15-03-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”
“التشكّل الإنساني للإسلام”.
محمود شريح
#محمد أركون [1938-2010] المفكّر الجزائري في كتابه “#التشكّل الإنساني للإسلام” [ترجمة هاشم صالح ، عن دار الساقي،2022 ، في 256 صفحة من القطع الكبير، مع ببليوغرافيا المؤلّف بالفرنسية] ، مقابلات مع رشيد بن زين وجان لوي شليجيل، قصّة المعركة المزدوجة لحياته كلّها على جبهتين: جبهة نقد العقل الإسلامي وجبهة نقد العقل الغربي، فعلى الجبهة الأولى استخدم أركون النموذج الفاعلي السيميائي الدلالي المعروف لغريماس وطبّقه على الخطاب القرآني للكشف عن بنيته اللغوية والمعنوية من الداخل، وهو النموذج القادر وحده على جعل العلاقة الكائنة بين اللّه والنبيّ واضحة حيّة، أي أنّ أركون موضعَ أصالةَ الإسلام أو ابتكاريته داخل كونيّة الأنثروبولوجيا الدينية. أمّا نقد أركون للعقل الغربي فينحصر في اعتباره أنّ للعقلانيّة الغربية تجليّات سلبيّة كامنة في العقلنة المُفرطة، ومن هنا إتفاقه مع فرويد وأدورنو وهوركهايمر.
لا يحرمُ أركون الإسلامَ من سرِّه الإلهي، لكنّه يعيد إليه إنسانيته، فإذا كان أرنست رينان اعتبر يسوع انساناً إلهياً، رأى أركون في القرآن إنسانيّة الإلهي.
احتلّ أركون موقفاً وسطاً بين ثقافتين، ذلك أنّه شكّل إستقلاليته الذاتيّة إنطلاقاً من هاتين الثقافتين، الإسلامية والفرنسية، إلّا أنه لم يكن هجيناً ثقافيّاً، ذلك أنه شكّل استقلاليته الذاتيّة انطلاقاً من هاتين الثقافتين، فكان منغرساً فيهما، ولم يكن محصوراً فيهما، فتجاوزهما عن طريق الإنتهاك والتخطّي، ومن هنا خصوبة فكره.
يشير رشيد بن زين و جان لوي شليجيل في تقديمهما لحوارهما المستفيض مع أركون إلى أنّ ألاخير هو المؤسّس لعلم الإسلاميات التطبيقية ، إضافة الى كونه الوريث الشرعي للنزعة الإنسانية العربية في القرن الميلادي العاشر، فما قاله عن الإسلام المعاصر لم يَرقْ قطّ السلطات الحاكمة في العالمين العربي والإسلامي، كما لم يَرقْ دعاة الإسلاموفوبيا في الغرب، إذ أنّه ازعج هاتين الجهتين.
الكتاب هنا مقابلات أسهمت في جعل أفكار محمد أركون و دراساته الأكاديمية سهلة التناول، وهي مجتمعة مقدّمة حقيقية لأنثروبولوجيا الإسلام، إضافة إلى اضاءات غير معروفة عن سيرته الذاتية وتكوينه الفكري ما قبل استقلال الجزائر ودراسته فيها قبل التحاقه بالسوربون واهتمامه بعلم التاريخ.
“التشكيل الإنساني للإسلام” سيرة أركون الحياتية والفكرية ومساهمته الأساسية في فهمه الإسلام في بنيته الأنثروبولوجية.
الكلمات الدالة