غسان الحجار
النهار
26062018
قال الرئيس فؤاد شهاب ذات يوم انه سيعمل للمسيحيين ما يعود عليهم بالفائدة ولمصلحتهم وان لم يدركوا ذلك أو رفضوه، فأقام المؤسسات التي لا تزال الى يومنا هذا الشاهد الوحيد على الدولة، والتي اذا ما انتظمت تعيد الى الدولة هيبتها. تلك الدولة التي اتى بعد الرئيس شهاب من خربها، ولا يزال الذين يتوالون على حكم لبنان يمعنون في هذا التخريب عبر الغاء او تقليص ادوار مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ودائرة المناقصات وغيرها، واذا اردنا تبرئتهم لقلنا انهم لا يساهمون في اعادة ترميم تلك المؤسسات او بناء اخرى جديرة بمواكبة العصر واعادة تفعيل العمل المنتظم. لكنّ المسيحيين خسروا رهان الدولة، ومعه رهانات اخرى، لم يتمكنوا بعدها من استعادة المبادرة، واتت حروب الآخرين على ارض لبنان بما اصابتهم من تهجير وضعف ووهن، ثم حلت احداث المنطقة المأسوية لتضاعف ازمتهم وتحوّلها وجودية. ومع صراع البقاء، ومحاولة المحافظة على ما تبقى من دور متقلص، يصبح الابداع امراً ثانوياً، بل صعب المنال. لذا تراجع الدور، وتراجع لبنان الذي كان الموارنة في طليعة مؤسسيه.
وحاول الرئيس رفيق الحريري، بانفتاحه على الغرب، وعلاقاته الوثيقة بالعالم العربي، تفعيل هذا الدور البناء بإعادة بناء الدولة اللبنانية، وان بحسابات مختلفة، ورؤية مختلفة. لكن آماله سرعان ما تبدّدت بسبب الوصاية السورية التي عملت بتنسيق تام مع ايران، وهما لا تريدان معاً لبنان جديداً على غير شاكلتهما. ومن جهة ثانية بسبب ظروف المنطقة المعقدة وانعدام فرص السلام التي راهن عليها لصياغة دور متجدد للبنان السياحة والخدمات. واذا كان حلمه تأجل لزمن، فان محاولات جرت لدفنه معه. ولم تساعد الظروف المحيطة بالرئيس سعد الحريري في اعادة احياء الحلم، وانعاشه، رغم ابقائه على قيد الحياة تحيناً لظروف مؤاتية من دون امكان تحديد الوقت.
ghassan.hajjar@annahar.com.lb
Twitter: @ghassanhajjar