الرئيسية / مقالات / الرابط “الواقعي” بين زيارة الحريري والعملية !

الرابط “الواقعي” بين زيارة الحريري والعملية !


روزانا بومنصف
24072017
النهار

مفيد جدا توقيت الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن ليس ربطا بموضوعين اساسيين داخليين يتصلان بموضوع العقوبات المنتظرة على ” حزب الله” او المساعدات للجيش انما ووفق مصادر ديبلوماسية لان لبنان كان غائبا ولا يزال عن كل الدينامية الديبلوماسية الخارجية المتصلة بالوضع السوري. اذ ان دول الجوار السوري خصوصا تلك التي تضم عددا كبيرا من اللاجئين السوريين كتركيا والاردن اقتطعت لنفسها دورا تحافظ من خلاله على دورها ومصالحها استنادا الى تدخل تركيا العملاني على الارض ومن ثم تحولها الى راعية من بين الرعاة الثلاثة مع روسيا وايران لاتفاق خفض التصعيد في سوريا. في حين ان الاردن غدا وفي ضوء تحرك الادارة الاميركية برئاسة دونالد ترامب والتفاوض مع روسيا حول المناطق الامنة مركزا رئيسا لتحضير ارضية لهذا التوافق استبقت اعلان اتفاق اميركي روسي في قمة هامبورغ اخيرا على هامش قمة مجموعة العشرين. لم يعد الاردن مركزا للتنسيق الاميركي الروسي على مستوى القيادات العسكرية بل ايضا استطاع ان يحصل على منطقة امنة في جنوب سوريا تتناسب ومصلحته . حتى اسرائيل التي من موقعها تحافظ على مصالحها في سوريا فانها لا تزال تعترض على اتفاق جنوب سوريا بذرائع مختلفة من بينها رفض قوات الفصل الروسية وتطالب بحفظ مصالحها في الوقت التي ابرزت في الايام الاخيرة ادوارا قالت انها لعبتها في مساعدة نازحين سوريين الى المناطق الحدودية السورية معها. وحده لبنان الرسمي بقي خارج المعادلة التي يتقرر توزيع النفوذ في سوريا على اساسها في حين لا يحضر لبنان سوى من خلال ” حزب الله” علما انه لا ينظر الى الحزب في معادلة الاقصاء او مواصلة الدفع في سوريا الى جانب النظام على انه ممثل للمصالح اللبنانية بل للمصالح الايرانية ومصالحه المتصلة بسعيه الى المحافظة على خط الامداد الحيوي له من سوريا الى لبنان في شكل اساسي ان لم يكن عبر خط العراق وصولا الى لبنان. وهو ما يعتقد سياسيون كثر انه السبب الرئيسي لاتخاذه المبادة في عملية جرود عرسال التي ترتبط في توقيتها بجملة عوامل على وقع اتفاقات المناطق الامنة في سوريا وسعي كل الدول الاقليمية الى تعزيز نفوذها ومن بينها ايران والامساك باوراق بالغة الاهمية بالنسبة اليها. وحين يربط هؤلاء السياسيون او لا يفصلوا العملية عن زيارة الحريري لواشنطن فان هؤلاء يميلون الى الاعتقاد بان توقيت المعركة ليس للالتفاف على الزيارة في حد ذاتها بمقدار ما هي استباق لتحديد اي موقع او دور للبنان وتحت اي زاوية ينبغي ان تؤخذ مصالحه في الاعتبار. فمن خلال الربط المحكم الذي احدثه الحزب وايران الداعمة للنظام السوري فان لبنان يربط تحديدا وعملانيا على الارض بالواقع الذي يرسمه الحزب بالتعاون مع النظام السوري على اساس انه جزء لا ينفصل عن مصالح هذين الطرفين مع ايران. وبهذا المعنى يعتبر هؤلاء ان الواقع العملاني على الارض يستبق اي استطلاع ديبلوماسي لما يمكن ان يكون عليه دور لبنان او مصالحه المباشرة او لا يستطيع تجاهله مثلما قد تكون حال الحريري في محادثاته مع المسؤولين الاميركيين خصوصا لجهة احتمال الاقرار اضطرارا بدور الحزب في محاربة الارهاب في جرود عرسال . فليس هناك مصادفات في السياسة ومن المحبط ان تثار كل هذه التطورات الاقليمية فيما لبنان يتفاعل معها من موقع سلبي في ظل عجز عن ان يكون صاحب رؤية سياسية موحدة لانقاذ مصالحه وابرازها خارج اطار التزامه موضوع محاربة الارهاب علما ان هناك تلاوين في هذا التحديد والحاجة الى تخفيف عبء اللاجئين السوريين الذين تختلف المواقف الرسمية ازاءهم .

ولا احد يستطيع ، ولن يستطيع، ان يقارب الجانب الداخلي الذي تم تظهيره بمواجهة الارهاب في جرود عرسال. فهذا الجانب المتمثل في تشييع عدد من مقاتلي الحزب وتظهير اعدادهم على عكس ما ساد الانطباع او تحدثت المعلومات انه ما حصل في مراحل انخراط الحزب في الحرب السورية انما يحرج جميع الافرقاء الداخليين ويضعهم مع لبنان الرسمي ككل في الزاوية. اذ مع ان الحزب اختار التوقيت فان الهدف لم تتم معارضته في ظل ظروف سياسية مترابطة بين توزيع مناطق النفوذ في سوريا وتعزيز الاوراق وظروف دولية متناغمة معها بل على العكس جعل مسؤولين سياسيين يجاهرون بـ” شرعنة” المبادرة التي اتخذها الحزب والاشادة ببطولة عناصره وحتى تبنيها و”شرعنة” التنسيق مع الجيش اللبناني في وجه الارهاب خصوصا متى اتخذ وجها شرعيا على الصعيد الدولي من خلال تصنيف المسلحين في جرود عرسال بين النصرة وداعش كمنظمتين ارهابيتين. هذه ” الشرعنة” التي لا يمكن تجاهلها تزامنت من حيث التوقيت مع طلب الكويت من لبنان اتخاذ اجراءات ازاء ما خلصت اليه محكمة التمييز الكويتية من مسؤولية الحزب في تمويل خلية العبدلي الارهابية بحيث ” يتمزق ” لبنان بين الاتجاهات التي تتجاذبه. وما يعتقده هؤلاء السياسيون في هذا الاطار ان جر الحزب لبنان الى اجندته المحلية ببعدها الاقليمي قد لا تشكل تحولا في الواقع السياسي الداخلي كما حصل بالنسبة الى كل المحطات التي انخرط فيها الحزب في عمليات اخذ لبنان اليها اكان حرب تموز او انخراطه في الحرب السورية والان المعركة في جرود عرسال ، لكنها تساهم في تعميق سياسته وجذب لبنان اكثر اليها في ظل وجود خلل سياسي داخلي يحدثه الحزب بفعل اعتبارات متعددة تعود لنفوذه السياسي وتحالفاته الداخلية وقدرته العسكرية.

اضف رد