(إلى ديانا مقلّد وجيسيكا عازار وديما صادق والأخريات والآخرين)
الاحتلال في التعريف والعرف والتطبيق، تتولاّه دولة “خارجية” غاصبة. الآن، الاحتلال يتمّ من داخل، ويُمارَس على لبنان واللبنانيين بأدوات وآلات لبنانية (مسلِّمين بأن “حزب الله” حزب لبناني)، وبرعاية خارجية، إيرانية – سورية – إسرائيلية (لا تتعجبوا من الخلطة).
من إرساء مفهوم جديد لمعنى الجمهورية والولاية الرئاسية، إلى وضع اليد على السلطة التنفيذية، إلى مصادرة حريات السلطة القضائية، إلى ترهيب القضاة، إلى بثّ الشائعات، إلى فبركة التهم، إلى تلفيق الفضائح، إلى رفع الدعاوى، إلى ملاحقة الأحرار وأهل الرأي والتعبير والفكر والكتابة والفن، إلى الاستدعاءات والتوقيفات الاعتباطية، إلى الترهيبات، إلى التخويفات، إلى المصادرات، إلى منع الاجتماعات، إلى إلغاء المؤتمرات، إلى قمع التظاهرات، إلى التخوينات، وأخيراً وليس آخراً إلى المبعوث من ماضيه الأمني القمعي جميل السيد، ثمّ إلى آخره.
هل تريدون أن تعرفوا إلى أين يأخذون لبنان واللبنانيين، واضعو اليد على العهد الجديد، عهد “الإصلاح والتغيير”؟
يأخذوننا جميعاً إلى الانتخابات، التي ستعطيهم ثلثاً مضموناً معطّلاً، وبدون جميلة أحد أو حليف. وهم يقولون لنا منذ الآن: هودي هنّي نوّابنا، بدنا نشوف شو بيطلعلكم بالانتخابات النسبية الديموقراطية!
نعم أيها اللبنانيات واللبنانيون، إن ما كان يُسمّى بالنظام الأمني اللبناني – السوري خلال مرحلة الاحتلال السوري للبنان، يتبلور من جديد، يزدهي، يشبشب، ويتخذ أوصافاً وأشكالاً طليعية، توب مودرن، استباقية، ومستقبلية. إنه في صدد تمزيق أقنعته البالية، كاشفاً عن وجهه المقيت، معلناً رؤيته بمنهجية متكاملة، تشمل كلّ الميادين، وكلّ المناطق.
يطمح هذا النظام الأمني إلى أن يضع يده على كلّ شيء، ليتولى “رعاية” كلّ القضايا، وكلّ المؤسسات، وكلّ الأفراد، وكل الجماعات، وكلّ الناس، وكلّ الجمهورية.
من الاستراتيجيا إلى التكتيك، ومن السيادة إلى الحرية، إلى الاستقلال، إلى الوطنية، إلى العمالة، إلى الحرب، إلى السلم، إلى الأمن، إلى السياسة، إلى الترشح، إلى الانتخاب، إلى الاقتصاد، إلى الإعلام، إلى الثقافة، إلى الآداب، إلى الفنون، إلى الدين، إلى الأخلاق، إلى المدرسة، إلى التربية، إلى السينما، إلى المسرح، إلى الكتاب، إلى الجريدة، إلى البيت، إلى زعزعة الضمائر، وإلى آخره.
هذا النظام الأمني المجرم الذي أعاد تأهيل نفسه بمكر وخبث وترهيب، بعد طردنا جيش النظام السوري من لبنان، يخترع اليوم لنفسه آلية عملٍ غير مسبوقة.
هذا هو جرس الإنذار: إذا لم تفعلوا شيئاً تاريخياً، أيها اللبنانيات واللبنانيون، ويا قوى الاعتراض، فتوقعوا خازوقاً كبيراً في النتائج. مَن يضع يده على السلطة التشريعية، يضع يده على لبنان. والسلام.
Joumana.haddad@annahar.com.lb / Twitter: @jhaddadofficial