محمد نمر
النهار
05122018
السباحة تحت الماء.
الحكومة جاهزة لدى الرئيس سعد الحريري ولا ينقصها سوى 3 أسماء، هو الموقف الذي أعلنه الرئيس المكلف في آخر مؤتمر له. وعلى رغم محاولات الضغط على الحريري سياسياً وأمنياً، فهو لا يزال ثابتاً على موقفه: “لا تمثيل لسنّة حزب الله في الحكومة”. ولكن ماذا عن الطروح الثلاثة للوزير جبران باسيل؟ يجيب مرجع سياسي: “يتمسك الرئيس الحريري بالمبادلة، أولاً لاعتبارات تتعلق بتنوع كتلته النيابية، ثانياً لأنه يرفض أن يكون رئيس الحكومة رئيس السنّة ويرفض أن يكون رئيس الجمهورية رئيس المسيحيين، ثالثاً المبادلة تحمي التكوين السياسي المتعلق بالطائف، ورابعاً: لأن تيار المستقبل عابر للطوائف”.
أما عن الخيارات الأخرى، فيقول المرجع: “حكومة من 32 وزيراً لا موافقة عليها، وهناك صيغة جاهزة لدى الحريري، أما خيار المبادلة بين رئيس الجمهورية وأحد الثنائي الشيعي، وخصوصاً الرئيس نبيه بري، فإن الأخير حتى اليوم غير موافق على هذا الطرح”.
طروح باسيل، وبخلاف الأجواء السائدة، لم تحظَ بأبواب مفتوحة، وبعد أقل من 24 ساعة على طرحها في عين التينة، خرج أحد نواب سنّة “8 آذار” جهاد الصمد ليقول: “يمكن ان تتألف الحكومة اليوم اذا اعطي لنا وزير واذا تنازل باسيل عن الـ11وزيراً وقبل بـ 10 وزراء”. لكن بالنسبة إلى المرجع نفسه، ان الثلث المعطل الذي حظي به “الوطني الحر” مع رئيس الجمهورية “ليس بهذه الأهمية التي يتم ترويجها”، ويوضح: “إن رئيس الجمهورية قادر وحده على شل الحكومة إذا ما رفض وضع بند معيّن على جدول الأعمال، لأن البنود تحتاج الى توقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة”.
وعن حاجة باسيل الى الثلث المعطل للامساك بالقرار في حال حصول أي طارىء في سدة الرئاسة، يقول المرجع: “غياب مكون مثل الوطني الحر يكفي لتعطيل الحكومة، كما أن غياب رئيس الجمهورية وحده يعطل البلد، وتجربة السنتين ونصف السنة السابقة أكبر دليل في ظل حكومة الرئيس تمام سلام”.
وفي ظل التعطيل الذي يمارسه “حزب الله”، فإن الأزمة لا تزال “مفتوحة”، ويعود ذلك إلى سببين يوضحهما المرجع:
أولاً: سمع “حزب الله” من الرئيس الحريري خلال الأشهر الخمسة الأولى من التشكيل كلاماً بما معناه: “توزير أحد سنّة 8 آذار يعني فتشوا عن غيري”، وكان واضحاً وجدياً في قراره، وبعد 5 اشهر رفع السيد نصرالله لهجته مطالبا بتوزير أحد هؤلاء وهو يعلم سلفاً أن طلبه يعني تعطيل الحكومة، وجاء قرار التعطيل في وقت كان أبلغ فيه الرئيس بري أن يستعد للصعود إلى قصر بعبدا “اليوم أو غداً” حينها لاعلان تشكيل الحكومة.
الأسلوب الذي استخدمه نصرالله في خطابه، إضافة إلى معرفته المسبقة برفض توزير أحد سنّته، وتوقيت الخطاب، تثبت أن ما هو معروض على الحريري ليس تسوية سياسية، وأن ما يجري لا يقتصر على توزير أحد هؤلاء النواب الستة، بل المطلوب من الحريري أن يوافق على تعديل اتفاق الطائف وهذا ما لن يقوم به.
وكيف يتم استهداف الطائف؟ يجيب المرجع: “بعد حرب أهلية ملخصها الكاريكاتوري أن هناك رئيساً مسيحياً كامل الصلاحيات يأتي برئيس حكومة مسلم، وهناك رئيس مسلم آخر يراقبه، مع استطاعة الرئيس المسيحي حل البرلمان، وبعد اعتراض المسلمين، حوّل الطائف الصلاحيات التنفيذية إلى مجلس الوزراء واحتفظ رئيس الجمهورية بالتوقيع الثاني على التشكيلة بعد أن يقدمها رئيس الحكومة، وظل الرئيس الشيعي ممسكاً بالبرلمان كمراقب. أما اليوم فما يحاول أن يقوم به نصرالله هو أن يشكل الحكومة السني والمسيحي والشيعي وأن يكون لنصرالله التوقيع الثالث بعد رئيسي الجمهورية والحكومة. وهذا غير مقبول بالنسبة إلى الحريري. في المقابل يقول حزب الله: لن نتراجع حتى قيام الساعة. ما يعني أن الأزمة مفتوحة.
ثانياً: يرتبط الأمر بحاجة الرئيس الحريري إلى حكومة وفاق وطني، لأن هناك مشروعاً يُعتبر خشبة الخلاص الوحيدة للبنان هو “سيدر”. رسمه بيده وحظي بتوافق سياسي عليه وعمل على تأمين تمويله شخصياً، ويريد للجميع أن يكون مشاركاً وألا يكون هناك لطرف ما قوة وازنة تعرقل هذا المشروع، وبالتالي إن تلبية قرار حزب الله ستشكل خطراً على “سيدر”، لأن المجتمع الدولي، وخصوصاً أميركا والدول العربية، سيقتنع حينها أن لبنان يحكمه حزب الله، ما يعني تعطيل أي استثمارات متوقعة لـ”سيدر” وافشال المشروع، وما يعني أيضاً أن موافقة الحريري على مطلب الحزب هي بمثابة إطلاق النار على مشروعه”.
وهل يوافق الحريري على أن يكون هناك وزير من سنّة “حزب الله” الستة من ضمن حصة رئيس الجمهورية؟ يجيب المرجع: “سبق وأعلن رفضه ذلك أيضاً”. وأمام ما يجري اليوم من تطورات سياسية وأمنية، يعتبر المرجع أن التهديد الذي يشكله “حزب الله” بعد تعطيل الحكومة ودفع الوزير السابق وئام وهاب إلى ألاعيب أمنية، ينطبق عليه القول: “مِن لا حكومة أصبحنا بـلا دولة”.
Mohammad.nimer@annahar.com.lb
Twitter: @Mohamad_nimer