الرئيسية / أخبار الاقتصاد / العليّة لـ”النهار”: المناقصات الكبيرة ﻻ تخضع لرقابتنا وأدرس الطعن بوزارة تستدرج عروضا

العليّة لـ”النهار”: المناقصات الكبيرة ﻻ تخضع لرقابتنا وأدرس الطعن بوزارة تستدرج عروضا

 

“إدارة المناقصات الموجودة منذ العهد الشهابي عام 1959، أريد لها في عز فورة الاصلاح ان تكون ادارة مركزية تتولى الاشراف على موضوع الصفقات العمومية وتنظيمها وادارتها. واليوم هذه الادارة بإمكاناتها المتوافرة، تقوم بهذا الدور وتعطي نتائج كبيرة. وقد تقدم 30 عارضا من خلال الصفقات التي تجرى في ادارة المناقصات، مما يدل على توافر عنصري المنافسة والثقة، وفي عدادهما العارضون”. الكلام لرئيس ادارة المناقصات جان العلية في حوار مع “النهار”.

ويلاحظ ان “نقابة المقاولين تطالب بإجراء الصفقات في ادارة المناقصات، وكذلك الرأي العام كله ﻻنها مؤسسة ادارية رقابية، وخاضعة للمساءلة إذا أخطأت. هي موازية لإدارة التفتيش المركزي وترتبط برئيسها الذي يشرف على عملها، ولكن احتماﻻت وجود الخطأ قليلة واحتماﻻت اكتشافه كبيرة بالنسبة الى الصفقات التي تحصل من خلالها”.

ويحصي ورود ثلاث مناقصات يوميا على الاقل الى اﻻدارة من القيمة المتدنية التي تصل حتى 300 مليون ليرة، وﻻ يرسلون إلينا المناقصات ذات القيمة الكبيرة”. ويحرص المشرف على لجنة المناقصات المستقلة في عملها على “تكريس هذه الاستقلالية، فيما يراقب عملها ديوان المحاسبة، وهو المرجع الصالح او القضاء المالي للمحاسبة، في حال حصول خطأ او جرم جزائي”. ومرد تركيزه على المرجع الصالح لمحاسبة اللجنة الى أن “الكثر يحاولون التدخل معنا وإظهار حرص كبير على لجان المناقصات. فليدعوا لجان المناقصات تقوم بعملها، وعندما تخطئ تتم محاسبتها من المراجع المختصة قانونا، فضلا عن أن الدستور واضح في تحديد صلاحية كل من مجلس الوزراء والوزير. فليعمل كل منا وفق صلاحيته. وعندما تقوم كل مؤسسة بدورها تتكامل الادوار وتصب في مؤسسات رقابية تضع تقاريرها، ويعود الى السلطة التشريعية، التي هي أصل الرقابة، ان تراقب السلطة التنفيذية في ضوء تقارير موضوعية ودقيقة. وعلى هذا النحو “بتمشي” دولة القانون ودولة المؤسسات” .

يفهم من تفنيدك في الصلاحيات ان ثمة تدخلات تحصل؟ يجيب: “بصفتي رئيسا لإدارة المناقصات ومواطنا لبنانيا وباحثا في العلوم المالية والقانون، أطلق شعار دولة المؤسسات وتطبيق القانون مكسبا للجميع. وبتطبيقه يكون رابحا حتى من يعتقد نفسه انه خاسر. لا مبرر يجيز مخالفة القانون. علينا جميعا ان نفكر، وخصوصا في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، في تطبيق القانون ورفع الصوت، فهو من قال إن من يطبق القانون ويدافع عنه لديه مظلة كبيرة اسمها رئيس الجمهورية، ولذا نحن ﻻ نعمل إلا على هدي القانون، وعندما نبدي ملاحظات على قرار اداري او قرار صادر عن مجلس الوزراء فلأنه بحسب نظام الموظفين، يفترض بالموظف ان يلفت النظر الى الخطأ، وعلى من يلوموننا احيانا على لفت النظر ان ينتبهوا الى اننا سنلام على ملاحظتنا الخطأ وعدم لفتنا النظر اليه، حتى لو كان مرتكبا من مرجع عال، لان ذلك سيسبب خللا فادحا وجسيما ﻻ يفترض بالموظف السكوت عنه. وأنا كموظف ملزم تنفيذ قرارات مجلس الوزراء، لكنني ايضا إذا لاحظت في قرار معين وجود مخالفة لقانون المحاسبة العمومية والدستور يفرض واجبي الوظيفي علي أن ألفت الى هذه المخالفة، ليس انتقادا او تجريحا او تهميشا. فالسكوت عنها هو مؤامرة وتهميش وتجريح وانتقاد.

