خرج نادر الحريري وحمّود للصورة لكن آخرين قد يثيرون ضجّة
إيلي حاج
الصوت
21052018

قدّم الرئيس سعد الحريري دفعة أولى على الحساب بإخراج ابن عمته ومدير مكتبه نادر الحريري من الفريق الذي يحوطه، لكن هناك مَن سيأتي دورهم في دفعات تالية وافقت الدول العربية الرئيسية على تقسيطها له ولا يستطيع التهرب من أدائها كي تعتبره حليفاً لها من جديد.
وكان الرئيس الحريري ومعه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، المطلوب منهما في المرحلة المقبلة الإبتعاد ما أمكن عن “حزب الله” وحلفائه والتفاهمات السابقة معهم قد نالا مسبقاً قبل الانتخابات مطلبهما بقطع اتصال الدول العربية المعنية بشخصيات مستقلة لم تسايرهما في ما سُمّي “التسوية الرئاسية” أو “الصفقة الرئاسية” التي أبرمت مداورة مع “حزب الله” تحت شعار “الواقعية السياسية”، وأتت بالرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا وأعادت الحريري إلى السرايا و”القوات” إلى الحكومة، وأبرز هذه الشخصيات منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعَيد والوزير السابق الجنرال أشرف ريفي على أساس أن احتمال اجتماعهما مع آخرين تحت عنوان سياسي جاذب لرافضي “التسوية- الصفقة” مع الحزب يمكن أن يشكل خطراً على “المستقبل” و”القوات” لاحقاً
تحقق للحريري وجعجع ما أرادا بالتضييق على سعَيد وريفي وإسقاطهما في الانتخابات. إلا أن الحريري في شكل خاص وجد نفسه، بعد تعويمه بدعم ٍ كان يحتاج إليه بإلحاح، مضطراً إلى السير في المرحلة المقبلة على طريق غير آمنة وبدون رفقة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. ولا يُنسى تكبده عناء زيارة بلدة سُنّية في قضاء البترون ( راسنحاش) من خارج برنامج جولة انتخابية في الشمال كي يدعو أبناءها ومناصريه، عبثاً، إلى إعطاء أصواتهم التفضيلية لـ”صديقي جبران”.
إلا أن الظروف لا تسمح بالتوقف عند العلاقات الخاصة والمشاعر. سيبتعد الحريري عن باسيل وما يمثّل خطوة تلو خطوة وفي المقابل سيقترب من جعجع خطوة تلو خطوة. وما نطبق على باسيل ينطبق على من كانوا “قوى 8 آذار”، مثل الرئيس نبيه بري.
ليس لدى حزب “القوات” مشكلة في السير بهذا المنحى، فقد انتهت مرحلة “أوعى خيّك” بعدما شكلت ذروة التقاء مصلحي مغلف بشعار ديني. في الواقع كانت لباسيل مساهمة كبيرة في الإجهاز عليها، لكن “القوات” أفادت من تلك المرحلة ومن القدرات التي وفّرتها للإنتخابات، كما من تنظيم ماكينتها الحزبية الدقيقة والقوية كي تضاعف حجم كتلتها النيابية في الإنتخابات وتفرض على الجميع أمراً واقعاً في التعامل معها بحسب حجمها. لا يهمّ هنا أن ينكر الوزير باسيل ويردّد في مجالسه أن لا شيء قد تغيّر وأن “القوات” أخذت حصة أكبر مما تستحق في حكومة الحريري، وبالتالي ستبقى حصتها على ما هي. كلام من هذا النوع يوحي أن قائله لا يعرف جعجع، وبالتالي سيتعب كثيراً، هو وغيره، في التفاوض مع رئيس “القوات” على الوزارات التي يريدها، نوعيتها وعددها، خصوصاً أن خيارات خطيرة على العهد صار في إمكان جعجع السير فيها إذا ارتأى أن المشاركة في الحكومة لا تعطيه ما يراه حقه. من هذه الخيارات السير في المعارضة إذا لزم الأمر، لا بل ترؤسها في جبهة واسعة تطيّر النوم من جفون الحاكمين اليوم سعداء.
ثم، ليس في “القوات” أحد مطلوب إبعاده. يختلف الأمر تماماً في “المستقبل” حيث مرّ إخراج نادر الحريري بسلام، مغلّفاً بعنوان المحاسبة على الأداء السيئ لمنسقي قطاعات ومسؤولين في “التيار الأزرق” في الانتخابات. قد لا ينطبق الوصف على هاني حمود الذي بقي من صلاحياته مستشاراً إعلامياً الظهور في الصور، بل على أسماء بارزة ارتبط اسمها بالحريري الأب والإبن وستثير إخراجها من “بيت الوسط” ضجة كبرى وأوجاع رأس، ولكن ما العمل؟ الدول العربية، الخليجية تحديداً، تخوض حرباً هائلة من خورمشهر إلى آخر تخوم المغرب حيث وصل “حزب الله” وخلفه إيران إلى “جبهة البوليساريو”. وعندما تدق قيادات العرب على الطاولة “قرروا أنتم معنا أو ضدنا؟”، لا يبقى مجال للتردد.
وهذه المرة ، فعلاً كان الله في عون الحريري.

كاتب صحافي وناشر “الصوت”