عندما شبّه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حكم اليمن بالرقص على رؤوس الثعابين، كان يعرف جيداً عن أي وكر للأفاعي يتحدث، هو الذي جرّب طوال أكثر من ثلاثة عقود كل أنواع السحر والشعوذة. فرّق اعداءه فبقي سيداً عليهم. انحنى وتراجع ليغافل الجميع ويعود أقوى. كسب ودّ رؤساء أميركيين فضمن مصالح البيت الابيض، وعندما حُشر انتقل الى صفّ الجهاديين وأخرجهم من كهوفهم. مدّ يده تارة الى ايران وطوراً الى السعودية. حارب الحوثيين مرات ليعود ويتحالف معهم. ناور وتحايل، انسحب ولم يغب، فبقي اللاعب الابرز على الساحة اليمنية منذ أواخر السبعينات وصارت سيرته من سيرة تلك البلاد المضطربة دوماً.
كثيرون، حلفاء وخصوماً، توقعوا له نهاية بشعة كهذه. ومع ذلك، سيترك غيابه فراغاً كبيراً في ساحات اليمن، من جنوبه الى شماله. فراغ لن تملأه في المدى القريب على الاقل، الا الفوضى ومزيد من الجثث والخراب والجوع. ولعل الحوثيين الذين قضى على أيديهم، هم الذين سيشعرون بذلك الفراغ أكثر من غيرهم.
خسر الحوثيون بغياب علي صالح، غطاء وطنياً واسعاً وشبكة قوية من الروابط والمصالح، وباتوا أمام اختبار حاسم. وفي ضوء خريطة تحالفات جديدة يتحدث عنها مناصرو الرئيس الراحل، قد تنضم القبائل وقوات علي صالح الى ما بقي من قوات الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي، لمواجهة أقلية تحاول فرض لونها على الشعب اليمني كله، وتحقيق طموحات ايران ببسط نفوذها على هذا البلد.
من دون علي صالح، سيجد الحوثيون أنفسهم عراة في جحر الافاعي. وسيكون عبدالملك الحوثي الذي جعل حركته ذراعاً واعدة لايران في اليمن، أمام خيارين، فإما المضي في رهانه على ايران وتكبيد بلاده مزيداً من القتل والدمار، وإما العودة الى بلد عريق بعروبته والانخراط في مسار سياسي للحصول على حقوق سياسية واجتماعية لطائفته.
monalisa.freiha@annahar.com.lb
Twitter: @monalisaf