04-01-2021 | 00:27 المصدر: النهار


“القرصنة الروسيّة” لأميركا تُمارسها هي ودول أخرى!
A+A-تتساءل القوى الدوليّة والإقليميّة من عظمى وكبرى عن الطريقة التي سيتّبعها الرئيس الأميركي المُنتخب #جو بايدن بعد حلفه اليمين وتسلّمه سلطاته الدستوريّة في العشرين من الشهر الجاري للتعامل مع ثلاث أزمات رئيسيّة سيرثها من الإدارة الراحلة للرئيس دونالد ترامب وهي #روسيا و#الصين وإيران. وبحسب اعتقادي، يقول مُتابع أميركي جدّي ومُزمن لأوضاع بلاده داخلاً وخارجاً، وبعد تحليلي لكلٍّ منها فإنّ الأزمة الإيرانيّة ستكون الأكثر خطورة إذا لم يتمّ إيجاد حلٍّ لها بواسطة التفاوض. لكنّه قبل الخوض تفصيلاً في التعامل مع الأزمات الثلاث المذكورة أعلاه يشرح الوضع على الأرض حاليّاً في أميركا معتبراً أنّ من شأن ذلك إعطاء فكرة عن النجاح اللاحق أو الإخفاق في محاولة استشراف تعامل بايدن مع تلك الأزمات. في هذا المجال يقول أوّلاً أنّ أحداً لا يعرف إلى أيّ مدى سيذهب ترامب في تمسُّكه بالسلطة رغم خسارته رسميّاً الانتخابات الرئاسيّة، وأيضاً في جهوده لإعاقة نجاح بايدن في الإعداد لممارسة رئاسته بعد دخوله البيت الأبيض. ولا أحد يعرف في الوقت نفسه إذا كان ترامب سيبقى في المجال السياسيّ الإحترافيّ عام الانتخابات “الكونغرسيّة” 2022، وعام الانتخابات الرئاسيّة 2024. كما لا يعرف أحد إذا كان سيبقى قادراً على إبقاء قاعدته الشعبيّة مُتحلّقة حوله ومُتمسّكة به، رغم أنّه يُتابع في الوقت الراهن مُمارسة أسلوبه المسرحيّ ومواقفه الصاخبة والعنيفة والمُعنِّفة والتعلّق بالنظريّات التآمريّة التي تسبّبت في خسارته الولاية الرئاسيّة الثانية في رأيه. فهو “انقلب” إلى حدٍّ ما على نائبه بنس وعلى وزير خارجيّته بومبيو وعلى وزير عدله بار وعلى زعيم الغالبيّة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ ماكونيل وعلى حُكّام ولايات مثل كريسبي وكِمب. وهو سينقلب على آخرين أيضاً إذا أخفقوا في الاستجابة لدعواته. إلى ذلك وفي الوقت الحالي يبدو ترامب مُحاطاً بقلَّة من العاملين معه الذين لا يتمتّعون بكفاءات جديّة وفعليّة. لذلك أنا استمرّ في الاعتقاد أنّ قدرة ترامب على البقاء لاعباً أو عاملاً رئيسيّاً في السياسة الأميركيّة في السنوات المقبلة ستتوقّف على مشكلاته القانونيّة ولا سيّما بعد مغادرته الرئاسة. كما ستتوقّف على طريقة إدارة الرئيس الجديد بايدن. في المجال نفسه يقول المُتابع الأميركي نفسه أنّ فريق بايدن حافلٌ بديبلوماسيّين سابقين وبرجال استخبارات وعسكريّين ومُخطّطين سياسيّين يمتلكون مؤهّلات وخبرات عالية جدّاً. ويبدو أنّه يحظى بتأييد غالبيّة ساحقة من ديبلوماسيّين وعسكريّين واستخباراتيّين وأمنيّين مُتقاعدين. ويُشكِّل هؤلاء مع أعضاء إدارة الرئيس السابق أوباما مجموعة قادرة على ملء مراكز نائب ومُساعد وزراء ورؤساء مؤسّسات أخرى كبرى. لهذا فإنّني أظنّ ورغم العصي التي يُحاول ترامب أن يضعها في دواليب بايدن، أنّه سيكون قادراً على اداء مهمّاته على نحو جيّد. الأمر الوحيد الذي يُقلقني هو الجمهوريّون في مجلس الشيوخ ومجلس النوّاب. فهل سيلتقطون يد بايدن الممدودة إليهم أو سيتعاملون معه بالطريقة نفسها التي عاملوا بها أوباما وهي كانت سلبيّة، هذا هو السؤال الأساسي؟ كيف سيتعامل بايدن مع روسيا؟ يُجيب المُتابع الأميركي نفسه بالقول أنّه يؤمن مثل آخرين كثيرين منهم “السيناتور” الراحل ماكّين بأنّ روسيا كانت وهي الآن دولة سائرة على طريق الانحدار (Decline)، وبأنّ الصين هي دولة صاعدة. فاقتصاد روسيا في حالة مُتردّية وصادراتها تقتصر على الغاز والنفط والمُعدّات الحربيّة والأسلحة. في أي حال وبصرف النظر عن ذلك فإنّني أعتقد أنّ تعامل إدارة بايدن مع هاتين الدولتين سيكون بطُرُق مُتشابهة وأخرى مختلفة في الوقت نفسه. ويُتابع: “الإثنان بايدن وقادتنا العسكريّون يستمرّون في رؤية روسيا تهديداً وجوديّاً. لهذا سيكون هناك ردٌّ على #القرصنة الإلكترونيّة الأخيرة الواسعة التي قامت بها روسيا لمؤسّسات عدَّة داخل الإدارة الأميركيّة وعلى الأخرى التي نفّذتها قبل ذلك بأربع سنوات، كما على “الجوائز المالية” التي قرّرتها لكل من ينجح في قتل جنودٍ أميركيّين في أفغانستان سواء كانوا من “طالبان” أو تنظيمات أخرى. في الوقت الحالي فإنّ فريق بايدن للأمن القومي ينتظر تقويماً أساسيّاً لمدى اتّساع القرصنة المذكورة أعلاه ومدى الأذى الذي تسبّبت به. التقويم الأوّليّ أظهر أنّها كانت كثيفة ولا تزال مُستمرّة. لكنّها لم تؤثِّر على المُصنّف “سرّي” في أيّ إدارة، علماً أنّ الهدف منها كان جمع معلومات عن الطريقة التي تُفكّر بها الإدارات الأميركيّة السابقة والحاليّة حيال أنواعٍ كثيرة من الموضوعات. يعني ذلك أنّ القرصنة كانت جُهداً لجمع معلومات وليس لإلحاق أذى بوزارات الولايات المتّحدة وإداراتها ووكالاتها وأعمالها. أعتقد في هذا المجال أنّ القرصنة طاولت أيضاً دولاً أوروبيّة وحلف شمال الأطلسي. لهذا فإنّني أُرجّح أن تسعى إدارة بايدن إلى تكوين جبهة مشتركة مع هؤلاء لتوجيه ردٍّ مشترك على روسيا. ربّما كانت القرصنة الأخيرة الواسعة خطأً ارتكبه الرئيس الروسي بوتين. فهو مقامر ومغامر وسيخسر هذه المرّة. الردّ على القرصنة سيكون من النوع نفسه ومن أنواعٍ أخرى. لكن للإنصاف يجب أن أُضيف أن بلادي أميركا وغيرها تنخرط باستمرار في نشاطات من هذا النوع، ولكن ليس إلى هذه الدرجة من الاتّساع. في أي حال لا بدّ أن تدفع القرصنة والردّ المشترك الأوروبي – الأطلسي – الأميركي إلى تنشيط علاقة هؤلاء الحلفاء بعد فتورها أيّام ترامب. ويبدو أنّ هذا الهدف أولويّة عند بايدن. طبعاً هذا العمل المشترك لن يكون أخباراً طيّبة وجيّدة لبوتين. فهو خشي دائماً حصوله وسعى إلى تقويضه. وهو مثل كل الروس لا يثق في الغرب ولم يثق فيه أبداً”. هنا استدرك المُتابع نفسه: “لا أعني بما أقوله غياب المشكلات بين أميركا وشركائها المذكورين أعلاه. إذ من الطبيعي أنّ بايدن سيُطالب دول حلف شمال الأطلسي برفع مُساهمتها في ميزانيّته الدفاعيّة كما فعل ترامب. وسيكون ذلك مشكلة، تماماً مثل أنبوب الغاز من روسيا إلى ألمانيا. لكنّني أعتقد أنّ هذه المشكلات ستُحلّ واحدة بعد الأخرى. طبعاً لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ لا رفع للعقوبات عن روسيا، علماً أنّ هناك موضوعات عدّة يُمكن التفاوض في شأنها معها ومع حلف “الناتو””. ماذا عن أميركا بايدن والصين؟
sarkis.naoum@annahar.com.lb