26-04-2021 | 00:03 المصدر: النهار


الحزب لا ينجح في تحييد نفسه
جهد “#حزب الله” بعد #انفجار المرفأ في 4 آب 2020 من اجل النأي بنفسه عن الاتهامات بمسؤولية ما له اما في تخزين نيترات الامونيوم لحسابه او لحساب النظام السوري. وكاد ينجح خلال ستة اشهر من عرقلة تاليف الحكومة العتيدة وتولي رئيس الجمهورية وفريقه تصدر واجهة المطالب المرتفعة السقوف حول الحصص الحكومية وتولي حملات واتهامات ضد خصومه ان يظهر نفسه بعيدا من كباش مسيحي سني على الصلاحيات الرئاسية لا بل توفيقيا الى حد ما ولكن الاهم منصرفا الى الاهتمام ببيئته وتحصينها، وحتى غير معني بالجدل حول موضوع ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل في ظل التخبط الرئاسي الحاصل.
تعيد الحزب الى الواجهة ومسؤوليته كما الاخرين وربما اكثر عن انهيار البلد الاتهامات التي تطاوله عن تهريب الكبتاغون الى المملكة العربية السعودية وتسببه تاليا في رد فعل خليجي وليس فقط سعودي يمكن ان يدفع ثمنه لبنان كله وليس الحزب تحديدا. فالحروب السياسية التي يخوضها العهد تحاول ان تبعد الانظار والاهتمام عن العجز الرئاسي والرسمي في منع التهريب عبر الحدود مع سوريا التي يقول مسؤول غربي ان الجيش اللبناني يمتلك القدرة والمعدات التي وفرتها له الولايات المتحدة وبريطانيا من اجل مراقبة الحدود ومنع التهريب ولكنه لا يحظى بالقرار السياسي من اجل القيام بذلك. هذا القرار السياسي لا يتخذه رئيس الجمهورية الذي بات يحصر في يده التحكم بقرارات الدولة في ظل غياب حكومة فاعلة على رغم كل التقارير التي تتحدث عن استنزاف احتياطي المصرف المركزي من اموال المودعين لمصلحة تهريب المحروقات والمواد الغذائية الى سوريا. لا بل يخشى المسؤول المعني ان تكون في خلفيات منع تأليف الحكومة ابقاء الامور على حالها لكي تدار بهذه الطريقة لمصلحة النظام السوري فيما لا يمكن اهمال التحقيقات التي تحدثت عن مسؤولية رجال اعمال سوريين في استيراد النيترات وتخزينها في المرفأ وكذلك التي وجهت اصابع الاتهام الى واقع ان لبنان لا يصدر الكبتاغون في الصادرات الى السعودية بل هو ممر لعبور الصادرات السورية عبر التغطية اللبنانية تواطؤا او جهلا او عجزا.
وحين يتحدث الديبلوماسيون الغربيون عن اصرار على الاتجاه الى فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين يعرقلون تأليف الحكومة العتيدة، يقعون في تناقض مفهوم ازاء التأكيد ان الاسباب المعرقلة لتأليف الحكومة هي اسباب داخلية واعتبارات شخصية وسياسية لا سيما على خلفية انتخابات الرئاسة المقبلة انما مع التأكيد في الوقت نفسه ان احد العوائق امام ذلك هو عدم الرغبة في مقاربة عقوبات على “حزب الله” يمكن ان تؤثر سلبا على المفاوضات النووية مع ايران. وهو امر لا يجعله بعيدا كما يظهر عن العرقلة الجارية صراحة او عبر الاستمرار في دعم حليفه المسيحي لاسباب واعتبارات معروفة في مقدمها ان عملية الالهاء الجارية حول الحكومة تتيح غض النظر عن كل الموبقات والتجاوزات الجارية والمؤدية الى تفكك الدولة. بهذا المعنى سيتحمل الحزب مسؤولية المزيد من عزل لبنان عن الدول العربية والتسبب في خلافات عميقة وجذرية معها، وهو ما يصيب جميع اللبنانيين بالاضافة الى المسؤولية في المزيد من ضرب الاقتصاد اللبناني الذي يعتبر مسؤولون رسميون انه يتعرض لحصار كما اعتبر الرئيس #ميشال عون الذي ثمن للرئيس ايمانويل ماكرون مجيئة الى لبنان بعد انفجار المرفأ لكي يفتتح ما سماه عون فكا للحصار.
فازاء استخدام لبنان من النظام السوري تماما كما لو ان هذا الاخير لا يزال في عز سيطرته على لبنان على رغم الاهتراء الداخلي الذي يعيشه يجري تظهير واقع ان المؤسسات الرسمية في زمن احتلاله كانت افضل مما هي عليه راهنا كما حصل اخيرا بالنسبة الى القضاء حيث برزت المقارنة من كثر ان ما حصل من القاضية غادة عون لم يحدث في زمن سيطرة النظام على لبنان.
تفككت الدولة بكل اجهزتها وتكاد تشبه هيكلا فارغا لم يعد يخفيه السقف المرتفع عن الحصص الوزارية والصلاحيات وفق تفسيرات متضاربة لاتفاق الطائف ذهب في ظلها النائب جبران #باسيل الى اعتبار ان الاتفاق ضمن لرئيس الجمهورية ثلثا معطلا في الحكومة على قاعدة ان “مفهوم الثلث كما قال منصوص عنه في الدستور ووضع ضمانة اي اقلية بمجلس الوزراء وانه ضمانة للمسيحيين وتعويض لهم عن خسارة صلاحيات الرئيس”.
يثير ذلك سؤالا كبيرا في حال التسليم جدلا بذلك، على رغم عدم صحته، حول الفاصلة او “الابسيلوم” وفق ما طالب العماد ميشال عون في 1989 و1990 بادخالها الى الاتفاق من اجل موافقته عليه اذا كان الاتفاق ابقى على هذه الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية ان في شأن مفهوم “الشركة” في تاليف الحكومة او في شان الحصة الوزارية التي يجب ان تعود الى موقع الرئاسة الاولى من تسمية حصرية للوزراء من الطائفة المسيحية. فهذا يثير اشكالية من حيث اما ان رفض العماد عون للاتفاق قبل ثلاثين سنة لم يكن مبررا ولا مسندا ما ادى الى ما ادى اليه بما فيه اطاحته في بعبدا ونفيه الى باريس او انه كان على حق انذاك فيما انه ليس محقا راهنا في تفسيره للاتفاق والعمل على فرض هذا التفسير في فرض تأليف الحكومة على نحو ينزع صلاحيات الرئاسة الثالثة وتاليا يحاول ان يفرض اعرافا تعدل في الدستور. وهو ما يزيد صعوبة الذهاب ليس الى حكومة بل الى حل هكذا لا سيما في ظل الاخذ في الاعتبار ما ذهبت اليه المواقف الديبلوماسية العربية من المملكة السعودية الى مصر والجامعة العربية عن التمسك بالتزام اتفاق الطائف الذي انتفض عون على اتهامه الضمني بالسعي الى نسفه فيما تؤكد الوقائع المنحى الاخير تماما كما نفي السعي الى الثلث المعطل والعمل على ضمانه في الحكومة العتيدة. ومجددا لا يمكن دحض المخاوف من الدفع عمدا الى تفكك البلد من اجل اعادة النظر في نظامه. لكن ما يجزم به كثر ان المسيحيين في السلطة لن يحققوا ما يريدونه على هذا الصعيد بل على العكس.
rosana.boumonsef@annahar.com.lb