
حازم صاغية
الحياة
06112018
يتمسّك الرئيس اللبنانيّ ميشال عون بموقفين متعارضين: من جهة، يدافع عن «حزب الله» بسبب ولا سبب. يصادق، مرّة بعد مرّة، على سرديّة الحزب حيال المقاومة والتحرير في مقابل الإرهاب. من جهة أخرى، يتبنّى موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من عدم توزير «سُـنّة 8 آذار» الذين يلحّ «حزب الله» على توزيرهم. يتمسّك بالحريري رئيساً لحكومته المقبلة وبتأمين بعض الشروط التي تتيح له الظهور بمظهر «رئيس حكومة قويّ».
هذا ما برز واضحاً في المقابلة التلفزيونيّة التي أجريت معه بمناسبة مرور عامين على بداية عهده. مذّاك لم يبدُ أنّ شيئاً تغيّر.
التوفيق بين الطرفين، «الحزب» والحريري، ليس متوازناً بطبيعة الحال. فما يُعطى لـ «الحزب» أكبر وأهمّ وأكثر استراتيجيّة ممّا يُعطى للحريري. مع هذا، يبقى التوفيق، الصعب بالتعريف، كاشفاً لصعوبات العونيّة نفسها، بل لصعوبات المسيحيّة السياسيّة حين تكون في موقع الرئاسة الأولى.
هكذا سريعاً ما ينهار ذاك التصوّر عن القوّة المستمدّ من ماضٍ مات مع حرب 1975 قبل أن يُدفَن مع الطائف في 1989. لا بل سريعاً ما يتحوّل خطاب القوّة إلى نعي توفيقيّ لا يملك أدوات فرض التوفيق، بفعل عدم تجاوب الطرفين، وبفعل «سوء تقديرهما» المشكلات التي قد تترتّب على خلافهما. وهي مشكلات، وإن كانت تعود على البلد لا على «العهد» وحده، إلاّ أنّ الصبر هو الأداة الوحيدة في التعامل معها. لكنّ الصبر غالباً ما يكون من مزايا المختار في القرى، ونادراً ما يكون من مزايا القويّ.
الجديد الذي قد يُبطل دور المختار، وقد يترافق مع توتير الداخل اللبنانيّ، هو العقوبات الأميركيّة الجديدة بحقّ إيران. فهذه قد تدفع «حزب الله» إلى مزيد من تطويع العونيّة، ومزيد من قضم المراتبالسلطويّة، ومزيد من تغيير الموقع اللبنانيّ على الخريطة الاقتصاديّة والماليّة. وهو أمر يصعب احتماله والتكيّف معه، لأنّه يطالب ميشال عون بالتحوّل إلى إميل لحّود. لكنّ هذا ممّا يتعدّى الحكومة وتشكيلها، وإن كانت أزمة التشكيل إحدى محطّاته.