مروان اسكندر
النهار
16112018
صدر في “النهار” مقال منذ بضعة أيام انجزته سلوى بعلبكي عن مأساة قطاع الكهرباء والمياه في لبنان، وأظن أن من المناسب توضيح اضرار الاهمال الذي واجهناه على هذا الصعيد منذ 2006 وحتى تاريخه.
حسب المقال أن طاقة المعامل الكهرومائية في مجرى مياه الليطاني توازي 190 ميغاوات. ومعلوم ان مصدر انتاج الكهرباء من تدفق المياه هو الاقل كلفة بين انواع منشآت التوليد، ومن أهم خصائصه ان استهلاك المحروقات غير وارد في عمليات توليد الكهرباء من تدفق المياه، وتالياً لا تساهم هذه المعامل في التلوث. ومعامل الكهرباء في لبنان تعتبر بعد السيارات ثاني اكبر ملوث للبيئة في البلاد.
ان المعامل الثلاثة سميت باسم رئيس الجمهورية حين انجاز المشروع أي شارل حلو، والمهندس الذي وضع تصور تطوير مياه الليطاني والاستفادة منها ابراهيم عبد العال، وأحد كبار مهندسي المشروع.
المعامل الثلاثة متوقفة منذ عام 2006 والسبب تكاثر الاوساخ والنفايات في المياه وعدم صيانة هذه المعامل منذ اثني عشر عامًا، فهل هنالك يا ترى معمل لانتاج الكهرباء لا يخضع لاعمال الصيانة كل سنة؟ بالتأكيد ان الصيانة ضرورية ومن مستلزمات عمل المعامل بفاعلية واهمال الصيانة يؤكد مسؤولية الوزراء المعنيين منذ 2006 وحتى تاريخه.
استناداً الى ارقام المقال، توازي طاقة انتاج معملي بعلبك وصور 70 ميغاوات لكل معمل، أي ان طاقة المعملين تساوي 140 ميغاوات تضاف الى طاقة المعامل الكهرومائية البالغة 190 ميغاوات. ومعملا بعلبك وصور أصيبا باعطال نتيجة استعمال لقيم (مازوت) لا يحوز المواصفات المناسبة وهذه من مسؤولية الوزارة المعنية.
لقد كانت لدينا قبل استئجار البواخر طاقة انتاج تزيد على 330 ميغاوات متوقفة بسبب اهمال الصيانة وتقبل امدادات مازوت ذات مواصفات سيئة لمعملي بعلبك وصور.
عام 2013 حظي وزير الطاقة بتخصيص وزارته بمبلغ يوازي 1.2 مليار دولار افترض انه سيكرّس لانجاز معملين بطاقة 1000 ميغاوات، يمكن تشغيلهما باستهلاك المازوت أو الغاز المسيل ان كان في الامكان توفيره.
العجز المالي يرهق الدولة، وها نحن نشهد تخصيص 640 مليار ليرة لبنانية لسد عجز امدادات اللقيم للباخرتين العاملتين وربما معامل الانتاج، والبحث ينصب على اتفاق يتوقع وزير الطاقة انجازه مع الشركة القبرصية التي تم التعاقد معها عام 2013 لانجاز معمل بطاقة تقرب من 500 ميغاوات في دير عمار وتأخر العمل لاسباب عدة، منها سبب سخيف هو ما اذا كان يتعين على وزارة الطاقة ان تدفع الضريبة على القيمة المضافة الى وزارة المال، علمًا بان وزارة الطاقة تقترض من وزارة المال المليارات لتشغيل معاملها بصورة تفتقر الى الاشراف المجدي والجدي كما بينا من عرض توقف معامل الليطاني ومعملي بعلبك وصور. والتوجه الى تكليف الشركة القبرصية انجاز معمل على اسس التشييد والتشغيل والتسليم بعد 20 سنة اعطى وزير الطاقة صلاحية التعاقد في شأنه، وهذا التكليف يخالف القوانين اللبنانية وقد اعتمد لتفادي صدور حكم على الحكومة بتسديد عطل وضرر للشركة القبرصية على مستوى 200 مليون دولار.
لا شك في ان المولدات الخاصة تكاثرت وبات لديها مشغّلون يُشابه عملهم عمل الشركات المتخصصة، وقد فرضوا على المشتركين رسوماً مرتفعة كما رتّبوا على لبنان تكاليف استيراد معدات لو خصص نصف مبالغها لانتاج 1000 ميغاوات من محطتين لكان وضع الموازنة ووضع لبنان المالي أفضل بكثير مما هو اليوم.
وزير العدل اعتبر ان توقيف امدادات المولدات الخاصة ساعتين احتجاجًا على سياسة حكومية تفرض ربط شبكات المولدات بالمستهلكين عبر عدادات الكترونية توفر انضباطًا في قياس الاستهلاك وتالياً انضباطًا في الفوترة، وهذا الاقتراح متوافر منذ عام 1996، وبقي مهملاً لان القطاع العام عجز عن تامين الكهرباء للمستهلكين على اختلاف حاجاتهم.
الوزير الكريم رأى ان اختيار اصحاب المولدات الخاصة قطع امدادات الكهرباء ساعتين أمر يخل بالانتظام والمصلحة العامة وهو طلب من القاضي المختص ملاحقة من أخلوا بهذه الخدمة العامة – أي ان وزير العدل أقر بأن اصحاب المولدات الخاصة يعملون ضمن القانون وتالياً يخضعون للقوانين السارية وليس بينها قانون ينظم تأمين الكهرباء – ولو كان الامر كذلك هل كان الوزير الكريم يطالب بإحالة وزراء الطاقة الذين عجزوا عن تامين الكهرباء واسهموا في زيادة الدين العام بسرعة على التحقيق والمحاسبة.
اننا نشك في توجّه وزير العدل نحو محاسبة زملائه قبل محاسبة المستثمرين في شراء مولدات لكفاية حاجات المستهلكين. يبدو ان المقاييس انقلبت، فأي وزير من فريق وزير العدل لا يمكن ان يخطئ، ولعل الاستفاقة على امكان تحميل الوزراء مسؤولياتهم تساعد على تقديم البرهان على ان الحكم سيقر في أقرب وقت خطوات تصحيحية إن في مجال الطاقة، المياه، ازدحام السير وشروط البيئة. ولنذكر بأن تأخير الاصلاحات سيؤدي الى انحسار مستوى الاقراض الميسر الذي التزمته مجموعة الدول والمؤسسات التي شاركت في “مؤتمر سيدر” الذي انعقد في باريس.