يتوجه اللبنانيون في 6 أيار المقبل الى أقلام الاقتراع على وقع موجات من شد العصب المذهبي قبل الحزبي بفعل القانون الذي لم يكن عند طموحات شريحة واسعة من الاصلاحيين، خصوصاً ان النسبية التي ولدت من رحمه لم تكن على مستوى الآمال التي بنيت لتحقيق هذا الحلم الانتخابي منذ عقود. وجرت عملية إتمام مكونات القانون على عجل، وتحت عوامل ضغط الوقت وإطاحة قانون الستين، ولم يتبنّ كل الاصلاحات التي بقيت حبراً على ورق وتحولت مادة للمناكفات بين الافرقاء. وأجبر الجميع على السير تحت مظلته على أساس 15 دائرة والصوت التفضيلي. وساهم هذا القانون في إقصاء وجوه نيابية كبيرة، في مقدمها الرئيس فؤاد السنيورة والنائبان روبير غانم ومحمد قباني. ومن المرجح إقدام مرشحين على الانسحاب وعدم الانضمام الى بقية اللوائج المنتظرة قبل 26 من الجاري.
واعتراضا على القانون، ثمة من يصفه بـ”الغادر”، لأنه يحمل وفق هذا البعض في مندرجاته سموما مذهبية وطائفية ومناطقية، وان الستين يبقى أفضل منه بدرجات، لأن الجديد لم يطبق النسبية في الشكل المطلوب والمتعارف عليها في البلدان المتقدمة. ولا يأتي هذا الكلام من باب الدفاع عن القانون السابق، انما من باب الآثار التي سيخلفها القانون الذي ولد بخلفيات طائفية وتصفية حسابات من هنا وهناك، علما أنه لن يساهم في النهاية في خلق مسار حياة سياسية سليمة، بل سيعيد اللبنانيين الى الوراء والتقوقع والحذر من الآخر، وهذا ما سيلمسونه صبيحة السابع من أيار. وان قوى عدة ستندب حظها على النتائج التي ستحصدها، وان التهليل للقانون لم يعد ينفع.
ولا يتوانى متابعون عن القول ان هذا القانون سيساهم في رفع الجدران المذهبية والطائفية بين اللبنانيين، الامر الذي سيدفع تحت كابوس الصوت التفضيلي الى اختيار الناخب ابن مذهبه ثم ابن طائفته اولاً، وان يكن هذا الحكم لا يعمم على جميع اللبنانيين، مع ملاحظة ارتفاع معدل “الادرينالين المذهبي” في البلد حتى داخل البيت الواحد، بدليل ان اعضاء اللائحة نفسها سيعملون على حجز الاصوات التفضيلية لهم من صحن الفريق الواحد ليفوز بالمقعد النيابي الموعود. وسيحلّ التنافس ضمن المذهب الواحد، وسيعمل كل فرد على تجيير أكبر نسبة من الاصوات التفضيلية لمصلحته للاستفادة من “قانون الخناجر”، فيحجزها من حصته، بمعنى ان الاصدقاء سيعملون معا على رفع عتبة الحاصل الانتخابي اولاً، ثم سيتنافسون في ما بينهم، حتى لو تدخلت ماكينة الحزب وعملت على توزيع اصوات ناخبي قواعدها. وما يفعله “حزب الله” وحركة “أمل” لا يمكن الآخرين القيام به، مع الاشارة الى ان مرشحي الحزب في دائرة بعلبك- الهرمل يجولون من بيت الى بيت لمرضاة الفاعليات وزعماء العشائر، على الرغم من اطمئنانهم في هذه البيئة. وفي الحصيلة، لن يؤدي هذا القانون الى بناء جسور التلاقي والتقارب، وسيرفع المتاريس السياسية والمذهبية، إلا أن آخرين يرون فيه الفرصة السانحة لمحاسبة المرشحين، حتى لو كانوا على لوائح السلطة، واستعمال سوط الصوت التفضيلي ضدهم وحجبه عمن لا يريدون رؤيته في الندوة البرلمانية، حتى لو نجح في الانتخابات، لأن التفضيلي الذي سيحصل عليه سيحدد حجمه مع فائزين آخرين. وتبقى ان “عورات” قانون الانتخاب ستؤدي الى سقوط “الاخلاق السياسية” بحسب سياسي مخضرم، نتيجة ما ستحمله الانتخابات من معطيات سلبية بعد صدور النتائج، وان الكتل ستواجه اول امتحان لها، وهو محنة تشكيل الحكومة، حيث لن تكون الطريق معبدة أمامها في عملية التأليف.