النهار
26112017
أما الجديد الذي برز مع احتدام الحرب الكلامية بين المملكة العربية السعودية وايران حول لبنان فشكل كما تقول مصادر متابعة عاملاً اضافياً لتثبيت خيار التريث لان هذه الحرب ولو لم تكن متصلة بلبنان وحده تضع جميع الافرقاء اللبنانيين أمام لحظة الحقيقة التي توجب اقامة منطقة آمنة وعازلة حول لبنان وهو أمر لا يتوافر إلاّ بالتزام جاد وصارم لسياسة النأي بالنفس. ويقول مطلعون إن المملكة العربية السعودية لم تتحفظ عن خيار التريث الذي اتخذه الحريري وان ثمة كلاما عن مهلة شهر لهذا الخيار لا بد ان تتبلور خلالها الاتجاهات الحاسمة للواقع الحكومي وعبره لمجمل الوضع الداخلي.
وبدا لافتاً في هذه الاجواء ان الرئيس الحريري تلقى مساء أمس اتصالاً هاتفياً من مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هربرت ماكماستر الذي أكد له “تمسك الإدارة الأميركية باستقرار لبنان ودعمها للدولة ومؤسساتها الشرعية “. كما شهد “بيت الوسط” لقاءات ديبلوماسية كثيفة. وشدد الحريري خلال لقاء واسع جمعه مع مفتي المناطق برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على ان خيار التريث “يتيح في مكان ما لجميع الافرقاء السياسيين التأكد من ان النأي بالنفس عن كل ما يحصل من حولنا هو السياسة الاساسية التي تحمي لبنان من أي مشاكل في المنطقة”. وفي لقاء آخر مع عائلات وشخصيات بيروتية قال الحريري: “قد تكون الأسابيع الاخيرة فرصة لكي نفكر ملياً فيماً في ما، فهذا البلد يواجه تحديات كبيرة جدا لأننا نعيش في منطقة مشتعلة وهناك تدخلات كثيرة، ولذلك لا بد للبلد أن ينأى بنفسه، من هنا ستحصل مشاورات وسنرى نتائجها ونأمل أن يكون لكل الأفرقاء السياسيين موقف واضح فعلاً وليس قولاً”.
وأضاف: “سعد رفيق الحريري هو لكم وواحد منكم وسيبقى بينكم، وهذا المشوار بدأت به في العام 2005 ومستمر فيه معكم إن شاء الله، ونحن سنبقى هنا لكي نؤمن مستقبلاً أفضل لأولادنا. ولهذه الغاية لا بد أن نعمل معاً. هناك من يهوى العنتريات وإطلاق الخطب النارية ويعمل في الوقت نفسه لغايات شعبوية ومصالح خاصة وبعيدة كل البعد عن مصلحة الناس والوطن. أما أنا فمواقفي واضحة: هناك خلاف سياسي وضعناه جانباً في مرحلة من المراحل، والآن نطالب بالنأي بالنفس قولاً وفعلاً، ونريد أفضل العلاقات مع أشقائنا العرب”.
محاسبة داخلية
وسط هذه الاجواء برزت مواقف لشخصيات وثيقة الصلة بالرئيس الحريري تشير الى ان ثمة تداعيات نشأت عن مرحلة غياب الاخير خلال ازمة الاستقالة قد تليها ترتيبات داخلية ضمن محيطه كما ربما تنشأ عنها اهتزازات في علاقاته مع اطراف سياسيين. وتحدث وزير الثقافة غطاس خوري في هذا السياق عن ان الحريري “عاش تجربة صعبة مرة وقاسية وله الحق ان يقوم بمراجعة من حوله… وفي الوقت المناسب سيقوم بتغييرات ومن حقه ان يقوم بها وقد تشمل قريبين وبعيدين منه “. وقال في حديث تلفزيوني إن “الوفاء للحريري يتطلب ان لا نطعن بالظهر وكل من طعن بالظهر يعرف نفسه من دون ان نسميه وهم تصرفوا كأن الحريري انتهى وأرادوا البحث عن بديل منه”.
كما ان الامين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، وفي مقابلة اجراها معه موقع “النهار” الالكتروني أمس، لمح بدوره الى ان “هناك ملف محاسبة داخلياً في تيار المستقبل وهو في عهدة الرئيس الحريري ويتعلق بالاشخاص المنتمين الذين لعبوا أدواراً سلبية خلال الازمة الاخيرة “.واكد ان لا سقف زمنيا لتريث رئيس الحكومة.
الكتائب
الى ذلك، أسف مصدر كتائبي مسؤول لما صدر عن قائد الحرس الثوري الايراني من ان “نزع سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض”. وتخوّف من ان يكون هذا التصريح بمثابة وضع للعصي في دواليب المحاولات المحلية والاقليمية والدولية لاخراج لبنان من ازمته على قاعدة استعادة الدولة اللبنانية سيادتها على اراضيها بقواتها الشرعية الذاتية. وقال إن اللبنانيين كانوا قد بدأوا يرون بصيص أمل في ما يتم الحديث عنه من حوار داخلي أو مشاورات لمعالجة ملف سلاح “حزب الله” في موازاة الحديث عن تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية، ولكن يبدو ان هناك من لا يزال يصر على ابقاء لبنان ورقة يستخدمها في لعبة شد الحبال الاقليمية على حساب امنه واستقراره.
وأضاف: “ان ابقاء ملف سلاح حزب الله خارج اطر التفاهم بين اللبنانيين وخارج الاطر الدستورية والقانونية والشرعية يعني الاصرار على عدم قيام دولة قوية وقادرة وبالتالي الاصرار على ابقاء لبنان واللبنانيين وقودا في مهب الخلافات والصراعات بما لا يخدم الوفاق الوطني والتفاهمات الميثاقية التي قام لبنان على أساسها”.