الرئيسية / مقالات / الحزب متمسّك بباسيل ومُتعايش مع أخطائه!

الحزب متمسّك بباسيل ومُتعايش مع أخطائه!

سركيس نعوم
26102017
النهار

قبل تناول موقف “حزب الله” من تمسّك الوزير جبران باسيل برئاسة الجمهورية في حال دهم هذا الاستحقاق اللبنانيين قبل موعده، لا بد من الإشارة الى أن “فوقِّيته” التي تزعج الرئيس سعد الحريري لن تمنعه من تحقيق حلمه. فتفاهم الاثنين في أيدٍ أمينة. ولن “تفرطه” إلا مستجدات إقليمية وداخلية تفرض على رئيس “تيار المستقبل” الاختيار بين مصالحه ومصالح أنصاره اللبنانيين وحلفائه الاقليميين وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية.

وبالعودة الى موقف “الحزب” من باسيل الذي يحضّر منذ الآن رئاسته خوفاً من أن يفاجئه طارئ “رباني”، فإن متابعين له يشرحون موقف قيادته بشيء من التفصيل. يقولون أولاً أن الانطباع الذي كان سائداً بعد صدور قانون الانتخاب بمدة هو أن “حزب الله” لن يؤيّد انتخاب باسيل رئيساً للجمهورية، والأسباب كثيرة ورد بعضها في “الموقف هذا النهار” في اليومين الماضيين (عنصريته المعلنة رسمياً حيال النازحين السوريين رغم قلق “الحزب” من سلبيات بقائهم في لبنان، ممارسته مسيحية متهوّرة ومتشدّدة ومتعصّبة توحي أنه يحاول أن يكون “بشير جميّل” ثانياً، وذلك أمر تحاوله قيادات مسيحية أخرى، وترتيبه علاقاته السابقة (أي علاقة “التيار” مع أميركا وخصوصاً مع اللوبي اليهودي النافذ جداً في كونغرسها وإعلامها…). ويقولون أيضاً أن الانطباع الذي ساد في حينه أن البديل منه في الحال المشار إليها سيكون النائب سليمان فرنجيه الذي وصفه يوماً الأمين العام السيد حسن نصرالله بأنه “عين وعون عين ثانية”. ويقولون ثالثاً أن “حزب الله” يعترف بأن ذلك كله كان صحيحاً. لكن الوضع اختلف الآن فالعماد ميشال عون الآن رئيس جمهورية. وهو يحب بجنون صهره وخلفه في رئاسة التيار جبران باسيل، ويعتبره عقله وقلبه، ويؤمن بأنه دائماً بين يديه وحاضر في استمرار لتلبية طلباته أو للتشاور معه. فضلاً عن أن باسيل ورغم أخطائه الكثيرة هو الذي رافق، منذ عام 2006 وربما قبل ذلك بقليل، المفاوضات التي أثمرت “تفاهماً” بين “الحزب” و”التيار”، منذ بدايتها وحتى التوصل إليه فإقراره وتوقيعه. كما أنه بقي متمسكاً به وبكل قوّة ولا يزال رغم كل الضغوط والاغراءات. ويقولون رابعاً أن باسيل يقوم بأعمال تزعج أحياناً كثيرة. ففي موضوع النازحين السوريين قد يكون أخطأ عندما رفض، في البداية إقامة مخيمات على الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا تشرف عليها الدولة وقواها الأمنية الأمر الذي سمح بانتشارهم عشوائياً في المدن والقرى كلها وفي تحوّلهم خطراً عاماً. لكنه الآن مع عودتهم الى بلادهم، ومع انفتاح دولة لبنان على سوريا (الأسد). وتعبيراً عن ذلك اجتمع مع وزير خارجيتها في نيويورك وليد المعلم غير عابئ بمواقف “حلفائه” اللبنانيين الجدد من مسلمين سنّة ومسيحيين قوّاتيين. وهو مصرّ على متابعة هذا الموضوع. ويرى “الحزب” في ذلك مصلحة له. إذ هناك إعادة إعمار ضخمة جداً في سوريا ستبلغ كلفتها 350 مليار دولار تقريباً، وهي ستعيد النازحين منها إليها. وذلك سيعزّز أجور اليد العاملة اللبنانية. فضلاً عن أنه ساهم رغم خربطاته في التوصل الى قانون انتخاب. علماً أن الاتفاق يقتضي الإشارة الى أن لقاءه في أميركا اللوبي (اليهودي) الذي ساعد زعيمه عون في إقناع الكونغرس بإقرار قانون محاسبة سوريا وإخراجها من لبنان لم يكن ناجحاً. إذ أنه تعرّض الى انتقادات شديدة منه بسبب مواقفه المؤيّدة لـ”الحزب” وسوريا الأسد ولإيران. لهذا السبب، يؤكد المتابعون لـ”حزب الله” أنفسهم، أن موقفه النابع من مصلحته ومصلحة البلاد الاستمرار في دعمه والتعايش مع أخطائه ونزواته التي لا تؤثر على سياسة لبنان. أما بالنسبة الى رئاسة الجمهورية فلا مشكلة عنده. هناك رئيس جمهورية اسمه ميشال عون، ولا أحد يستطيع أن “يحركش” في هذا الأمر طوال ولايته. وإذا حصل قضاء الله فإن الميل قد يكون الى ترئيس باسيل رغم عدم وجود قرار بذلك الآن. أما فرنجيه فحظوظه قد ضعفت لاعتبارات عدة منها انحصار زعامته المسيحية شمالاً بل في منطقة محددة من الشمال وتشاركه إياها زعامات أخرى، ومنها أن توسّع نفوذه السياسي العام ساعد فيه “الوجود السوري في لبنان”. وهو لم يبذل جهداً كافياً للانتشار مسيحياً في جبل لبنان والمحافظات الأخرى. ويُقال في هذا المجال أن “الحزب” نصح الاعلاميين القريبين منه بالتروّي في أثناء معالجتهم هذا الموضوع.

sarkis.naoum@annahar.com.lb

اضف رد