سركيس نعوم
النهار
24072017
لا أعرف، أجبتُ البارز في الأمم المتحدة، عندما سألني عن أسباب العلاقة الجيّدة أو دوافعها بين الأمير محمد بن سلمان السعودي ووليّ عهد الامارات الشيخ محمد بن زايد. وأضفتُ: كنت أعرف قبل زيارتي هذه لواشنطن ونيويورك أن بين الإثنين تحالفاً متيناً. وأن بن زايد ساعده كثيراً في العاصمة الأميركيّة وسوّقه في أوساطها الحاكمة وأوساطها السياسيّة وغيرها. وهو يساعده عسكريّاً داخل اليمن. لكن ماذا يحصل في حال فشلت حرب اليمن؟ قد يكون أحد أسباب العلاقة الجيّدة بين الاثنين أنّ بن سلمان شاب وأن بن زايد أكبر منه سنّاً وأكثر خبرة، كما أن استمرارها قد يقوّي وضعه داخل مجلس التعاون الخليجي ومع المملكة، فضلاً عن أنّ بن زايد ربما يريد حليفاً يستند إليه مستقبلاً. فهو وليّ عهد دولة الإمارات وإن كان يمارس الحكم الفعلي لها لكون رئيسها الرسمي ضربه المرض قبل سنوات. سأل عن لبنان، وقال انه “ينتقل من “نزول إلى نزول”. طبعاً فاجأنا وكانت مفاجأة سارّة لنجاحه في تلافي انتقال الحرب في سوريا إليه. لكن في الموضوع السياسي فإن أي تقدّم لم يتحقّق فيه”. ثم وافق على اعتقادي أن وضع المسيحيّين في لبنان يهبط على نحو منتظم، وقال لي “أن الرئيس فؤاد السنيورة قال له يوماً: لو بقي مسيحي واحد في لبنان لبقينا نحن السنّة مصرّين على “المناصفة” ومتمسّكين بها”. علّقتُ: هذا صحيح. لكن يجب أن تعرف أنّ السنّة والشيعة، ورغم استيقاظ خلافاتهم المُزمنة جدّاً وتحوّلها حروباً ضروساً في المنطقة، مسلمون في النهاية. وقد يضطرّون في النهاية إلى البحث عن تفاهم بينهما في حال واصل المسيحيّون خطابهم السياسي الطائفي المُخالف لاتفاق الطائف. طبعاً قد لا يحصل ذلك الآن. لكنّه ممكن عند انتهاء الصراع المذهبي المسلم في المنطقة، وساعتها يدفع المسيحيون الثمن. وشرحت في هذا الإطار وتفصيلاً الوضع المسيحي على تنوّعه ومواقف قادته وسياسيّيه وأحزابه.
سأل في بداية اللقاء عن لبنان، وعن الطريقة التي يمكن أن تساعده أميركا بواسطتها من دون أن تؤذيه. وقال: “تعرف أن الفساد كبير في لبنان وكثير وعابر للطوائف والمذاهب”. فأجبتُ متحدّثاً عن استقرار هشّ للوضع الأمني، ومُستبعداً حرباً في الداخل أو فوضى أمنيّة وعسكريّة الآن على الأقل لأن لا مصلحة لأحد في لبنان في هذا الأمر بما في ذلك الطرف القادر على خوض حرب، ومتخوّفاً من فراغ نيابي يشلّ الحكومة والرئاسة معاً. سأل عن “الجهود التي يبذلها البعض لاعادة الصلاحيّات والقدرة والاعتبار إلى رئاسة الجمهورية”. أجبتُ أن من يفعلون ذلك سيتسبّبون في خسارة المسيحيّين على المدى المتوسّط وليس البعيد، وأن خسارتهم قد تكون نهائيّة لأنهم لم يعودوا أكثريّة، علماً أن أكثريّتهم كانت بنسبة ضئيلة منذ عشرات السنين. لقد صاروا أقلّية وإن وازنة على الأقل حتى الآن. وشرحت حرب لبنان (15 سنة) بأسبابها الداخليّة والخارجيّة وأشرتُ إلى أن أبرزها مطالبة المسلمين بتقليص صلاحيّات رئيس الجمهوريّة المسيحي وبالمشاركة في السلطة. وقد تمّ الاتفاق على ذلك في الطائف السعودية ونص عليه اتفاق خطّي وافق عليه نواب لبنان وحمل اسم هذه المدينة. فهل تتصوّر أن المسلمين سيقبلون عودة الرئيس ليس القوي فقط بل صاحب الصلاحيّات الأكبر في البلاد رغم انقسامهم الحاد مذهبيّاً؟ ثم استفضت في شرح “المعارك” السياسيّة الدائرة حول قضايا ظاهرها سياسي أو وطني وباطنها طائفي ومذهبي من قانون الانتخاب إلى إنشاء مجلس شيوخ إلى إلغاء الطائف والاستعاضة عن المناصفة بالمثالثة. علّق على إثارة المداورة في الرئاسات كاقتراح يمكن اللجوء إليه، قال: “طُبّقت المداورة في البوسنة ولم تنجح”. ردّيتُ: هناك حلول كثيرة إذا أراد قادة لبنان وأحزابه وطوائفه ومذاهبه. المداورة طُبّقت في سويسرا ونجحت. ضحك قائلاً: أن شعب لبنان ليس مثل شعب سويسرا”. ردّيتُ: كل فريق لبناني يريد لبنانه. ولذلك لا يعتبر كل الأفرقاء لبنان الحالي لبنانهم. ولذلك فإنّهم يدمّرونه ويستولون على خيراته وسيجعلونه قاعاً صفصفاً. ثم تحدّث العامل نفسه في الكونغرس عن دفع الضرائب وقال: “لا أحد يحبّها حتى في أميركا. الاتحاد الأميركي كان كونفيديراليّة بين دول مستقلّة لا تفرض ضرائب على أعضائها”. ماذا قال أيضاً؟