اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / السعوديّة للمحافظة على الحريري والسنيورة وميقاتي وريفي… وجعجع

السعوديّة للمحافظة على الحريري والسنيورة وميقاتي وريفي… وجعجع


سركيس نهوم
05032018

“الشعب اللبناني الشيعي” لم يشعر بالارتياح ولا بالحبور عندما رأى بأمّ العين قيام المملكة العربيّة السعوديّة بمحاولة جديّة لاستعادة الزعيم الأبرز في “الشعب اللبناني السُنّي” جرّاء إنجازات والده الرئيس الشهيد لا إنجازاته هو إلى أحضانها، بعدما ساهمت هي بخطوات مُرتجلة في دفعه إلى أحضان من تعتبرهم أعداءها داخل لبنان وفي المنطقة، وفي إثارة عتب سُنّي عليها رغم تمسّك الغالبيّة السُنيّة بالمملكة مرجعيّةً عربيّة – إسلاميّة أولى لها. وكانت المبادرة توجيه عاهلها سلمان بن عبد العزيز دعوة رسميّة له بوصفه رئيساً لمجلس الوزراء إلى زيارتها والإجتماع به ثم مع وليّ عهده الأمير محمد بن سلمان الذي يعتبره العالم الرجل الأقوى في بلاده والملك المقبل لها. والشعور المُشار إليه مُبرّر، إذ أن نجاح الزيارة قد يُعيد توحيد السُنّة ضدَّه، وتوحيد 14 آذار ضدّه أيضاً. ومن شأن ذلك ليس التسبّب بخسارته وتحديداً بخسارة زعامته المتمثّلة بـ”الثنائيّة الشيعيّة” لاستحالة ذلك للأسباب المعروفة، بل بمضايقته وإزعاجه واستدراجه إلى مستنقع داخلي تعمّد دائماً الابتعاد عن الوقوع فيه، وإعطاء أعدائه وأعداء زعامتَيْه الذرائع للتضييق عليهما ولضربهما لاحقاً. و”الشعب السُنّي اللبناني” كان سعيداً بأخبار المحاولة الجديّة ومُنتظراً بفارغ صبر انتهائها ونتائجها التي أمل في أن تكون جيّدة والتي روّجت وسائل إعلامه المُعبّرة عن القوّة الأكبر داخله أي “تيّار المستقبل”، وعن القوى المختلفة معه بسبب انتهاجه سياسة “استسلاميّة” لأعداء المملكة وفي مُقدّمهم “حزب الله”. و”الشعب الدرزي” لم يكن مُنزعجاً من المبادرة أو المحاولة، وربّما كان يتمنّى نجاحها. لكنّه في الوقت نفسه كان يخشى أن لا يشمل النجاح الزعيم الأبرز له وليد بك جنبلاط، ولا سيّما بعدما انتقد مسؤولون سعوديّون مواقف له من حرب اليمن، وبعدما استثنى الموفد الرسمي الأخير للمملكة إلى لبنان الزعيم المذكور من لقاءاته اللبنانيّة.

