عُرفت مهنة النحاسين قديماً في مصر، إذ مارسها المصريون قبل 800 سنة تقريباً في العام 1218، وبدأ حينها استخدام الأواني النحاسية والأطباق والأباريق في المنازل، ثم تحولت هذه الصناعات إلى تحفة فنية تستخدم في الهدايا والعطايا، ثم أصبحت تستخدم في العصور الحديثة كمهر الزواج وأحد مكونات البيت المصري.
ورث عصام مهنة النحاسين عن الأجداد، إذ يمتد أسلافه من العاملين في هذه المهنة حتى الجيل الخامس من العائلة، وعده النحاسون في منطقة الحسين شيخهم، لكونه قضى نحو 61 سنة يعمل في هذه المهنة.
يقول لـ «الحياة»: «بدأت هذه المهنة برفقة والدي في سن مبكرة، لم أكن أتجاوز الثامنة من عمري بعد، وأكملت دراستي حتى المرحلة الإعدادية، واكتفيت من الدراسة العلمية واتجهت للدراسة العملية، إذ تعلمت النقش على النحاس، وبعدها قررت أن أتعلم أكثر عندما أدركت أن هذا العمل فن وليس مهنة».
ولكن عصام يرى أن «مهنة النحاسين لم تعد كسابق عهدها، نظراً لظروف اقتصادية وسياحية طرأت على المناطق التي اشتهرت بعرض المصنوعات النحاسية وبيعها، بالإضافة إلى ضعف الأيدي العاملة من فناني النحاس، الذين كانت قدراتهم الفنية تمكنهم من العمل لساعات متواصلة جالسين على مقاعد خشبية ممسكين بأدواتهم لعمل قطعة فنية يعرضها للبيع». ويتابع: «السائح العربي أو الأجنبي قبل 10 سنوات كان مختلفاً كلياً، ففي ورشتنا في منطقة الحسين كانت تزورنا شخصيات من إسبانيا بشكل مستمر، من أجل شراء تحف نحاسية مزخرفة، وأحياناً كانوا يطلبون قطعاً لها أشكال من تصميماتهم وتقوم الورشة بتنفيذها، آنذاك كنا نشعر بأننا سفراء عن الدولة المصرية وليس مجرد فنانين أو حتى عمال نحاس كما يصفنا البعض اليوم».
ويؤكد عبد الناصر اهتمام دول العالم بفن النقش على النحاس: «نحن هنا لسنا مجرد فنانين محليين أو حتى على المستوى العربي فقط، ففي الورشة الخاصة بنا قمنا بإنتاج غطاء الرأس للقوات البحرية الأميركية، بناء على طلب السفارة الأميركية في القاهرة، إذ فضلوا أن يكون الغطاء نحاسياً كرمز شرفي يوضع في السفارة ويتم إهداؤه لكبار الزوار، كما قدمنا عدداً من الرموز التاريخية للسفارات الأوروبية».