النهار
05032018
على أهمية الدلالات السياسية والديبلوماسية للزيارة التي قام بها رئيس الوزراء سعد الحريري للمملكة العربية السعودية والتي بدأت تبرز تباعا مع عودته منها مساء أمس، فإنها لم تحجب في أي شكل خطورة كبيرة ومتنامية لانفجار فضيحة التحقيقات الجارية في ملف الممثل المسرحي الموقوف زياد عيتاني والتي اتخذت منذ الجمعة الماضي طابعاً يمس بمجمل صورة الدولة والأجهزة الأمنية والقضاء على نحو شديد السلبية. والواقع ان الايام الثلاثة الاخيرة بدت أشبه بزلزال من حيث الاهتزاز العميق الذي أصاب ثقة اللبنانيين بالصدقية الامنية والقضائية بعدما قفزت أمامهم نسخة مستعادة من نماذج الوصاية السورية البائدة كان يفترض الا يعود اللبنانيون الى “أيامها” القاتمة في أي شكل وأي ايحاء مباشر أو غير مباشر.
التحرك السعودي
في غضون ذلك، وفيما عاد الرئيس الحريري مساء الى بيروت وبرز أول تحرك فوري قام به بزيارة مفاجئة للرئيس فؤاد السنيورة، علمت “النهار” ان الموفد السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا الذي زار بيروت الأسبوع الماضي سيعود اليوم إليها لاستكمال لقاءات مع عدد من الشخصيات السياسية التي لم يتمكن من لقائها في زيارته الاولى بعدما اضطر الى العودة بسرعة الى الرياض للمشاركة في اللقاءات التي عقدت بين المسؤولين السعوديين والرئيس الحريري.
الحريري والسنيورة
أما الرئيس الحريري الذي كان التقى ليل السبت – الأحد ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان للمرة الثانية، فعاد مساء الى بيروت وزار فور عودته يرافقه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزير غطاس خوري الرئيس السنيورة في منزله في منطقة بلس وصرح على الاثر بانه طلب منه “المضي في ترشحه للانتخابات النيابية في صيدا، وهو طلب مني أن يأخذ وقته بعض الشيء على أن يعطي الجواب النهائي غدا”. وقال: “كما يعلم الجميع، فإن الرئيس السنيورة من أفراد البيت، وكل التضحيات التي قام بها أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري والاستهداف الذي تعرض له طوال تلك المرحلة، كان استهدافاً سياسياً، حتى أن البعض حاول أن يتناوله بالأمور الشخصية. بالنسبة إلي، الرئيس السنيورة ركن أساسي معنا، وهو سيكون دائماً معنا إن شاء الله. من هنا أتيت لكي أتمنى عليه المضي بترشحه، وهو من جهته استمهلني”.
ووصف زيارته للسعودية بأنها “كانت ناجحة جداً حيث عقدت لقاءات عدة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمسؤولين السعوديين، وقد اتفقنا على حضور المملكة في مؤتمري روما وباريس، وهم أكدوا مشاركتهم الفعلية بهذه المؤتمرات. البعض كان شكك في علاقة سعد الحريري بالمملكة العربية السعودية، وأنا أرى أن هذه الشكوك التي حاول البعض أن يزرعها خلال كل هذه المرحلة ذهبت، والعبرة في النتائج. فالكل سيرى كيف ستدعم المملكة سعد الحريري ولبنان في مؤتمري روما وباريس، والأهم بالنسبة إلي دعم السعودية للبنان، فهو ليس دعما شخصيا بل للبلد”.
وفي موضوع اللغط حول الأجهزة الأمنية، وموضوع المسرحي زياد عيتاني، قال الحريري: “أنا لدي كامل الثقة بجهاز أمن الدولة وبقوى الأمن الداخلي، وأي تشكيك في ذلك هو أمر مؤسف، لأن البعض يحاول أخذ الأمور إلى منحى طائفي أو مذهبي، وهذا مسيء للبنان وللأجهزة الأمنية. ومن المؤسف أن بعض السياسيين أو وسائل الإعلام يستعملون هذه الملفات لينتقموا بعضهم من البعض. هذا الأمر لا يجوز، أمن الدولة قامت بجهود كبيرة، وهي سبق لها أن أوقفت خلايا إرهابية، وكذلك شعبة المعلومات تقوم بجهد كبير، وأنا لن أسكت على أي تعدٍ على أمن الدولة وعلى قوى الأمن. فهذه المؤسسات هي لحماية الدولة ولبنان، وأي دخول بين المؤسسات هو أمر مؤسف. قد تحصل بعض الأخطاء أحياناً، وهناك محاولات للهروب من العدالة، ومن الطبيعي أن يحاول المجرم الهروب من العدالة، ولكن العدالة هي لدى القضاء في نهاية المطاف، وما قام به القضاء اليوم بالتعاون مع أمن الدولة أو شعبة المعلومات هو الأمر الصحيح”.
أما الرئيس السنيورة الذي شكر للرئيس الحريري مبادرته، فأوضح انه “بقدر ما أثمن هذا الموضوع تمنيت عليه أن يمهلني لأفكر خلال الساعات الـ24 المقبلة، وسأعقد مؤتمراً صحافياً غداً (اليوم) لأعبر عما قررته في هذا الشأن، ونحن دائما نقرر الخير”. وسيعقد السنيورة مؤتمره ظهر اليوم في مجلس النواب.