12-03-2021 | 00:42 المصدر: النهار


تصوير حسن عسل.
اللوم على تفاوت سعر صرف الليرة اللبنانية يُلقى على حاكم مصرف لبنان، اضافة الى تسريبات عن عقوبات اميركية تنفيها السلطات المختصة وسفيرة الولايات المتحدة. وهذه آراء نائب رئيس “التيار الوطني الحر” الذي يلقي اللوم على العهد. النائب ابرهيم كنعان تولى رئاسة لجنة المال والموازنة عشر سنين، وهو قام بما كان بإمكانه: ان يراجع الحسابات في ما عدا الحسابات الخارجة عن ارقام الموازنة، وبخاصة سلفات وزارة الطاقة التي بلغت مدى عشر سنين مع فوائدها 65% من مجمل الدين العام، علمًا ان الوزيرة ندى البستاني تساءلت في احد تصريحاتها عما اذا كان على الوزارة او مؤسسة كهرباء لبنان تسديد فوائد عن التسهيلات التي سمحت للوزراء، خصوصا جبران باسيل، وسيزار ابي خليل (القيصر) والسيدة البستاني، بإنجاز عقود لم تلتزم قواعد تعاقد مؤسسات الدولة من دون رقابة ديوان المحاسبة وموافقته. يرى كنعان “ان دواء حالتنا السياسية الراهنة، لا بل مخدرها، هو الانكار…انكار الاصلاح لوقف الانهيار المالي والاقتصادي وتداعياته، انكار الحكومة لوقف الانهيار السياسي وتفكك المؤسسات، انهيار تحرير القضاء وفقدان المرجعية والحق والعدالة، انكار الحلول والخطط الواقعية لوقف الانهيار المصرفي وحجز الودائع”. وبالنسبة الى الوضع الاقتصادي المتلاشي: انهيار المصارف وتبخر الودائع او جزء ملحوظ منها، اسوأ ضرر يطاول 1.5 مليون مودع ومستفيد، وغالبية الودائع المتبقية بعد خسارة 35 مليارًا من الودائع منذ نهاية 2019 وحتى نهاية 2020 تبلغ 112 مليار دولار، وكل من يعرف كيف توفر المصارف لاصحاب الودائع بالتنقيط يدرك ان ما يسمى “قصة الشعر” واقعة يوميًا وتبلغ بالنسبة الى حسابات الدولار التي تسحب لتغطية الحاجات الملحة ما بين 50 و60%، وبالتالي يجب التوقف عن الحديث عن فرض “قصة شعر” على الحسابات لان العملية جارية على حسابات تشكل 80% من مجمل الودائع. ويزيد وهنا بيت القصيد: “انكار السلطة لخياراتها الخاطئة ونتائجها الكارثية على المالية العامة والودائع نتيجة وقف الدفع غير المنظم لسندات اليوروبوند (قسط الفائدة في آذار المنصرم 1.5 مليار دولار) والتوظيف العشوائي الزبائني والاستمرار في سياسة الدعم من دون ترشيد”. ان هذا التقويم يبين ان هنالك رجال دولة حتى في طيات “التيار الوطني الحر”، خصوصا ان التقويم يطاول امرين اسهما في الهدر وانخفاض عائدات الدولة: الامر الاول توظيف 700 موظف من قبل وزير الاتصالات نقولا صحناوي، واهمال اعمال صيانة مستلزمات خدمات الهاتف الخليوي بحيث انخفضت العائدات من هذه الوزارة للخزينة العامة بـ280 مليون دولار سنويًا منذ عام 2013. الامر الثاني الاوسع ضررًا، والذي لا يزال مستمرًا، وإن على نطاق اصغر، هو دعم المشتقات النفطية بنسبة 90% من ثمنها بالدولارات عند استيرادها، ومن ثم تصدير نسبة 20-25% من هذه المشتقات الى سوريا من دون الحصول على عائدات من ثمنها الذي يوازي 10 مليارات دولار كان يستحق منها للبنان لو فُرضت عليها ضريبة الدخل بمعدل 35% 3.5 مليارات دولار، لان المُتاجر بها هو قريب للرئيس بشار الاسد، والحكم السوري يطالبه بضريبة على ارباح تجارة النفط – ويا لها من تجارة يدفع لبنان كلفة دعمها غالبًا – والسوريون ينعمون بتوافر المشتقات من دون معاناة اسعار مرتفعة. ان دعم المشتقات النفطية التي تصدّر الى سوريا كما بعض الادوية والمأكولات، هو السبب الرئيسي لتبخر العملات الاجنبية من الاحتياط، والبرهان على ذلك ان تأخير دعم استيراد مشتقات في الآونة الاخيرة ادى الى انخفاض مستوى التهريب الى سوريا ومن ثم الى انخفاض اسعار الليرة السورية بقوة خلال الاسبوع المنصرم. يقول كنعان “اننا بحاجة الى ثورة من نوع آخر، الى ثورة على الذات يقودها رئيس البلاد الذي به نثق، لنخرج من حالة الانكار القاتل فنضع المواقف السابقة جانبًا لنجترح الحلول الاستثنائية بدءًا من ازمة تشكيل الحكومة الى ازمة الودائع والمالية العامة، الى المسائل البنيوية والاستراتيجية، لنستعيد ثقتنا بأنفسنا وثقة العالم بنا ونعود الى اصولنا واساس نشأتنا ووطننا… الى حياد بشارة الخوري ورياض الصلح وصبري حماده، والذي هو في مبادرة البطريرك الماروني”. انني مع ابرهيم كنعان في تحليله وتصويبه على مسؤولية الحكم عن الهدر والفساد واعتباره مبالغات الثوار في غير موضعها. لكننا مع البطريرك الكاردينال بشارة بطرس الراعي لانه منذ فترة طويلة ينادي بالاصلاح والانفتاح، ومطالبته لم تلق التجاوب المطلوب من المسؤولين لانهم هم المسؤولون عن الخراب الذي شمل ارجاء الوطن ونشاطاته. يجب ان يعلم كنعان، خصوصا بعد تكليف حسان دياب رئاسة الحكومة وفشله خلال عشرة اشهر في ابتكار اي حلول وادعائه بانه حقق معالجة 97% من مشاكل لبنان وهو لم يعالج اي مشكلة، من النفايات، الى ضبط عجز الموازنة وعجز الكهرباء، الى ضبط انهيار الثقة بلبنان، بمؤسساته وقيادييه جميعًا ومواقف بعض الجهات الراعية لبسط مناخ الاستهزاء بمطالب الشعب وكل توجه الى الخارج. اسوأ ما يمكن ان يحصل هو التجاوب مع توجه الرئيس الى احياء دور الحكومة المستقيلة المولجة ادارة شؤون الدولة، في وقت يهدد وباء كورونا صحة اللبنانيين ولا احد يعرف متى ستنحسر هذه الموجة، وما هي تكاليف وقف العمل في المؤسسات الصغيرة والكبيرة، على مستوى الدخل القومي. بلد يوقف توافر مساعدة البنك الدولي لتمويل مستوردات اللقاح وعملية توزيعها، لان البنك الدولي يريد ان يقوم بدور التوزيع والتلقيح فريق يحوز ثقة اعضائه، ونوابنا يعتبرون ان مطلب البنك الدولي يمس بصدقية لبنان وقيادته، ولا نعرف اين يجد النواب هيئة دولية او دولة اقليمية تثق بقيادة لبنان الحالية. يجب وقف التذاكي والانكباب على العمل المجدي.