8 نيسان 2017
النهار
يبدو أن المعلومات التي كان تم تداولها، ومفادها أن وزارة الخزانة الأميركية أعدّت “مسوّدة” عقوبات جديدة تطال “حزب الله”، ومضمونها أقسى من القرار الذي اتّخذته السنة الماضية، باتت في حكم المؤكدة بعدما جاءت على لسان نائب حاكم مصرف لبنان محمد البعاصيري العائد حديثا من الولايات المتحدة. فقد علمت “النهار” أن الاخير أكد خلال اللقاء الشهري بيــن مصـرف لبنــان ولجنـة الرقابة وجمعيــة المصــارف الذي عقد أول من أمس أن مشروع القانون الجديد الذي تعمل عليه بعض لجان مجلس النواب الأميركي والمتعلق بتشديد العقوبات على “حزب الله” “وتوسيعها جدي وخطير، ومن المحتمل أن يصدر القانون مطلع الشهر المقبل”. ووفق مصادر المجتمعين، فقد أكد البعاصيري ضرورة البدء بالاتصالات على أعلى المستويات لتجنب تداعيات هذا القانون. وفيما كانت المعلومات تشير الى بعض الاسماء التي يمكن أن تطالها العقوبات، دعا البعاصيري المصارف الى عدم الأخذ بما ينشر في الصحف من أسماء لعدم صحتها بتاتا، خصوصا أن لدى الخزانة الأميركية عشرات المحامين الذين يحرصون على عدم زجها بدعاوى على أساس تسريب معلومات خاطئة”.
أمام هذه المعلومات، لاحظ المجتمعون أن الإدارة الأميركية السابقة كانت تضغط على الكونغرس لعدم التوسع في العقوبات، بعكس الإدارة الحالية التي تضغط لتوسيع العقوبات وتشددِها بما يجعل التدخل لتعديلها أو إلغائها أصعب بكثير. وفيما تؤكد المعلومات أن مضمون هذا القانون قد يكون أقسى من القرار الذي اتخذته الادارة الاميركية في العام الماضي، واستطاع لبنان بفضل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحكمة “حزب الله” تجاوز آثارها السلبية، حض المجتمعون وفق ما تؤكد المصادر على البدء بإجراء الاتصالات في أسرع وقت ممكن كي لا نفاجأ في كل مرة.
ومع التشديد على أن العقوبات لن تطال المصارف اللبنانية، إلا أن جمعية المصارف اعتبرت “أن التوسع بالعقوبات سيرتّب ضغوطاً على المصارف ويُعقد عملها، وأن الموجود منها كاف، وليس من جديد يمكن أن تضيفه عقوبات إضافية، اللهم إلا إذا كان المطلوب إلحاق الأذى بلبنان”. الى ذلك، أكدت مصادر مصرفية متابعة لـ”النهار” أن ثمة تخوفا من أن لا تقتصر العقوبات على “حزب الله”، بل تشمل أقرباءهم أو معارفهم بما يوسّع لائحة المتضررين منها، حتى أنها قد تطال حركة “أمل” أو بعض العناصر المنتمين اليها، وهذا الامر قد يؤدي الى مزيد من الضغوط.
الموازنة والأوروبوند
وبعيدا من العقوبات الأميركية، تطرق الاجتماع الشهري الى التطورات النقدية والمصرفية، إذ اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن نجاح الاكتتاب بالإصدار الأخير للأوروبوند أعطى إشارة إيجابية بالنسبة إلى الوضع النقدي في لبنان، فتراجع تسعير الـ CDS الى 4% في الوقت الحاضر، مع الاخذ في الاعتبار أن هذا النجاح ينعكس إيجاباً على الاكتتاب بسندات الخزينة بالليرة اللبنانية. وأخذ موضوع الموازنة والرأي الصادر عن هيئة التشريع والاستشارات لوزارة العدل القائل بعدم جواز فرض ضرائب مع مفعول رجعي وبعدم تشريع ضريبي استثنائي على أرباح سابقة، حيزا مهما من النقاشات. وتمت الإشارة كذلك إلى الانعكاس السلبي جداً للتكليف الضريبي غير المدروس على 14 مصرفا من المصارف الوسطى والصغيرة، وعلى عدم عدالته، إذ يصبح معه معدل ضريبة أرباح الشركات متفاوتاً بين 20% و76% كما بيّنته الدراسة التي أعدت من الجمعية ووضِعَت بتصرف الحكومة ومصرف لبنان.
ونقل المشاركون في الجمعية العمومية لاتحاد المصارف العربية التي عقدت أخيرا في الأردن تساؤلات المستثمرين عن التعديلات المطروحة والتي تعدل جذريا مناخ الاستثمار في لبنان، ونقلوا كذلك، في ضوء النتائج التي تمَّ تداولها في هذا الاجتماع، أن ربحية المصارف اللبنانية على موجوداتها ومعدّلات الرسملة في لبنان أدنى من المتوسط العربي.
وبالنسبة الى الجمعية، فإن تدخل مصرف لبنان أساسي مع السلطات المعنية، ذلك أنها السلطة النقدية والمصرفية الأولى، وهي بصفتها هذه على بينة من أوضاع المصارف وربحيتها ورسملتها، وتعي مدى انعكاس المعايير المالية الدولية على القطاع المصرفي، مع الاشارة إلى أن هذا النوع من الضرائب يرتد مع الوقت على كلفة اقتراض الدولة، كمن يضع ضريبة على إصداراته.
وفي اللقاء، أدرجت الجمعية موضوع تبادل المعلومات الضريبية (CRS) في جدول الأعمال لمعرفة حصيلة تداوله بين مصرف لبنان ووزارة المال، فأوضح الحاكم أن منظمة الـ OECD تجري تقويماً للوضع في لبنان، وستعلن نتائجه قريباً لناحية مدى حماية المعلومات التي سترسلها الى لبنان الجهات الخارجية، وأنه ليس مؤكداً حتى الآن أن الدول التي فيها معظم عمليات الصيرفة الخاصة Private Banking ستوافق على أن تتبادل المعلومات مع لبنان، بعكس الدول الكبيرة كفرنسا وإنكلترا، مشيرا الى أن المعلومات الآتية إلى لبنان ستصب في وزارة المال، وأن مصرف لبنان يمكن أن يتولى من طريق هيئة التحقيق الخاصة، جمع المعلومات المغطاة بالسرية المصرفية، ومن ثمَّ إرسالها إلى الخارج المعني. وعلى العكس، واستناداً إلى القوانين والأنظمة التي ترعى هيئة التحقيق الخاصة، إذا أتت المعلومات من الخارج إلى الهيئة لا يمكنها إفشاؤها من دون سبب.
ولفت الجمعية إلى ضرورة أخذ عامل الوقت في الاعتبار والإسراع في تنظيم كامل العملية، فالإجراءَات التنظيمية تستغرق حيزا مهما من الوقت، وتاليا من الضروري أن تصدِر السلطات المالية والنقدية التعاميم التنظيمية، فتتمكن المصارف من التهيؤ لتنفيذها في 2018.