27-11-2020 | 00:00 المصدر: النهار


التفتيت عنوان العِقدَيْن، هل يمكننا إنقاذ لبنان؟
القراءة في ما تختبره المنطقة ليست معقّدة كما نصوّرها. فبعد أن وجّه #جورج بوش خطابه الشهير في آذار 2003 معلناً “الحرب على العراق”، بدأت رحلة #تفتيت العالم العربي السنّي. التفتيت لا يناقشه أحدٌ الآن على رغم أنّه أوصل العالم الإسلامي إلى أنظمة ضعيفة تحاول ترتيب أمورها الحياتيّة. العرب تلهّوا في ما إذا كان صدّام حسين يملك أسلحة بيولوجيّة، لكنّ القرار لم يكن له علاقة بهذه المسألة. من يومها غاص العرب في خلافات علويّة-سنّية في سوريا، وشيعيّة-سنّية في العراق، وسنّية–سنّية في ليبيا. نحن ننظر إلى البُعد المذهبي للصراعات ونتحمّس. هُم ينظرون إلى إنهاء الممانعة ودفن مقولة لا صلح، لا مفاوضات، لا استسلام. بالنسبة للبنان، التفتُّت الآن حاجة أميركيّة. نحن نحمّلهم مسؤوليّة ما يجري عندنا، لكنّنا نحن من أوصل البلد إلى حالةٍ تصلح للاستغلال. الوضع يساعد الاميركيّين على تجييش الناس ضد الحزب. حلفاء الحزب يساعدونهم على التنفيذ. فعدم قيام حكومة تشبه المبادرة الفرنسيّة، وهروب شركة الدقيق الجنائي هو تسهيلٌ للتفتيت. “#حزب الله” يُدرك ذلك ويَزينُ الأثمان، ويسأل نفسه عمّا يكلّفه أكثر: الانفصال عن الفاسدين، أم تحمّل الضغط الأميركي؟ استطاع الحزب أن يمون على أصدقائه بمحاربة إسرائيل، لكنّه عجز عن “المونة” في موضوع الفساد، في وقتٍ لا الدولة واعية لترتيب الأمور ولا هي قادرة على التغيير. هذا يُعطي فرصةً لمقاولي المنطقة لكي يتجاذبوا لبنان. الكلّ “محروق” وإن كان لا يصدّق. الرئيس المُكلّف يُدرك أنّ كبار العالم لا يريدونه نُسخةً عن شخصه السابق في الحكم. “حزب الله” غير مرتاح. هو يتفوّق في الحرب. في السلم أحماله ثقيلة. في المعركة يُبدع. في التفاوض الداخلي يضعُف. “ما حدا مرَيْحو” حتّى الحلفاء. بُنيتُه السياسيّة والاقتصاديّة فيها شيءٌ من الهشاشة الآن والحلول صعبة.
الحزب يُدرك أنّ الزعامات انتهى زمانها، وأنّها لن تكون في المرحلة المقبلة. نفوذها ضعف جدّاً. السياسيّون فاجأوا الحزب بهشاشتهم، لكنّه لايستطيع أن ينكرهم لأنّه سيصبح وحيداً في مواجهة أميركا. في خطابه السياسي يقول الحزب أنّهم “يطلبون منّا أن نحارب الفساد وهذا دور الدولة، نحن فقط مقاومة”. في خطابه تنازل عن أمور كثيرة كمحاربة الفساد والتفاوض في الناقورة. عندما يقول أحد نوّابه أنّ القضاء مسيّس، فهذه استقالة. منذ وقت مقتل جهادي لحزب الله في سوريّا، وإسرائيل تحاول جرّه لكنه لم ينجر. ليس الأمرُ ضعفاً، بل قراءة هادئة في الوضع. هو ينتقي المعارك. الحزب ثمّن موقف الوزير باسيل من أميركا، لكنه لم يُدافع عنه، ولا عن يوسف فنيانوس. الأمور إلى مزيدٍ من الاهتراء للأسف. وعندما تهترىء الأمور يحصل التغيير. #الانتخابات النيابيّة ستشهد تغييرات أساسيّة في كلّ مكان. عند الدروز والمسيحيّين والسنّة سيكون واضحًا. عند الشيعة، سيأخذ الحزب أشخاصا “ع الرايق”، يمثّلون الانفتاح، يستثمرهم الحزب وسيصغي لهم أكثر من الأول. أساسًا هو بدأ فعل ذلك. سنجد أسماء جديدة من غير قماشة الحاليّين على لوائح الأحزاب. التفتيت الذي بات في أمكنة كثيرة، يوازيه في أمكنة أخرى تطبيعٌ لا يقوى تاريخ لبنان عليه. التفتيت والتطبيع يتسابقان. وحدَه تغيُّر ذهنيّة الطبقة السياسيّة في التعاطي في موضوع الفساد يُنقذ لبنان. إذا لم يحصل ذلك، لن يكون الوضع لصالح السياسيّين أو لبنان.