28-03-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”

تعبيرية (نبيل إسماعيل).
كان الأهالي في القرى ينسبون الإبن الى اسم الأب، وليس العائلة، لكي يفرّقوا بين الأسماء المنسوبة الى عائلة واحدة، أو عائلتين. وكان أبناء القرى لا يعثرون على الدخل الثابت إلا في الوظائف الثابتة، الجيش، والدرك، والتعليم. وكانت الأعمال الخاصة نادرة الرساميل، وطلب العِلم صعباً. حصة قضاء جزين كانت قليلة من كل شيء. رتباء في الجيش والدرك، ومدرّسو ثانويات. وكان أول خرق في المنطقة عندما بلغ نسيب نصر رتبة عقيد في الدرك، وكانت تسمّى الزعيم. وعُرف الزعيم منذ صغره باسم نسيب سليم. واعتقدنا آنذاك، ان حظ المنطقة بلغ خاتمته، ولن يأتي منها من هو أعلى.
لكن انطوان نسيب قرر الاقتداء بأبيه، ومن ثم ترقّى في الرتب الى العميد #انطوان نصر قائداً للدرك، يُعزف له النشيد العسكري عالياً كلما وصل كل صباح الى مكتبه في القيادة. تعلو كتفيه النجوم وصدره الأوسمة.
لكن الوسام الأعلى أعطاه انطوان نصر للمؤسسة التي ترأسها في أدقّ وأحرج أيام #الحرب. ففيما تنازعت الجيش المنازعات، أبقى هو سلك الدرك في قلب #لبنان وبعيداً عن العاصمة. ولم يخفِ ذلك الانجاز عن أحد، على رغم تواضعه الموروث. ويوم الخميس الماضي جاء جميع لبنان يودّعه في مار جريس. وغصّت #الكاتدرائية بالمشيّعين من كل هوية أو هوى. وفي قلب كل مشيّع كان ثمة وفاء للسمعة العطرة التي اختلطت برائحة البخور.
الأكثرية الساحقة من الحضور كانوا من أعمار لم تعرفه في بذلة القيادة. لكن السمعة العطرة تنتقل من جيل الى جيل. ومن بيت نسيب سليم، في صباح، خرج الأب “الزعيم”، ثم “القائد”، وكانت ابنة البيت وزينة المرأة اللبنانية ورائدة قضاياها، لور نصر مغيزل. كانت الكاتدرائية ظهر الخميس باللون الأسود كيوم حضور لا غياب.