الرئيسية / اخبار عاجلة / المجتمع الدولي تخلّى عن رهان الانهيار

المجتمع الدولي تخلّى عن رهان الانهيار

14-09-2021 | 00:50 المصدر: “النهار”

روزانا بومنصف

قرار الافراج عن الحكومة عكس قرارا خارجيا بهدنة معينة على الساحة اللبنانية في المرحلة الراهنة (حسام شبارو).

أخطأ #المجتمع الدولي في تقديره أن الانهيار الذي حصل في #لبنان على كل المستويات بسبب من إدارة سيئة وفساد عميم للطبقة السياسية يمكن أن يؤدي الى ثورة اجتماعية تفرض تغييرا جذريا على المستوى السياسي في الدرجة الأولى. الرهانات على ذلك من بعض العواصم بما في ذلك من العاصمة الفرنسية لم تنجح. اذ انهار لبنان كليا ووقف اللبنانيون في طوابير اذلال تمتد لاربع او خمس كيلومترات على الأقل امام محطات المحروقات المقفلة في غالبيتها بدلا من الانتفاض على الواقع الاذلالي الذي تفرضه السلطة والذي يسري على الدواء وعلى الخبز وسائر الخدمات الاساسية. كما ان اللبنانيين لجأوا الى وسيلة الحصول على الدواء من الخارج نتيجة احتكار الدواء بدلا من رفض الخضوع لذلك والانتفاض فعلا ضد السلطة في الوقت الذي تم تحويل النقمة الى صراعات بين اللبنانيين أنفسهم فيما السلطة تتفرج على عذاباتهم. هذا الواقع الذي ترجم في الاشهر الاخيرة اظهر ان الشعب اللبناني بات ميتا بالمعنى المجازي للكلمة وشبابه اختار الهجرة وتاليا هو لن يثور اي ان الانتفاضة التي انطلقت في ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ وصلت مفاعيلها الى الاقصى ولا يمكن تاليا الاعتماد على المزيد منها في الفترة المقبلة وصولا حتى الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. خضع المجتمع الدولي لابتزاز اهل السلطة من خلال تجويعها للناس وافقارهم ورفضا لتحوير الناس ضدهم فعمل جاهدا من اجل الافراج عن حكومة تصبح مسؤولة أمامه بدلا من الاستمرار في اللعبة التي استدرجتها اليها السلطة في لبنان في تضييع المسؤوليات والقاء التبعات على الاخرين. انها خطوة الى الوراء بهذا المعنى للمجتمع الدولي الذي اجبر عليها لكيلا يذهب الشعب الرهينة ضحية هذا التطاحن في الوقت الذي باتت الانتخابات النيابية التي يعول عليها الخارج مهددة إذا لم تتألف حكومة. منح اللبنانيين نفسا قبل موعد الانتخابات قد يكون خيارا أفضل من ترك الانهيار يصل الى مداه وقد يتحول الى فوضى قد لا يتاح لملمتها إذا خرجت عن اطارها ولكن الثمن باهظ وهو تمثل في ترك قوى السلطة تشكل حكومتها بعيدا من اي مطلب للشعب اللبناني باستثناء غياب الوجود السياسية المستفزة على نحو مباشر. ولكن هذه القوى اعادت تأهيل نفسها عبر هذه الحكومة في الوقت الذي اثارت تنظيمات المجتمع المدني احباطا لجهة عدم تنظيمها لانفسها وفرض حضورها في المحطات الكثيرة والخطيرة التي توالت في الاشهر الماضية.

تأليف الحكومة عكس قرارا خارجيا بأمرين: الأول هو هدنة على صعيد الكباش الاقليمي وعلى صعيد الكباش الاقليمي الدولي او بالاحرى الاميركي الايراني بمعنى عدم الذهاب الى مواجهة في لبنان راهنا لئلا يذهب لبنان الى المزيد من الانهيار لا سيما ان المراوحة في الكباش الجاري لن تحمل تغييرا اساسيا في المدى المنظور بل تثبيت تحول لبنان دولة فاشلة على شواطىء البحر المتوسط وما يعنيه ذلك. وقرار واشنطن دعم قرار استجرار الغاز المصري عبر الاردن وسوريا يصب في هذا الإطار. الامر الاخر ان فرنسا لعبت دور الوسيط مع إيران التي ساهم موقفها في الافراج عن الحكومة في لقاء بعض المسايرة التي تستطيع ان توفرها فرنسا في موضوع المفاوضات حول الملف النووي.

على ذمة بعض السياسيين فان الحزب سيل القرار الايراني بالسعي لدى رئيس الجمهورية من اجل الافراج عن الحكومة تحت شعار الغموض حول الثلث المعطل لاي فريق ولا سيما لرئيس الجمهورية الذي كان يشترط الافراج عن الحكومة بالحصول عليه. تمت مراعاة اخراج اتفق عليه بعدم اعلان تيار رئيس الجمهورية انتصاره على هذا الصعيد لانه يعني عملانيا في رسالة موجهة الى امكان انفتاح الدول العربية على لبنان بضرورة الامتناع عن ذلك. يقول هؤلاء انه في المقابلات التي اجراها عون وفريقه للوزراء قبل حسم امر توزيرهم انه طمأنهم الى انهم لن يضطروا الى التصويت في مجلس الوزراء لان اي قضية لن تطرح على التصويت في مجلس الوزراء بل قد يطلب منهم الاستقالة ربما على حد ما ينقل هؤلاء. وساهم اعلان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بدحض حصول عون وفريقه على الثلث المعطل التفافا على محاولة فريق عون اعلان انتصاره والحصول على ما يريده والتسويق لذلك لدى المسيحيين في الوقت الذي يشكل ذلك خسارة جسيمة ايضا لكل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امام اللبنانيين كما امام طائفته وتنازلا عما سبق ان رفضه كما لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحتى للوزير السابق سليمان فرنجيه. وهؤلاء جميعهم لن يرغبوا في اعطاء انتصار ولو اعلامي لفريق عون في موضوع الثلث المعطل.

يقول معنيون أن أهل السلطة أدركوا في مقابل ما أدركه المجتمع الدولي أن الاستمرار في تعذيب اللبنانيين فترة اطول قد يعني ان الرأي العام اللبناني لن يعود الى السابق بسهولة بحيث يضع في صندوق الانتخابات صوته كما في السابق في حال اجبرت السلطة على اجراء الانتخابات. فهذا هو ديدن الخارج بديلا من التفرج على الاستمرار في الانهيار وانتظار الشعب اللبناني للثورة في الوقت الراهن والإطار الذي وضعه الاتحاد الاوروبي لفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين يرتبط باستهداف من يعارض العملية الديمقراطية في لبنان ما يعني التركيز بقوة على محاولة السلطة تطيير الانتخابات. كما ان اهل السلطة أدركوا كذلك ان الحكومة ستكون سبيلهم الى اضفاء الشرعية على وجودهم واستمراريتهم لا سيما ان حكومة جديدة تسمح بالتعاطي والتفاوض معها وتشكل نقلة نوعية كبيرة جدا تماما كما حصل في الدفعة من صندوق النقد الدولي التي تستقبل الحكومة حتى قبل حصولها على الثقة.

rosana.boumonsef@annahar.com.lb