صرخة وجع

ويعتز العلية، الذي استحصل على الإذن أصوﻻ لإجراء هذا الحوار تطبيقا للقانون، “بدورنا بالنسبة الى قرار مجلس الوزراء المتعلق بمناقصة الميكانيك. لقد لفتنا الى خلل كبير اعتراها ومخالفتها للدستور واحكام قانون المحاسبة العمومية، ولو جرى اﻻخذ بملاحظاتنا لكنا وفرنا على القضاء والبلد هذه الخضة. للمرة الأولى في تاريخ الصفقات في لبنان منذ عام 1959 فرض على ادارة المناقصات تشكيل لجان تضم اسماء عينتها مراجع وزارية رسمية ﻻ يحق لها التدخل. وهذا أحد أسباب فشل هذه المناقصة. فاللجنة تريد أن تقوم بعملها، وأنا أيضا، وكذلك الوزير ومن يخطئ تتم محاسبته من المرجع المختص. هذا هو منطق دولة القانون”.

ويفخر رئيس إدارة المناقصات بالمزايدة في السوق الحرة في المطار، ويعتبرها “علامة فارقة في تاريخ المناقصات والمزايدات واﻻنجاز الاول في هذا العهد. ففيها جرى تطبيق القانون وتم احترام قواعد اﻻختصاص ورفض الوزير يوسف فنيانوس ان يتدخل، وترك ادارة المناقصات تقوم بعملها آخذا بملاحظاتنا على دفتر الشروط وكذلك لجان المناقصات”. ودعا الى “تعميم هذا النموذج، لأن الوزير مسؤول عن حسن تطبيق القوانين في ادارته بحسب المادة 66 من الدستور وتنص على أن “يتولى الوزراء ادارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الانظمة والقوانين” وليس خلق أنظمة وقوانين”. وعندما طبقنا قاعدة اﻻختصاص حظينا بـ111 مليار ليرة كمبلغ ثابت وعملة على كل راكب حتى حدود 20 مليون دوﻻر لمصلحة خزينة الدولة لوجود منافسة حقيقية واستحالة توزيع كميات هنا وهناك للحصول على مناقصة”.

“حق المواطن أن يسأل”

وفق العلية أن ما حصل ليس خلطة سحرية ويمكن تطبيقه في كل المناقصات، ﻻفتا المواطن الى الاسترشاد بحقه في الوصول الى المعلومات. ويقول: “يمكن ان يلمس المواطن هذا الحق عندما يقود سيارته على الطرق من دون ان تسقط في الحفر، ويرى الكهرباء دائما وﻻ يرى نفايات على الطرق. ثمة أموال كثيرة تم صرفها منذ أعوام على موضوع النفايات، فهل أنشئت مراكز معالجة؟ وهل انخفض معدل التلوث؟ من حق كل مواطن أن يراجع المسؤول، عملا بقانون حق الوصول الى المعلومات رقم 28 تاريخ10/2/2017، عن مقدار الاموال التي أنفقت على قطاع النفايات في لبنان منذ عشرة اعوام الى اليوم، ولماذا لم تعالج جذريا؟.

وبسؤاله، يشدد على “أن أي استدراج عروض تفوق قيمته مئة مليون ليرة، يجب أن يحصل باشراف ادارة المناقصات. وعلى المؤسسات العامة ان تطبق المعايير نفسها والأسس المعتمدة في ادارة المناقصات بحسبه ايضا”.

