ما أن أُعلِن الإتفاق المبدئي بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن – وعلى الأرجح ضمناً اسرائيل – على ترتيبات وقف النار في جنوب غرب #سوريا، بدأ المراقبون يتساءلون عما إذا كانت ايران، التي تضطلع بدور رئيسي في الحرب السورية، ستقبل بإنشاء منطقة جغرافية محمية دولياً تُبْقي القوات التابعة لها، ومنها خصوصاً ”حزب الله“، على مسافة لا يستهان بها من خط الفصل بين اسرائيل وسوريا حيث تنتشر قوة الأمم المتحدة لفك الإشتباك ”أندوف“ في مرتفعات الجولان.
نيويورك – علي بردى:
لبنان واسرائيل
أياً يكن هؤلاء ومهما يكن الأمر، ينظر الأطراف المعنيون في سوريا والمنطقة بعين الرضا الى وقف النار بدءاً من ظهر هذا الأحد ٩ تموز (بتوقيت دمشق) في المحافظات السورية الثلاث: درعا والسويداء والقنيطرة، لأنه يمكن أن يوافر أجواء مواتية لعودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين من كل من الأردن ولبنان الى مناطقهم بعد تحريرها من عناصر ”الدولة الإسلامية – داعش“ و“جبهة فتح الشام“ (”جبهة النصرة“ سابقاً) وغيرهما من الجماعات المنصفة إرهابية. ويصبح الأمر أسهل في هذه المنطقة بعد تطهير الموصل في #العراق والرقة ودير الزور في سوريا نفسها. يأخذ الحيز الإنساني بحق الكثير من الإعتبار في هذه الترتيبات على رغم تركيز البعض بصورة خاطئة على البعدين الأمني والعسكري فقط. بل أن هذه الترتيبات يمكن أن يكون لها أثر حاسم في سياق العملية السياسية الإنتقالية التي يجري الحديث عنها منذ بيان جنيف في حزيران ٢٠١٢ وما تلاه من إعلانات في فيينا وصولاً الى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأبرزها على الإطلاق الرقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥.
ومع أن البعض الآخر قد يغض الطرف عن ايجاد ”ممر جغرافي غير مقيّد من السلطات السورية“ عبر هذه المحافظات من لبنان الى الأردن، مع أنه يستاء من إقامة عازل مزدوج (منطقة الفصل في الجولان والمنطقة الآمنة في محاذاتها في الأراضي السورية) بين اسرائيل ومناطق نفوذ ايران في ما يحلو ويطيب لمناصري الرئيس الأسد أن يسموه ”سوريا المفيدة“.
فوائد سورية ولبنانية وإقليمية
أما الفوائد الفعلية للأطراف المعنية بالحرب، فهي:
– يغلق هذا الإتفاق من حيث المبدأ ”الجبهة الجنوبية“ للمعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، علماً أنها تقع عند خاصرة دمشق. ويستوجب الأمر فيها القضاء بصورة نهائية على بؤر انتشار عناصر الجماعات المنصفة إرهابية. ولكن من غير الواضح حتى الآن من سيتكفل هذه المهمة الصعبة والمعقدة، في ظل سريان وقف النار وايصال المساعدات الإنسانية. لروسيا وسائل اقناع مختلفة يمكن أن تمارسها على الرئيس بشار الأسد والقوى الداعمة له، بما فيها ايران التي تتمتع بهامش لا بأس به من الإستقلالية.
– وكذلك يمكن الأردن ودول عربية وغير عربية حليفة أن تقنع بعض الجماعات السورية المسلحة في هذه المنطقة بالموافقة على هذه الترتيبات. سيساعدها ذلك على إزالة أي لبس عن علاقاتها خصوصاً بـ“جبهة فتح الشام“ التي تصنف بأنها ارهابية في لوائح الأمم المتحدة.
– سيكون من الصعب على ”حزب الله“ أو أي قوة أخرى أن ”يقاوم“ هذا الإتفاق. ولذلك سيجد عناصره أنفسهم في وضعية التخلي عن النشاطات العسكرية أو الأمنية لهم في هذه المناطق.
– هذا ما سيكون بالتالي مرضياً لإسرائيل التي كانت متخوفة من وصول النفوذ الايراني المباشر الى حدود سيطرتها في مرتفعات الجولان، أو حتى في المناطق التي تحاذيها. لن تضطر الى المجازفة المباشرة بإقامة منطقة عازلة في قلب سوريا.
– يفترض أن يحقق الأردن مكاسب جمّة من توفير هذه الأرضية المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا، وبين العديد من الدول الإقليمية الأخرى، فضلاً عن فتح الباب لتحرك اللاجئين في اتجاه سوريا، عبر البادية وسهل حوران.
– أما لبنان فيمكن أن يحصد نتائج عديدة، أبرزها إبعاد ”حزب الله“ عن هذه المنطقة وتيسير تسوية أوضاع بعض المناطق على حدوده مع سوريا، وفتح ممر برى محمي دولياً للبضائع اللبنانية الى الأردن والعراق وأبعد منهما.
هناك استنتاجات أخرى يجري الحديث عنها بين الخبراء الدوليين والإقليميين في المنطقة. ويبدو أنها لن تتضح معالمها إلا بعد معرفة درجة التداخل بين هذه المرحلة من وقف النار في هذه المحافظات وما سيليها من إعلان حول مناطق تخفيف التصعيد في سوريا.