أمّا “الشعب المسيحي اللبناني” فيسوده الانقسام. فرئيس الجمهوريّة القادم من صفوفه العماد ميشال عون لم تتصّف علاقته بالمملكة يوماً بالإيجابيّة والودّ، وخصوصاً منذ محاولاته الجديّة منع النوّاب اللبنانيّين من الذهاب إلى الطائف للبحث عن حلّ يُنهي حروب بلادهم ويُرسي سلاماً وطنيّاً جديداً فيه، ومنذ رفضه الدعوة إلى حضور مؤتمرهم هناك، ومنذ رفضه الاتفاق الذي انبثق منه دستور جديد للبلاد، وافترض الجميع أنّه أمّن مشاركة مُتساوية لكلّ الشعوب في السلطة أو في “كعكتها”. وهو رفضٌ استمرّ طوال إقامته في المنفى الفرنسي. وبعد عودته إلى لبنان انتقل إلى التحالف مع زعيم مجموعة 8 آذار المُعادية لها، ثم صار جزءاً منها. وعندما تعرّض الحريري رئيس الحكومة إلى ما تعرّض له قبل أسابيع في الرياض تحرّك عون بقوّة وجديّة مع حليفه “حزب الله”، وحرّك الجميع المجتمع الدولي والعربي فعاد إلى بلاده مجروحاً وأكثر رغبة ليس في الانتقام ولكن في ردّ الرجل. وفعل وكان ذلك مزيداً من الارتماء أو الاستسلام لـ”الحزب” ولكن عبر الرئاسة الأولى. وتأكّد يومها السعوديّون أنّهم أعطوا إيران في لبنان نصراً مجانيّاً. أمّا “التيّار الوطني الحرّ” الذي أسّسه عون فيمرّ في عدم استقرار لأن رئيسه “وريث عون السياسي” جبران باسيل، وربّما وريثه في الرئاسة، بدأ يُعيد النظر في الخطط وربّما في الاستراتيجيّات ويبحث عن وسائل تُدخله قصر بعبدا. وإحداها التقرّب من المملكة وأميركا وغيرهما، كما التقرّب من السُنّة ومن شأن ذلك إعادة تقوية الحريري داخلها إذ يستطيع القول أن هدفه استعادة “التيّار” وجمع المسيحيّين كلّهم في موقف مؤيّد لها. يساعده في ذلك كون نصف المسيحيّين إلى حدّ ما معها ضد “الحزب” وإيران. ومن زعمائهم سمير جعجع رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” وشخصيّات.

في اختصار القلقون من المحاولة فرحوا عندما أخّر وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان اجتماعه بالحريري قرابة يومين. والفرحون بها قلقوا إذ اعتبروها نوعاً من ضغط غير مباشر يؤكّد استمرار الموقف السعودي الذي “عاناه”. والسؤال المُهمّ الآن ماذا حصل في اللقاء؟

من يقول أنّه يعرف الآن يكون مُبالِغاً كي لا يقول شيئاً آخر، ولا بدّ من مرور وقت ومُتابعة الحركة السياسيّة الحريريّة – السعوديّة – اللبنانيّة – الإماراتيّة لمعرفة إذا كانت النتيجة “قمحة أو شعيرة” أو إذا كانت السعوديّة تفهّمت لبنان أم لا. لكن الذين يعرفون السعوديّة جيّداً جدّاً يقولون أن أجواءها قبل لقاء الأمير السعودي “مواطنه” اللبناني كانت الآتية:- “تمسّك الرياض بفكّ الحريري ارتباطه بالرئيس ميشال عون وبأركان “تيّاره” المُعادين للمملكة، وعدم قبض الكلام الانتخابي اليومي لـ”المستقبل” عن أن لا تحالف بينه وبين “حزب الله”. والتحالف مع جعجع و”قوّاته” في الانتخابات وخصوصاً في “الجبل الدرزي”، والمحافظة على الحريري زعيماً سُنيّاً والتخلّي عن حصريّة زعامته للسُنّة، والمحافظة على الرئيس نجيب ميقاتي رغم “أخطائه” السابقة، وعلى الرئيس فؤاد السنيورة رغم الإدراك أنه قد يكون تأذّى كثيراً، وعلى الوزير السابق أشرف ريفي في طرابلس رغم عدم تأييد توسيعه تحرُّكه السياسي والانتخابي خارجها، ومُتابعة “الحلفاء” الذين يُقيمون علاقات سواء للسياسة أو للمال مع “أخصام” المملكة وفي مقدّمهم قطر”. ومن الأجواء أيضاً أن جولة الموفد العلولا كان مُقرّراً أن تشمل الرؤساء الثلاثة وجعجع فقط، وأن يكون الحريري وحده في اجتماعات السعوديّة ولذلك دلالاته.

في النهاية لا يمكن القول بسوى “الخبر الذي تدفع فلوساً للحصول عليه اليوم ستعرفه غداً ببلاش” أي مجاناً. فلينتظر اللبنانيّون، إلّا أن المؤشّر الأوّل قد يكون قرار المملكة الاشتراك في مؤتمرَيّ روما وباريس أو استمرارها على رفضها غير المُعلن لذلك.

sarkis.naoum@annahar.com.lb

اضف رد