نبيل بومنصف
- 18 آب 2017
يكاد تشريع التكاذب الذي تعيش في ظله الحكومة يبلغ ذرواته في تاريخ حكومات ما يسمى التوافق السياسي القائم غالبا على موازين قوى ظرفية لا أمان معها لتقلبات الازمان التي استولدت هذا الابتكار الرائج من الحكومات عندنا. قد تفهم تماما الظروف الحاملة لتسوية جاءت بسيد العهد الحالي وبرئيس الحكومة الحالية ووضعت فريقين لا يخطر ببال ان يجمعهما مكان او ظرف هما “القوات اللبنانية” و”حزب الله” الى طاولة الشركة الحكومية. اما ان يتجاوز حلفاء النظام السوري ادبيات التسوية وأصولها وفروعها وسائر مشتقات “اللياقات” الشكلية والضمنية من اجل رفع لواء التطبيع مع النظام الاسدي غير مستهيبين تفسخا او انفجارا حكوميا داخليا فان الامر يجعلنا نتساءل مرة جديدة هل نحن امام تطور التجربة الحكومية الحالية الى نمط فيدرالي راسخ مثلا يمكن معه كل فريق وازن ان يفتح على حسابه سياسات خارجية تتلاءم وتبعياته وارتباطاته ومصالحه؟ واي لبنان هذا الذي كان “يختال” البارحة مع ثلاثة وزراء من تحالف 8 آذار في معرض دمشق الدولي؟ هل هو لبنان “الممانع” وحده فيما لبنان المناهض لمحور النظام وإيران و”حزب الله” يترصد الفرصة المتاحة لرد الصاع صاعين في قابل الازمان او السكوت المؤدي يوما الى انفجار حتمي؟ أغرب ما في التحدي السافر لمهابة الحكومة وافرقائها الآخرين الذي حصل في الساعات الاخيرة ان التنازع على الصفة الرسمية لزيارات الوزراء الذين أخذهم الحنين والوفاء الشديدين للنظام السوري الى دمشق لم يبدل حرفا في “جدول اعمال” مجلس الوزراء الذي يبحر في مهماته “لاستعادة الثقة” بالبلاد كما تعهدت الحكومة في بيانها الوزاري وانما مع تبديل “طفيف” على وقع عودة لافتة جدا للكثير من ملامح عهد الرئيس اميل لحود داخليا واقليميا في ظل هذا العهد العوني. والحال ان قوى 8 آذار تبالغ بعناد كبير في استنزاف الرئيس سعد الحريري في الدرجة الاولى الامر الذي يثير تساؤلات مريبة حيال الكثير من إعلانات النيات المرفوعة لدى هذه القوى في شأن المراحل المقبلة. الرئيس الحريري يمكنه موضوعيا استعمال سلاح نزع الشرعية عن انتهاكات نمطية للأصول الحكومية لبعض الوقت ولبعض الظروف ولبعض الوقائع من منطلق خيار استراتيجي كلفته عالية جدا. ولكن هذا السلاح لن يقوى مهما فعل فعله على وقف زحف احلام العودة الى احلال أمر واقع اقليمي يبدو واضحا ان حلفاء النظام السوري سلطوا تداعياته ومفاعيله المستحدثة على المشهد السياسي الداخلي بكل وضوح وبلا اي قفازات. الامر يتجاوز مسألة زيارات مثيرة للجدل الى الأبعد الأبعد الذي يعرفه جميع المنخرطين في الشركة الحكومية. ولذا لن يكفي بعد الزيارات وما سيليها من تبشير مدروس بفضائل التطبيع الاحتماء بتسوية حكومة الضرورة التي شعارها “الكذبة مش خطية”