زمن الاستثناء قاعدة

هل يقصد القول إن المناقصات الكبيرة تجرى بمعزل عن ادارة المناقصات؟. يجيب: “ﻻ اعرف ما يحصل خارج ادارة المناقصات. اعلم بما يحصل عندي، وهو ﻻ يشكل اكثر من 5 في المئة من مجمل الانفاق العام، والرقم الحقيقي أقل بكثير ربما، لانه يا للاسف ليس لدينا معلومات دقيقة عن حجم اﻻنفاق العام، فيما الباقي يحصل في وزارات او مؤسسات عامة، لن أسمي أيا منها لان كل الناس تعرفها. وهي ﻻ تخضع للرقابة المسبقة لديوان المحاسبة واقعيا، بحجة أنها مؤسسات عامة، رغم أنها قانونا خاضعة للرقابة المسبقة بموجب المرسوم الاشتراعي 83/82 الذي له مفعول القانون. ﻻ استثناء اﻻ الاستثناء الذي ينص عليه القانون. وفي حال اراد المواطن، عملا بقانون حق الوصول الى معلومات، وكونه مموﻻ للانفاق العام، ان يسأل السلطة التنفيذية باحترام ومحبة وتحفظ، عن عدد الاتفاقات بالتراضي التي اجريت في سنة ما، هل من يجيب؟ كل اتفاق بالتراضي خارج ضوابط المادتين 147 و150 من قانون المحاسبة العمومية، أعتبره كباحث مالي وفي القانون، انفاقا لا ينطبق على احكام القانون حيث الاتفاقات بالتراضي هي الاستثناء. ونحن في زمن اصبح فيه اﻻستثناء قاعدة”.

وعندما نسأله رأيه في ان نسبة 95 في المئة من اﻻنفاق العام ﻻ تمر عبر ادارة المناقصات، يتناول المناقصة المطروحة حاليا في وزارة اﻻتصالات من دون ان يسميها. ويقول: “احدى المناقصات المطروحة في احدى الوزارات اخيرا بقرار من مجلس الوزراء بمبلغ ﻻ يقل عن 49 مليون دوﻻر تجري خارج إدارة المناقصات. وبكل احترام وتقدير لمقام مجلس الوزراء، نطرح السؤال هل يمكن قرارا أصدره أن يعدل قانون المحاسبة العمومية؟. القانون يعدل بقانون في دولة القانون. لماذا يجري اليوم في احدى الوزارات استدراج عروض؟ ولماذا تقوم الوزارة المعنية بالتأهيل؟”

ويكشف العلية انه يدرس “امكان قيام ادارة المناقصات بالطعن بقرارات مجلس الوزراء التي تأخذ من دورها، وسأتشاور مع رئيس التفتيش المركزي في هذا الموضوع. فقانونا ودستورا، ﻻ تستطيع مؤسسة ان تختزل عمل مؤسسة اخرى. ومبلغ الـ49 مليون دوﻻر هو جزء من خطة اسمها المرحلة السابعة قد تبلغ تكلفتها 271 مليار ليرة، ورئيس الجمهورية لا يسمح بهذا المنطق. وكلامي لا يستهدف وزارة معينة او شخصا، ﻻنني ﻻ انتقد اشخاصا انما انتقد نهجا يتخطى القانون ونهج الشخص الذي يعتقد انه يختصر القانون ويفعل ما يشاء لمجرد انه في موقع معين”.

ضجة بواخر الكهرباء

وماذا عن الضجة في قضية بواخر الكهرباء؟ يقول: “يجب أن تطبق الاسس المنصوص عليها في نظام المناقصات. لم اطلع على قرار مجلس الوزراء لمعرفة الصيغة التي تم فيها تكليف المؤسسة اجراء المناقصة، ولكن من دون استثناء ومن دون تسميات نتمنى على الجميع الرجوع الى احكام القانون ونطالبهم بتطبيقها”، منتقدا “عدم الاحالة على ادارة المناقصات الا الجزء القليل من الانفاق العام. وهذا الجزء القليل ومزايدة السوق الحرة ونجاح ادارة المناقصات في القيام بدورها يجب ان يكون حافزا ودافعا يحدو بنا جميعا للتفكير في تطبيق قاعدة اﻻختصاص، فلا ثقة بدون العودة الى الدستور وتطبيق احكام القانون والتزام قواعد اﻻختصاص. ﻻ نستهدف اي وزارة او ادارة انما نهجا يتخطى المؤسسات ويختزلها، وهو ما يدمرنا جميعا. ولن اتراجع عن محاربة النهج الذي يتخطاها ويخلق قواعد خاصة بأشخاص. وكمواطن لبناني وممول للانفاق العام، أقول بدل التفتيش عن ضرائب جديدة لفرضها على المواطن، هو الذي لم يعد لديه القدرة على تحملها، لماذا ﻻ يتم ترشيد الانفاق العام وربطه بخطط وأهداف؟ إن لم نحقق هذه اﻻهداف فليكن لدينا الجرأة ان نذهب الى بيتنا”.

اضف رد