21-10-2020 | 00:32 المصدر: النهار


الحاجة الى وصاية دولية
المصلحة الوطنية، نعم “الوطنية” إذا بقي لهذه الكلمة معنى عند طبقة حكم الفساد، تقتضي السرعة في كل المجالات: ولادة الحكومة، ترسيم الحدود، خطة الإصلاحات، استدراج المساعدات، التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على إنعاشات أولية للاقتصاد… معلوم أن وتيرة العمل، كما طبّقتها “حكومة حزب الله” طوال عام، كانت أقرب الى استدراج الانهيار منها الى استعجال المعالجة. انهمكت المنظومة السياسية بتدبّر بقائها وإحباط “ثورة 17 تشرين”، وتركت مواجهة الأزمة الى حكومة لا يتقن رئيسها سوى رطانة الكلام والبحث عن “مؤامرات”. لم تتمكّن المنظومة السياسية من إنهاء “الثورة” وأدّى فشلها المزمن والمستمرّ الى جعل كل لبنان وطناً لغضب مستعر في كل بيت. استطاعت المنظومة أن تبقى، تحالفت مع الإفقار والقهر، استعانت بقوّة الوباء الكوروني، وحاولت احاطة وقائع سرقاتها وفسادها بـ “حزام أمان”، لكنها وقعت في شراك الأزمة التي صنعتها وباتت على يقين بأن مستقبلها وُضع على المحك. حتى اللجوء الى بيئتها الطائفية لم يعد يؤمّن لها الاحتضان الآمن. فلا الطائفة ولا المذهب ولا “المقاومة” ولا السلاح ولا أي وصاية مؤهلة اليوم لإعادة انتاج شيء من الهيبة لأي حزب أو تيار. انظروا الى أوضاع “حزب الله”، رئاسة الجمهورية، مجلس النواب، الحكومة، والمؤسسات كافة. أو وسّعوا الأفق وانظروا الى أوضاع سوريا والعراق واليمن، بل إيران نفسها وما يُسمّى “محور الممانعة”. في لبنان، كما في البلدان الأخرى، فرضت إيران انتظاراً سقيماً لمن سيخرج من صناديق الاقتراع الأميركية، انتظاراً بلا جدوى لأن المطلوب أولاً وأخيراً تغيير في طهران، تحديداً في عقلية الحكم. أما التغيير في واشنطن فلن يلائم إيران إلا بمقدار استعدادها للتنازل ومراعاة المصالح الأميركية. وأما احتمالات “صفقة” ثنائية على حساب الأطراف العربية فلن تكون، في أفضل الأحوال، بمواصفات تتخيّلها طهران، التي لا تنفكّ تفقد مبرّرات نفوذها، بدليل التحوّلات ولو البطيئة في العراق. أكبر عناوين فشل “نظام حزب الله” في لبنان أنه انغمس بطائفيته التي لم تمكّنه من احترام الطوائف الأخرى، وذروة الادعاء والنفاق أن يدّعي العمل لـ “الغاء الطائفية” على قاعدة هيمنته استناداً الى طائفته وسلاحه. أما المؤشّران الأهمّ الى فشله أيضاً، فهما أولاً تهافته على استخدام ورقة ترسيم الحدود مع إسرائيل لاسترضاء لأميركا وضماناً لبقائه لا لأن في ذلك مصلحة للبنان، وثانياً عجزه عن مقاومة الواقع الذي فرض نفسه، إذ لن تقوم قائمة للبلد إلا بمساعدة ومواكبة خارجيتين يُفترض أن تتحوّلا الى وصاية دولية وليس وصاية إيرانية. يمكن الأمين العام لـ “الحزب” أن يضع شروطاً على المبادرة الفرنسية أو على خطط صندوق النقد الدولي أو إصلاحات الحكومة العتيدة، انطلاقاً من كونه صاحب سلطة، لكن بضاعته تكسد يوماً بعد يوم، وكلّما يعرقل انقاذ البلد كلّما يراكم خساراته.