالتشدد حيال “حزب الله”. وكان بارزاً ما تلمسه الوفد من فصل أميركي واضح بين الحزب كتنظيم “ارهابي”، وفق التصنيف الأميركي، وبين الكيانات اللبنانية الاخرى ولا سيما تلك التي وردت أسماؤها في مسودة روبيو مثل حركة ” أمل” التي للمفارقة، يحرص الأميركيون على اللقاءات مع رئيسها انطلاقاً من الموقع الذي يشغله على رأس السلطة التشريعية في لبنان، ومن الموقع السياسي الذي يمثله.
اما النقطة الثانية، فهي ان الوفد لم يسمع من اي مسؤول ممن التقاهم عن وجود نية لإدراج اي مصرف في لائحة العقوبات. وهذه حال الوفد المصرفي الذي غادر واشنطن مرتاحاً لنتائج محادثاته في العاصمة الأميركية. ما يدفع الى السؤال عن الجهة المستفيدة من التسريبات الحاصلة، وهل هي تتصل فعلاً بملف العقوبات ام ان لها خلفية داخلية تتصل بالضغط على المصارف من جهة لحسابات مالية، او على السلطة السياسية لحسابات تتصل بملف التجديد لحاكم مصرف لبنان، نظراً الى ان اي عقوبات على مصارف تستدعي تحرك الحاكم في اتجاه واشنطن، وهذا متعذر حالياً بسبب قرب انتهاء ولايته الممددة للمرة الثالثة.
وفي هذا الإطار، وصف النائب ياسين جابر الكلام الصادر في بيروت، عن ان قانون عقوبات أميركية جديد يستهدف لبنان قد صدر، بـ “المغالطة الكبيرة لأن ذلك لم يحصل بعد. وجل ما حصل انه وضعت في احدى اللجان في الكونغرس أفكار في مسودة، تم تسريبها وأحدث ذلك الكثير من اللغط في لبنان”، كاشفاً انه “تم إبلاغنا خلال الاجتماع مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ان ننسى هذه المسودة المسربة، وقيل لنا ان تسريبها سبب ضراراً لمن أعدها ولمن سرّبها وأنها أصبحت غير صالحة”.
ولفت الى وجود توجه لدى بعض النواب في الكونغرس لإعداد اقتراح قانون يدخل بعض التعديلات على قانون العقوبات الصادر في العام ٢٠١٥، وقد طالبنا وأكدنا مصلحة لبنان وضرورة عدم تحميله اكثر مما يحتمل في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها. وقد لفتوا الى القانون الموجود يطبّق بجدية كبيرة ولا لزوم لأي قانون جديد يثير البلبلة. وقد استمع المسؤولون الذين التقيناهم بإهتمام الى ما نعرضه أمامهم من معطيات ونأمل في ان يساعد ما قلناه في التخفيف من حماسة اصدار قانون جديد.
ولم يستبعد جابر ان يصدر قانون في حال كان هناك إصرار على التقدم بإقتراح بتحريض معروفة مصادره، ولكن ذلك يحتاج الى وقت لإنهاء آليته، اذ بعد التقدم به رسمياً الى مجلس النواب، هناك مسار قانوني يجب ان يسير فيه لدرسه في اللجان النيابية في مجلسي الشيوخ والنواب، وسيستغرق ذلك وقتاً قد يطول أو يقصر بحسب انشغالات هذه اللجان، ووفق نية الاستعجال في إصداره.